انتقادات جديدة للحكومة، ومناقشات حادة، واستجوابات هجومية، هذا هو لسان حال البرلمان الجديد، الذي بدأ أولى جلساته بمناقشة أبرز السلبيات والقصور لرئيس الحكومة ووزرائه في برنامج «مصر تنطلق 2018-2022»، ويبدو أن المجلس الحالي جاء ليسدل الستار عن عصور البرلمان المظلمة صاحبة الأبواق الكاذبة والكلمات الرنانة المعسولة حتى الجلوس تحت قبة المجلس، فلا يوسع المرشح سوى النوم في جلساته، ولا يهمه ما آلت إليه دائرته الانتخابية وما تعانيه من مشكلات.
وجاء الرئيس عبد الفتاح السيسي ليضع حدًا لكل هذه التجاوزات، بتعيين مجلس للشيوخ ليصبح عونًا لمجلس النواب؛ ليعود عصر برلماني يحرص على خدمة المواطنين، ولا يهاب أحدًا.
ووصل الأمر لتقديم أول استجواب لهشام توفيق، وزير القطاع العام، الذي تعرض لهجوم شديد من النائب المخضرم مصطفى بكري بسبب تصفية شركة الحديد والصلب المصرية في حلوان واتهامه له بأنه السبب الرئيسي في توقفها وتصفيتها، مما سيوثر على إنتاج خام الحديد في مصر، وبطالة 7500 من أمهر العمال والفنيين، مؤكدًا على مخالفة الوزير لتعليمات الرئيس السيسي الذى طالب بتشجيع الصناعة الوطنية.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل بدأت المشاحنات الكلامية، والسجال الحاد بين الأغلبية البرلمانية، وذلك بسبب قانون إنشاء صندوق تكريم شهداء ومصابى العمليات الإرهابية، ونقدم من خلال التقرير الآتي أبرز ما ناقشه المجلس، اليوم الأحد الموافق 17 يناير 2021، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس، وذلك في دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الثاني.
الموافقة على اتفاقية منحة المساعدة بين مصر وأمريكا بشأن الحوكمة الاقتصادية الشاملة
كما وافق مجلس النواب، اليوم، على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 643 لسنة 2020 بشأن الموافقة على اتفاقية منحة المساعدة بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية بشأن الحوكمة الاقتصادية الشاملة، الموقعة في القاهرة بتاريخ 30/9/2019.
وتهدف الاتفاقية إلى التركيز على الأنشطة التي تُعزز الشمولية والشفافية في نظم الحوكمة المصرية والمتمثلة في كل من الحوكمة الاقتصادية، والمحاكم الاقتصادية، وتمكين المرأة والفتيات، ودعم المجتمعات المهمشة.
وجاءت الموافقة لتطابقها مع الدستور والقانون، وتتضمن مادة وحيدة مفادها 'ووفق علي اتفاقية منحة المساعدة بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية بشأن الحوكمة الاقتصادية الشاملة، الموقعة في القاهرة بتاريخ 30/9/2019.
«البرلمان» يستدعي الحكومة للمساءلة
وبدأ المجلس في الكشف عن عدد من السلبيات والملاحظات والقصور في تنفيذ برنامج الحكومة «مصر تنطلق 2018-2022»، والذي حازت به الحكومة على ثقة مجلس النواب طبقًا لما ورد به؛ إعمالاً
للمادة 146 من الدستور، والمادة 126 من اللائحة الداخلية، وذلك في ضوء التقرير المقدم منها عن تنفيذ البرنامج في الفترة من 7/2018 حتى 6/2020، لذا فقد قررت اللجنة العامة استدعاء رئيس مجلس الوزراء والوزراء لعرض موقف كل وزارة من تنفيذ البرنامج عملاً بالمادة 136 من الدستور، والمادتين 26، 27 من اللائحة الداخلية، وذلك في جلسات عامة متتالية على النحو الذي سوف يحدده مكتب المجلس، ويخطر به مجلس الوزراء.
أول استجواب بمجلس النواب اعتراضا على تصفية شركة الحديد والصلب
وتقدم مصطفى بكرى عضو مجلس النواب بأول استجواب إلى المجلس فى دورته الجديدة حول مسئولية الحكومة وتعمدها عدم إصلاح أو تطوير شركة الحديد والصلب المصرية بحلوان، واتخاذ قرار بتصفيتها من خلال الجمعية العمومية والتى انعقدت فى 11/1/2021.
وقال بكرى فى استجوابه المقدم ضد وزير قطاع الأعمال والمدعم بالوثائق والمستندات، إن الشركة التى تأسست عام 1954 جرى تصفيتها بقرار غير منصف ينطلق من العداء الشديد لوزير قطاع الأعمال الحالى لشركات قطاع الأعمال العام.
وأضاف النائب فى استجوابه الأول أن الوزير الحالى لم يزر الشركة حتى اليوم، وقد تعمد إفشال كافة خطط التطوير المقدمة ورفض إلزام شركة النصر لإنتاج الكوك بتقديم الفحم اللازمة لإنقاذ شركة الحديد والصلب مما تسبب فى تراجع إنتاجها بطاقة لا تزيد عن 10%، مؤكدًا إن الشركة لم تتوقف عن البحث عن كافة سبل التحديث والتطوير وقدمت حلولًا موضوعية تقضى بتشغيل الأفران إلا أن كل ذلك ذهب أدراج الرياح أمام تصميم وزير قطاع الأعمال على تصفية الشركة لتلحق بالشركة القومية للأسمنت التى جرى تصفيتها فى عهد الوزير الحالي، مستشهدًا بمواقف الوزير السياسية من القطاع العام وانتقاده لسياسة الدولة فى دعم الشركات الحكومية حيث طالبها ببيع كل هذه الشركات وتحويل أراضيها إلى مساكن عقارية.
وقال بكرى: إن الوزير يخالف تعليمات الرئيس الذى طالب بتشجيع الصناعة الوطنية، خاصة صناعة الحديد والصلب والأسمنت والسيراميك كما هو مصرح خلال لقائه برئيس الوزراء وعدد من الوزراء فى 15/12/2020، مضيفًا بالقول: 'إن خطة الوزير بدأت بفصل المناجم والمحاجر عن الشركة وعندما رفض مجلس الإدارة ذلك فى جلسة 14/9/2020 قام الوزير باستدعاء المجلس والضغط عليه، وعندما رفض المجلس هدم الشركة أصدر الوزير تعليماته لرئيس الشركة القابضة للصناعات الهندسية بتغيير مجلس الإدارة وصدر قرار الإقالة عقابًا لأعضاء المجلس على موقفهم'.
وأضاف عضو مجلس النواب: هكذا تعمد الوزير توظيف كل أدواته وسلطاته ليس من أجل الإصلاح، بل من أجل هدم شركة تضم 7500 من أمهر العمال والفنيين، تم تأسيسها منذ أكثر من 67 عامًا، مشيرًا إلى أن الوزير يسعى إلى بيع الحديد والصلب خردة، وبيع أراضيها لتصبح مساكن عقارية بدلًا من السعى لإصلاحها، مطالبًا بسرعة تحديد موعد للاستجواب لخطورة القضية ولوقف تنفيذ قرار التصفية المتعمدة لواحدة من أكبر الشركات فى منطقة الشرق الأوسط.
سجال حاد بين الأغلبية البرلمانية وموافقة على صندوق تكريم الشهداء
شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب، اليوم الأحد، حالة من السجال الحاد بين النائب محمد عبد العليم داوود، والنائب أشرف رشاد رئيس الأغلبية البرلمانية، بسبب قانون إنشاء صندوق تكريم شهداء ومصابى العمليات الإرهابية الذي يناقشه المجلس اليوم.
وبدأ الأمر من جانب رئيس الأغلبية النيابية أشرف رشاد، حين قال فى كلمته، إن هناك بعض الكلمات لا يمكن أن تمر مرور الكرام داخل قاعة النواب، ولايمكن أن تذكر في المضبطة دون الرد عليها أو تعقيب، مضيفًا أن الدولة والنواب وكافة الجهات لا تخدع أسر الشهداء بتعويضات وهمية، موضحًا أن هذه حقوقهم الأصيلة التي يفرضها علينا المجتمع المصري نحوهم.
وتابع موجهًا حديثه للنائب عبدالعليم داوود: 'النائب وضع تاريخ محدد وقال إن كل ما قبل هذا التاريخ هو السبب في وجود الإرهاب، وحقيقة لا يمكن أن يتم تمييز الإرهاب بالتاريخ وإنما تمييزه بوجود الكيانات الإرهابية وهى جامعة الإخوان الإرهابية ومن يعاونهم من العناصر الإرهابية والمتطرفة'.
وهو ما رد عليه النائب محمد عبد العليم داوود حيث قال: 'أنا لا أتفضل على الشهداء، وتحية لكل مواطن مصري دفع ثمن إرهاب وفساد حزب ظل مستمرا 30 عامًا، وأنا أصر على موقفي، وهذه كانت حملتي ضد الوزراء والمحافظين قبل ثورة يناير'.
بدوره عقب النائب أشرف رشاد، على انتقاد داوود قائلاً: 'وفقا لنظام الديمقراطية فمن حقك أن تقول ما تريد ونحن من حقنا التعقيب واحنا قلنا اللى عاوزينه'، مضيفًا فى تعقيبه على محاولات داوود للتعقيب: 'أنا رجل هادئ وصوتي منخفض وأدائي ليس مسرحي'.
وشدد داود خلال الجلسة العامة اليوم، على أن عدم سقوط شهداء جدد مرتبط بحالة وعي مجتمعي يجب أن ترتفع لمحاربة الإرهاب، كما يجب توسيع دائرة الوعي في المجتمع، ويجب أن يكون هناك إعلام يتخلص من التضليل، وأن يقدم محتوى يحترم عقل المشاهد.
وتابع: 'أقول ما أذكره الآن كما قلته قبل 25 يناير، وحديث النواب وقتها كان صحيحًا، ومثلما حذرنا من الأموال التي تم تهريبها للخارج، نحذر الآن من العقارات والأراضي التي تم الاستيلاء عليها من الدولة، وكلها أمور وثيقة الصلة بمحاربة الفساد والإرهاب'.
ووافق المجلس على مشروع قانون مُقدم من الحكومة، بتعديل بعض أحكام قانون إنشاء صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودى ومصابى العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم الصادر بالقانون رقم 16 لسنة 2018، في مجموع مواده، فضلا عن عدد من الاتفاقيات الدولية.
وأرسل مجلس النواب مشروع القانون إلى مجلس الدولة لأخذ رأيه فيه، ويعد هذا المشروع أول مشروع قانون يوافق عليه مجلس النواب خلال دور الانعقاد الحالي.
وأكد التقرير البرلماني، أن فلسفة مشروع القانون تهدف إلى زيادة موارد الصندوق المنشأ وفق أحكام القانون رقم 16 لسنة 2018، وذلك نظرًا للالتزامات العديدة التي نص عليها القانون ومنها توفير أوجه الرعاية والدعم في كافة مناحي الحياة لأسر الشهداء والضحايا والمفقودين، ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم، مثل توفير فرص الدراسة فى كافة مراحل التعليم، وتوفير منح دراسية بالمدارس والمعاهد والجامعات، وكفالة استمرار اتمام الدراسة بالتعليم الخاص للملتحقين به بالفعل، وتوفير فرص عمل للمخاطبين بأحكام القانون، وتقديم الخدمات الصحية المناسبة لهم، وتمكينهم من ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية، وتوفير فرص الحج للمصاب ولوالدى أو زوج الشهيد أو الضحية أو المفقود، وغير من ذلك من الخدمات التي نص عليها القانون، وذلك كله بخلاف صرف مبلغ التعويض المقرر للمستحقين ومكافآت الوسام المنصوص عليها بالمادة 14 من ذات القانون.
وأشار التقرير إلى تعزيز موارد الصندوق وذلك من خلال المشاركة المجتمعية وزيادة الوعى لدى العاملين بالدولة وغيرهم بدورهم فى ضرورة تحقيق التضامن والتكافل الاجتماعى الذى نص عليه الدستور فى المادة (8) منه، لهذا أصبح من الضرورى إجراء تعديل تشريعى على القانون لدعم موارد الصندوق.