ads
ads

ماجي قطامش تكتب: نصيب متأجل

ماجي قطامش
ماجي قطامش

فيه حكايات بتختفي من الذاكرة. لكن تفضل مستخبيه في حتة صغيرة من القلب،مستنية لحظة من القدر تصحيها من غير إنذار، كأن الزمن كلّه ما كانش غير فاصل إعلاني بين فصلين من نفس الحكاية.

هو كان فاكر إنها نسيت.

وهي فعلاً كانت نسيت.

مرت خمسٌ وعشرون سنة كاملة —

أيام وشهور وسنين بدّلت الملامح، كسرت حاجات، ورمّمت حاجات تانية.

كل واحد فيهم مشي طريقه ومشواره.

هو عاش حياة عادية من برّه، لكن ناقصة حاجات من جوّه

وهي عدّت في تجارب صعبة خلتها تنسى حتى شكلها وهي صغيره.

لحد ما في يوم عادي جدًا

القدر قرر يلعب لعبته.

قابلها صدفة، بس الصدفة كان فيها ترتيب أكبر من كل عقل.

كانت واقفة قدامه، بكل الرقة اللي كانت فيها زمان، بس بزيادة نُضج وجمال أنثى مكتمله الانوثه بنظره طفله عنيها بتلمع بضحكه بريئه كانت بتهز كيانه ما اتغيرتش كتير، بالعكس… أحلوت اكتر.

وشها أهدى، ونظرتها أعمق،وفي صوتها حاجة خلت قلبه يرجع يدق بنفس الطريقة القديمة وكأن الزمن ما مشيش .

هو اتخضّ.

مش من شكلها، لكن من إحساسه بيها.

الإحساس اللي فضل جوّاه سنين زي شمعه مطفية…

ولما شافها، النور رجع فجأة ليه من تاني .

كان بيبصّ عليها كأنه شاف الحلم اللي كان فاكره ضاع،

لكن القدر شاله له مؤقتًا.

هي لما شافته، اتسعت عينيها بدهشة حقيقية.

ضحكت بخجل وقالت له:

«حاسه إني عارفاك كويس… كأننا اتقابلنا قبل كده!»

وهو ابتسم، ابتسامة فيها وجع وحنين وفهم.

هي اتفاجئت بنفسها.

اتخضّت من السرعة اللي قلبها فيها ارتاح له.

من الدفء اللي جري في روحها أول ما شافته.

كانت فاكرة إنه صديق قديم لاكن إحساسها بيه كان غريب وكأن عقلها ما كنش متحمل كل الي هي مرت بيه ونسيت حاجات كتير في حياتها ،

لكن الغريب إن قلبها افتكر قبل عقلها.

واللي ما كانتش فاكرها بعقلها… حست بيه بقلبها.

هو، على عكسها، ما استغربش.

كان فاهم.

فاهم ليه اتأثر كده، وفاهم إن ده مش حنين لحب قديم…ده حب عمره ما راح، بس اتأجل لوقته الصح.

قعدوا يتكلموا عن كل حاجة كانت زمان فضل يفكرها بكل حاجه ، هي ناسيه لاكن حاسه .

فضل ينشر حاجات وأغاني علي صفحته تقول الي هو مش عارف يقوله .

واتقابلو تاني وهي بتحكي، وهو يسمع، بس مش بأذنه — بقلبه.

كل ضحكة ليها كانت بترجع له عمر بحاله.

ضحكتها ما اختلفتش، بس فيها نغمة نضج، نغمة ست عارفة يعني إيه الخسارة، ويعني ايه خزلان وعارفة كمان إن الحياة رغم قسوتها، لسه فيها مكان للحب لما يكون صادق.

هو شافها بعين مختلفة المرة دي.

زمان كان بيحبها بحماس، دلوقتي بيحبها بحكمة، لاكن بنفس دقه القلب، كان بيخاف يفقدها،

دلوقتي بيشكر ربنا إنه رجّعها ليه بعد ما عرف قيمتها.

هو ما نسيش يوم.

ما نسيش صوتها، ولا طريقتها، ولا حتى صمتها.هو كان حافظها

هو بس كان ساكت جواه، مستني اللحظة دي،

كأن قلبه كان بيقول: “معقول رجعتلي تاني”.

لكن هي؟

هي كانت محتارة.

مش فاهمة إزاي قلبها لسه بيفكر بلغة قديمة.

إزاي حست بالطمأنينة دي بعد كل التعب.

كانت حاسة إنها اتحرّكت ناحية حاجة مش فاكرة تفاصيلها…

بس جسدها وروحها افتكروها قبل ما عقلها يلحق.

والأغرب إنها ما خافتش.

اتقرّبت أكتر، واتكلمت أكتر،

وكأنها كانت بتعوض سنين صمت نسيها عقلها بس قلبها فاكرها بالحروف.

وفي لحظة صمت بينهم، بصّ لها، وشاف الزمن كله بيمشي قدامه في لقطة واحدة.

وقال في سره:

“اللي بينا ما كانش صدفة… بس كان ناقص نضج.

وربنا شايف إن الوقت ده هو الصح.”

سكتوا، لكن السكون بينهم كان مريح.

ما احتاجوش يشرحوا ولا يفسّروا.

كل حاجة كانت بتتقال من غير كلام.

يمكن ده معنى “الحب الناضج”…

مش اللي بيغلي، لكن اللي يدفّي.

وهنا بدأ السؤال الحقيقي، اللي ملوش إجابة سهلة:

هل ربنا رجّعهم يتقابلوا تاني علشان حكمة معينة؟

هل فعلاً النصيب ممكن يتأجل… لحد ما الناس تنضج؟

هل كان لازم السنين والوجع والبعد علشان يعرفوا معنى وجودهم في حياة بعض؟

ولا ربنا كان شايل اللقاء ده لتوقيت هو الوحيد اللي عارف إنهم محتاجينه فيه؟

يمكن مفيش حد يعرف الإجابة.

بس المؤكد إن القدر لا يخطئ مواعيده،

وإن في حكايات بتفضل على قيد الحياة…

حتى لو العقل نسيها،

القلب دايمًا فاكرها.

أوعي تسأل ربنا ليه التأخير لأنه وحده من يعلم

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً