على الرغم من ارتباط ظاهرة المواطن الصحفي بشكل وثيق بالتطور التكنولوجي الحديث، إلا أن جذورها تمتد إلى بداية القرن العشرين. فقبل ظهور الهواتف الذكية والإنترنت، كانت هناك محاولات لتطوير وسائل إعلام تعاونية تعتمد على مشاركة المواطنين في عملية إنتاج المحتوى الصحفي. وقد ظهرت مصطلحات مثل 'الصحافة التشاركية' و'صحافة الشوارع' لوصف هذه الممارسات التي كانت تسعى إلى تمكين المواطنين من المشاركة الفعالة في الحياة العامة.
مُذَكَّرَاتُ جورنالجي بَيَّنَ عَصْرَيْنِ: السلطة الخامسة على طريق التأسيس والصحافة الورقية إلى زوال مؤكد لا شك فيه !
وعلى ذلك يعود مفهوم المواطن الصحفي إلى بدايات القرن العشرين، حيث ظهرت تجارب مبكرة لإنشاء وسائل إعلام تعاونية تعتمد على مشاركة الجمهور. وقد تطورت هذه المفهوم على مر السنين، حيث شهدنا ظهور الصحافة التشاركية والصحافة الديمقراطية، والتي كانت تهدف إلى تمكين المواطنين من لعب دور أكثر نشاطًا في عملية جمع الأخبار ونشرها. ومع تطور التكنولوجيا، اكتسب مفهوم المواطن الصحفي زخمًا جديدًا، حيث أصبح من السهل على أي شخص أن ينتج محتوى صحفيًا وينشره عبر الإنترنت.
مُذَكَّرَاتُ جورنالجي بَيَّنَ عَصْرَيْنِ: السلطة الخامسة على طريق التأسيس والصحافة الورقية إلى زوال مؤكد لا شك فيه !
يمكن تعريف دور المواطن الصحفي بأنه شكل بديل من أشكال الممارسة الصحفية، حيث يقوم الأفراد بجمع ونشر الأخبار بشكل مستقل خارج إطار المؤسسات الإعلامية التقليدية. يعتمد المواطن الصحفي في عمله على مصادر متنوعة للمعلومات، بما في ذلك مصادر غير رسمية، مما يوفر وجهات نظر مختلفة عن تلك التي تقدمها المؤسسات الإعلامية التقليدية التي غالبًا ما تعتمد على المصادر الرسمية. و يمارس المواطن الصحفي نشاطه الصحفي بشكل مستقل، خارج إطار المؤسسات الإعلامية التقليدية. ويتسم عمله بالمرونة والتنوع، حيث يمكنه تغطية قضايا لا تحظى باهتمام كافٍ من قبل المؤسسات الإعلامية الرئيسية. كما أنه يعتمد على مصادر متنوعة للمعلومات، بما في ذلك الشهادات الشخصية والوسائل الاجتماعية، مما يوفر وجهات نظر مختلفة عن تلك التي تقدمها الصحافة التقليدية.
مُذَكَّرَاتُ جورنالجي بَيَّنَ عَصْرَيْنِ: السلطة الخامسة على طريق التأسيس والصحافة الورقية إلى زوال مؤكد لا شك فيه !
وعلى ذلك يمثل المواطن الصحفي تحولًا جذريًا في مفهوم إنتاج ونشر الأخبار. فبدلاً من الاعتماد على الصحفيين المحترفين كمصدر رئيسي للأخبار، فإن هذا المفهوم يفترض أن أي شخص لديه القدرة على جمع وتوزيع المعلومات، مما يجعل الجمهور ليس مجرد مستهلك للأخبار بل منتجًا لها.
فلقد تحول مصطلح المواطن الصحفي من مصطلح نظري نسمعه إلى بشر من لحم ودم، أناس من مختلف الأعمار، شابات وشباب، كل منهم تحول، من دون قصد، إلى بديل للصحافة التقليدية.
مُذَكَّرَاتُ جورنالجي بَيَّنَ عَصْرَيْنِ: السلطة الخامسة على طريق التأسيس والصحافة الورقية إلى زوال مؤكد لا شك فيه !
لقد مهدت وسائل التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر، الطريق أمام ظهور ما يسمى بـ'صحافة المواطن'. فبفضل قاعدة مستخدمين ضخمة تقارب النصف مليار، أصبح بإمكان أي شخص أن يكون صحفيًا، حيث يمكنه إنتاج الأخبار ونشرها وتبادلها مع الآخرين في الحال، مما أحدث تغييرات جذرية في المشهد الإعلامي التقليدي. لكن مع ذلك من المهم التمييز بين مفهوم المواطن الصحفي ومفاهيم أخرى مثل الصحافة المجتمعية والصحافة التعاونية. فبينما يعتمد المواطن الصحفي على الأفراد العاديين لإنتاج المحتوى الصحفي، فإن الصحافة المجتمعية والصحافة التعاونية تتضمن مشاركة الصحفيين المحترفين. كما أن الصحافة الاجتماعية تشير إلى شكل أوسع من النشر الرقمي يجمع بين المحتوى المهني وغير المهني. وعلى ذلك فقد بفضل التكنولوجيا الحديثة، أصبحت الصحافة المواطنية في متناول الجميع. فقد جعلت الهواتف الذكية والإنترنت من السهل على أي شخص أن يلتقط الصور والفيديوهات ونشرها على نطاق واسع، مما ساهم في توسيع نطاق المشاركة في إنتاج الأخبار وتوزيعها.
مُذَكَّرَاتُ جورنالجي بَيَّنَ عَصْرَيْنِ: السلطة الخامسة على طريق التأسيس والصحافة الورقية إلى زوال مؤكد لا شك فيه !
ومن الأمثلة البارزة على تقارير الصحافة الشعبية من الأحداث العالمية الكبرى، زلزال هايتي عام 2010، والربيع العربي، وحركة احتلوا وول ستريت، واحتجاجات عام 2013 في تركيا، وأحداث الميدان الأوروبي في أوكرانيا، والحرب الأهلية السورية، واضطرابات فيرجسون عام 2014 وحركة حياة السود مهمة التي رًشحت للفوز بجائزة نوبل في عام 2021، وحتى تغطية طوفان الأقصى في غزة عام 2023 ثم سقوط دمشق وانهيار نظام بشار الأسد في نهاية عام 2024 . ولعل هذه الأمثلة على ما قام به المواطن الصحفي من تأثير يعطينا أدلة لا يمكن دحضها على التأثير الذي تركه المواطن الصحفي، ليس على الصعيد الإعلامي فحسب، بل في التأثير على الواقع، وظنى أن القادم من تطور في بنية وسائل الاتصال سوف يزيد من الدور الذي يؤثر به المواطن الصحفي ليس على المشهد الإعلامي فقط، بل وعلى الأرض أيضا، بل أن المواطن الصحفي قد تفوق على الصحفيين المهنيين في قدرته على التأثير في المجتمع بشكل أكبر من الصحفي المهني المنتمي لمؤسسة مهنية، وذلك لأن المواطن الصحفي ببساطة أكثر التصاقًا بالمجتمع الذي يعيش وسطه ويعبر عنه .
مُذَكَّرَاتُ جورنالجي بَيَّنَ عَصْرَيْنِ: السلطة الخامسة على طريق التأسيس والصحافة الورقية إلى زوال مؤكد لا شك فيه !
وعلى هذا يمكن اعتبار أن ما يقدمه المواطن الصحفي للمجتمع ليس مجرد وسيلة إيجابية للإعلام الجديد، بل يرونه أداة قوية للتعبير الحر عن الآراء، وممارسة حق الاتصال، وتحقيق الديمقراطية، والرقابة الشعبية. كما أن ما يقدمه المواطن الصحفي من محتوى يصل للجمهور عبر أدوات الإعلام الرقمي وسيلة فعالة للتغيير الاجتماعي، حيث يأخذ المواطن الصحفي على عاتقه مساعدة الفئات المهمشة على إيصال صوتها والمشاركة في القضايا العامة. كما يعزز العدل والمساواة من خلال كشف الظلم والفساد، ودعم الحركات الاجتماعية التي تسعى إلى تحقيق مجتمع أفضل.
ولعلنا هنا يمكن أن نؤسس لما يمكن أن نعتبره 'سلطة خامسة' تتفوق على 'السلطة الرابعة' (الصحافة التقليدية)، حيث يتمتع المواطن الصحفي بالاستقلالية وعدم الخضوع لسيطرة الإعلان والاحتكارات الإعلامية. كما يتميز بقدرته على تجاوز رقابة 'حارس البوابة' التقليدي، وخلق رأي عام عالمي يمكن أن يدعم فرص تحقيق السلام. وبذلك يساهم المواطن الصفي في تشكيل وعي المواطنين بالقضايا الدولية، ويشجعهم على التفاعل معها والمشاركة في إيجاد حلول لها. كما يمكن أن يلعب دورًا في الوساطة بين الأطراف المتصارعة، وتقديم منصة للحوار والتفاهم.
مُذَكَّرَاتُ جورنالجي بَيَّنَ عَصْرَيْنِ: السلطة الخامسة على طريق التأسيس والصحافة الورقية إلى زوال مؤكد لا شك فيه !
ولكن في نفس الوقت فعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة التي يحملها يقدمها المواطن الصحفي، إلا أنه يواجه بعض التحديات، مثل انتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، وانتهاك الخصوصية، والتنمر الإلكتروني. لذلك، يجب على المستخدمين أن يكونوا واعين بهذه التحديات، وأن يتعاملوا مع الإعلام الرقمي بحذر ومسؤولية. ويمكن القول أن الإعلام الرقمي قد منح المواطن الصحفي إمكانات هائلة للتغيير الإيجابي في المجتمع، وتمكين المواطنين، وتعزيز الديمقراطية، وتحقيق السلام. ولكن، يجب علينا أن نكون واعين بالتحديات التي تواجه هذا المجال، وأن نعمل معًا على مواجهتها والتغلب عليها.