أحمد الأطرش يكتب: «الانحلال».. ليس تحضر ولا مدنية

أحمد الأطرش
أحمد الأطرش

التحضر.. المدنية.. معتقدات أخذ بها الكثير من العرب نقلًا عن الغرب، وذلك عن طريق تقليدهم والأخذ بمظاهرهم ومتابعة أفعالهم الساذجة، دون النظر إلى ناتج ذلك أو دون إدراك معنى التحضر والمدنية بمعناه الصحيح، ما أدى إلى ظهور التحلل الخلقي، وانتشار الانحلال والفساد في الوطن العربي.

بدأ انتشار تلك المعتقدات شيئا فشيئا حتى فشت بشكل غريب، داخل المجتمعات العربية التي بنيت على القواعد المنهجية، للقيم والمبادئ والأخلاق..

ولاشك في أن ظهور تلك المعتقدات وانتشارها بكل سهولة، وتأثيرها على الشعوب الشرقية، هو انخداع بعض المسلمين وتأثرهم بالمنصرين، وكان من أهم تلك العناصر التي ساعدت على تفشي المظاهر الغربية.. استعانة بعض المسؤولين والمؤسسات من المسلمين بعلماء غربيين في شتى المجالات وبعضهم في مجال التوجيه والمسؤولية، وغير ذلك من البعثات التي كانت يقوم بها بعض رواد البعثات كرفاعة الطهطاوي، لنقل العلوم التطبيقية والفنية والأدبية، وغيرها من علوم الفلك، والطب، والفنون الهندسية، بعدما كان العرب هم الذين بيدهم زمام الأمور في التحكم بتلك العلوم وممارستها على أكمل وجه.

ولكن مع تقلب الأيام وتبادل العصور، وتغير أنشطة الحياة، أخذ الغرب تلك العلوم وقاموا بدراستها بحبكة دقيقة، ما جعلهم يسيطرون على العرب ويمتازون عليهم، حتى لم يكتفي الأمر بأخذها والعمل عليها، بل جعلوها سلاح ذو حدين، لاستغلال نقطة ضعف العرب والعمل على الغزو الفكري وتفريغ معتقداتهم، والعمل على تفريقهم وتشتيت أفرادهم ومجتمعاتهم، وعدم امتثالهم بالقيم والمبادئ التي نص عليها المنهج الأخلاقي، ما يعمل على هدم قوتهم الدفاعية وتهيئتهم عقليا وجسديا لاستيعاب ما يقوم به الغرب والعمل به..

بالفعل نجح الغرب في نشر مظاهرهم بالبلاد الشرقية، وهو ما يشهده الواقع المعاش، من فتح حانات الملاهي والخمور، وظهور الأغاني الساذجة، التي قام بأدائها كل من تأثر بتلك المظاهر وأخذ بها وجعلها من مظاهر التحضر والمدنية، ولم يكتفي الأمر بانتشار تلك الظواهر العامة، بل تطورت إلى أن جعلت الشعوب يبتعدون عن الأصالة والالتزام بالقيم والمبادئ والأخلاق المنهجية التي نص عليها الدين، كإثارة بعض القضايا ومهاجمة الإسلام من خلالها كقضية إجازة الزواج بأكثر من واحدة وحق الطلاق للرجل والحجاب ومنع الاختلاط وحقوق المرأة، والتمسك بملابسهم العارية والمشي بها في الطرق العامة، وانفتاح الحياة بين الرجل والمرأة والمساواة بينهم في كل الأمور، وكل ذلك تحت منطلق "حرية شخصية" التي أتاح للجميع التصرف بكل ما يأتي من أخطاء وأفعال وأقوال خارجة عن النص.

فلا تكونوا من أتباع التقليد الأعمى المذموم والمكروه والمنهي عنه في الإسلام، ولا تقتدوا بمن هم ليسوا أهلًا أن يكونوا قدوة ومثالًا حسنًا يحتذى بهم في التحضر والمدنية، فإن هذا التقليد هو الذي يوصل الناس للهاوية..

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً