في الأسبوع الماضي اجتاحت أسراب من الجراد المهاجرة الصحراوي الهند والأرجنتين وعدة دول أخرى،إن طفرات الجراد الصحراوي ليست ظاهرة جديدة. فالجراد هو واحد من أقدم الآفات المهاجرة في العالم، التي تعيث فسادا في المحاصيل في جميع أنحاء العالم منذ عدة قرون. عندما تنتشر أسراب ضخمة في العديد من البلدان وتنتشر عبر عدة مناطق أو قارات، يصبح الجراد طاعونًا، ويمكن لطاعون الجراد الصحراوي، وهو أكثر أنواع الجراد تدميراً على الإطلاق، أن يؤثر بسهولة على 20 % من أراضي الكوكب، مما قد يلحق الضرر بسبل عيش عُشر سكان العالم ويؤثر تأثيراً خطيراً على الأمن الغذائي.
ماهو الجراد الذي يهدد ملايين البشر؟
الجراد الصحراوي هو نوع من الجنادب – ولكن أكثر تدميراً بكثير من الأنواع العادية التي تقطن البساتين، يعد الجراد جزءً من مجموعة كبيرة من الحشرات تسمى عادة الجنادب، لكن يختلف الجراد عن الجنادب، فهو يستطيع تغيير سلوكه وعاداته ويمكن أن يهاجر على مسافات طويلة، يمكنه تشكيل أسراب كثيفة تتحرك بسرعة، ويمكن أن يطير بسرعة تبلغ 150كلم في اليوم، عندما تكون الرياح المواتية.
اقرأ أيضاً: البرازيل تعلن حالة الطوارئ بعد غزو الجراد
يمكن أن تلتهم هذه الأسراب كميات كبيرة من النباتات والمحاصيل. ويمكن أن يتراوح انتشار أسراب الجراد من أقل من كيلومتر مربع واحد إلى أكثر من 000 1 كيلومتر مربع. ويشمل كل كيلومتر مربع من السرب ما بين 40 مليون وأحيانا ما يصل إلى 80 مليون من الجراد البالغ، ويمكن للجراد التهام كميات كبيرة من النباتات كل يوم. لذلك من السهل أن نرى الأثر الذي يمكن أن يحدثه غزو الجراد على الأمن الغذائي في المناطق المتضررة،إذا حدث غزو الجراد هذا، يستلزم عدّة سنوات ومئات الملايين من الدولارات للسيطرة عليه.
وخلال فترات الهدوء، والمعروفة باسم الركود، عادة ما يقتصر الجراد الصحراوي على الصحاري شبه الجافة، ويشمل ذلك أجزاء من أفريقيا والشرق الأدنى وجنوب غرب آسيا التي تتلقى أقل من 200 ملم من الأمطار سنوياً. وهي مساحة تبلغ حوالي 16 مليون كيلومتر مربع، تتألف من حوالي 30 بلدا،غير أن الجراد الصحراوي قد ينتشر خلال الغزو على مساحة هائلة تبلغ نحو 29 مليون كيلومتر مربع، ويمتد فوق 60 بلداً، أو إلى أجزاء منها، ويأكل سرب صغير من حجم كم2 واحد كمية من الطعام في يوم واحد تعادل ما يتناوله 35 ألف شخص.
اقرأ أيضاً: أسراب ضخمة من الجراد تجتاح مدينة هندية.. والسلطات تنصح بغلق النوافذ وطرق الأواني (فيديو)
ويستطيع سرب صغير واحد (1 كم2) في يوم واحد تناول كمية من الطعام تعادل ما يتناوله 35 ألف شخص، إذا لم يتم احتواء أعداد الجراد، فإن تأثيره على المحاصيل والنباتات سيؤدي إلى زيادة الجوع في المناطق التي تعاني بالفعل من ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي، ويمكن أن يؤدي غزو الجراد الصحراوي إلى انخفاض كبير في الإنتاج الزراعي والغذائي، وأن يستنزف مخزونات الأغذية ويخلق مخاطر كبيرة على أمن السكان الغذائي.
هل الجراد يشكل تهديد للأمن الغذائي؟
يشكل الجراد تهديدا رئيسيا للأمن الغذائي للناس وقدرتهم على إعالة أنفسهم. لكن يمكن لمعارف المنظمة وخبراتها الطويلة الأمد، بالعمل مع البلدان والقدرات الوطنية، أن تساعد المجتمعات المحلية على الاستعداد والتصدّي، بما يضمن استمرار تمكننا من تحقيق هدفين أساسيين من أهداف التنمية المستدامة، هما القضاء على الفقر (الهدف 1 من أهداف التنمية المستدامة) والقضاء على الجوع (الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة).
اقرأ أيضاً: أسراب من الجراد تغزو مدينة هندية .. طيرا أبابيل
الجراد يضرب الهند بقوة
أدت موجة هجمات من الجراد الصحراوي إلى تدمير ما يقرب من 50 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، في غرب الهند ووسطها، وهذه هي أسوأ هجمة جراد تواجه البلاد منذ أكثر من 3 عقود، واستدعت إرسال طائرات من دون طيار وجرارات زراعية وسيارات لتعقب هذه الحشرات الشرهة ورشها بالمبيدات الحشرية.
وحذر الخبراء من أن الوضع قد يزداد سوءا مع توقع وصول المزيد من أسراب الجراد إلى الهند عبر باكستان في يونيو المقبل،ووفقا لوكالة 'أسوشييتد برس'، فقد كانت ولاية راجستان بوسط البلاد الأكثر تضررا، حيث تهاجم الملايين من حشرات الجراد المحاصيل منذ أبريل.
ووصلت أسراب الجراد مؤخرا إلى مناطق لم يسبق رؤيتها فيها، وشوهدت وهي تشق طريقها عبر مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في ولايات البنجاب وماديا براديش وغوجارات أيضا.
وقال كيه إل غورجار، المسؤول البارز في منظمة الإنذار من الجراد في الهند: 'الوضع مثير للقلق. لكننا أكثر قلقا من تكاثرها. إذا حدث ذلك قد يتسبب ذلك في تدمير مناطقنا الزراعية'.
وقال غورجار إن الهند لم تشهد أسرابا من الجراد بهذا الحجم منذ عام 1993، وأن أعداد الحشرات سريعة التكاثر يمكن أن تنمو بشكل كبير قبل أن يحد الطقس الجاف من انتشارها.
وأشار إلى أن درجات الحرارة العالية هذا العام ساعدت الجراد على الانتشار بسرعة أكبر، وإذا لم يتم السيطرة عليها فإنها قد تشكل ضررا بالغا لإمدادات الغذاء في الهند.
ويلجأ المزارعون الغاضبون إلى الوسائل التقليدية، من الطرق على الأواني أو الصفير أو إلقاء الحجارة، في محاولة لإبعاد الجراد، وإشعال النيران في بعض الأحيان لطرده بالدخان.
اقرأ أيضاً: الحكومة:لا صحة لانتشار أسراب من الجراد الأسود بالحدود المصرية
الجراد يغزو البرازيل ويهدد المحاصيل الزراعية
عرضت الأرجنتين الواقعة فى أمريكا الجنوبية، لغزو ضخم من أسراب الجراد، حيث راح يفتك بكل ما فى طريقه،قالت وزارة الصحة الأرجنتينية، إن سرب 15 كيلو متر يحتوى على حوالى 40 مليون جرادة، تغزو البلاد، وتتجه إلى البرازيل، وتهدد المحاصيل الزراعية فى بلدان أمريكا الجنوبية.
وبحسب الوزارة، فأن الجراد الصحرواى جاء من باراجواى واستقر فى شرق الأرجنتين، ويهدد الانتقال إلى البرازيل، مشيرة إلى أن الآفة دخلت الأرجنتين فى مقاطعة فورموزا واستقرت هناك بشكل دائم، وبدأت تتقدم نحو المقاطعات الآخرى، من خلال الرياح القادة من الشمال.
وترى منظمة الأغذية والزراعة أن 'أفضل طريقة لمكافحة الجراد هى الرش الجوى ومراقبته'، مشيرة إلى أن الجراد الصحراوى يعتبر أكثر الآفات المهاجرة تدميرا فى العالم، ويمكنها السفر لمسافة 150 كيلومتر فى يوم واحد، ومن الممكن أن سحابة واحدة من ذلك الجراد يأكل طعام يكفى لـ 35 ألف شخص.
وأشارت إلى أن وزارة الزراعة قررت إعلان حالة الطوارئ فى ولايتى ريو جراندى دو سول وسانتا كاتارينا، كما تستعد لخطة لمكافحة الحشرة واعتماد تدابير طارئة آخرى لحماية المناطق الزراعة فى كلتا الوكالتين، المعروفتين بإنتجاهما للحبوب.
الجراد يهدد 5 ملايين بالجوع
قالت لجنة الإنقاذ الدولية إن أخطر تفش للجراد الصحراوي منذ 70 عاما قد يؤدي بنحو 5 ملايين شخص في شرق أفريقيا إلى شفير المجاعة، في الوقت الذي تكافح فيه العديد من بلدان المنطقة بالفعل لإدارة انعدام الأمن الغذائي الناجم عن جائحة فيروس كورونا المستجد.
وذكر تقرير نشره موقع المنتدى الاقتصادي العالمي أن الجراد الآن يدمّر محاصيل تشكل شريان حياة لسكان هذه المنطقة.
وأشار إلى أن السرب الذي ينتشر في كيلومتر واحد يستطيع أكل الإمدادات الغذائية لنحو 35 ألف إنسان في يوم، وهو قادر على الطيران لمسافة 150 كيلومتراً في اليوم.
وتأتي كينيا وأوغندا وجنوب السودان وإثيوبيا والصومال وإريتريا وجيبوتي بين أكثر الدول الأكثر تضرراً، والتي ستعاني الأمرين من كورونا والجراد.
ويعاني واحد من بين كل 5 أشخاص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في منطقة يبلغ حجمها 5.2 مليون كيلومتر مربع، وفق بيانات الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية.
ويعيش الجراد الصحراوي لمدة 3 أشهر حيث يفقس بيضه وتتضاعف أعداده بنحو 20 ضعفاً مع كل جيل جديد، و400 ضعف بعد 6 أشهر، و8000 آلاف مرة بعد 9 شهور.
منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) قالت إن التخلي عن مواجهة الجراد سيحول دون السيطرة عليه، وقد تتطلب لمكافحته سنوات ومئات ملايين الدولارات كي تتعافى المناطق التي ستتضرر منه.
وتوقعت المنظمة خسارة 50-70% من محاصيل الحبوب في أسوأ الحالات، أو على الأقل 20-30% في أفضل الحالات.