<< مساكن الوحدة العربية قابلة للاشتعال
<< جلود ومواد ملتهبة بلا إجراءات للسلامة الصناعية والحماية المدنية
فجر حريق عقار فيصل، أزمة العقارات السكنية التي تحوي بداخلها أنشطة تجارية وصناعية داخل التكتلات السكنية، وهوما يُنذر بتكرار الكارثة، التي بدأت بماس كهربائي تسبب في اشتعال النيران في مخزن أحذية كبير، ووصل الحريق من البدروم إلى الطابقين الثاني والثالث ثم امتدت إلى باقي العقار، وفشلت كل محاولات السيطرة عليه، إلى أن تم اتخاذ قرار من قبل المسؤولين بترك العقار حتى يسقط مكانه، ثم صدر قرار بهدمه
عقار فيصل لن يكون الأخير طالما أن أسباب الكارثة تتكرر وموجودة بالفعل، وهوما تحدث عنه الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال مداخلة هاتفية في أحد القنوات، عندما قال عن عقار فيصل أو عقار 'الكارثة': 'إنه يعبر عن واقعنا.
زار الرئيس في اليوم التالي يرافقه مجلس الوزراء وعددًا من القيادات عزبة الهجانة وأخذوا جولة بالمنطقة، في ظل ترحيب كبير من الأهالي هناك، تلك الزيارة التي تعطي تأكيدًا أن القيادة السياسية عازمة على التخلص من العشوائيات.
خطر الوحدة العربية
منطقة الوحدة العربية بشبرا الخيمة، في محافظة القليوبية، تعتبر قنبلة موقوتة، وتنتظر كارثة لا تقل عن كارثة عقار فيصل، فهي منطقة مأهولة بالسكان، والمنازل تتوسطها المئات من مصانع الأحذية والورش والمحلات وتجار الجملة، يعمل بها مئات العمال، هذه المصانع كائنة داخل منازل يسكنها مئات الأسر، جميعهم معرضون للخطر.
مصانع الأحذية بمنطقة الوحدة العربية قي شبرا
أخذنا جولة داخل المنطقة، لرصد المصانع والورش والمخازن والمحال الموجودة داخل الكتل السكنية، بدأنا بالشارع الرئيسي الذي يضج بمحال الأحذية التي تحاصرك من كل مكان، فهو أشبه بسوق كبير به جميع أنواع الأحذية وأشكالها، محال متراصة بجانب بعضها البعض، والكثير من العمال وأصحاب المحال 'الجملة والقطاعي' والكثير من الزبائن وفوق كل هذه المحال عشرات الشقق التي تسكنها الكثير من الأسر معرضين للموت بين لحظة وأخرى إذا شب حريق بإحدى هذه المحلات.
دخلنا إلى الشوارع الجانبية التي لا يزيد عرض الشارع منهم عن 4 أمتار، تجد في كل شبر مصنع أحذية يعلوه مبنى سكني، أما يملكه صاحب الصنع أو أن مالك العقار يؤجر الطابق الأرضي لأحدى الأشخاص لإقامة مصنع عليه، غير مكترث بالخطر الذي يمكن أن يشكله هذا المصنع على السكان، لا حظنا أيضًا خلال جولتنا الكثير من العمال متراصين أمام المصانع والورش، وغيرهم بالداخل يباشرون العمل.
مصانع الأحذية بمنطقة الوحدة العربية في شبرا
داخل هذه المصانع التي تفتقر لأدنى احتياطات السلامة المهنية فهي تتوسط عقارات سكنية مأهولة وغير جيدة التهوية وليس بها سوى منافذ صغيرة للهواء لا تجدي في حالة حدوث حريق، والبعض الآخر ليس به أي منافذ فهي عبارة عن مكان مغلق به عدد كبير من المكينات والمواد الخامة 'سريعة الاشتعال'.
للدخول إلى هذه المصانع ورصد حالها كان لابد من تغيير صفتنا الصحفية، حتى نستطيع المرور ومشاهدة الوضع بالداخل ورصد المخالفات، ادعينا أننا نعمل ببيع الأحذية ولدينا صفحة على موقع التواصل الاجتماعي 'فيسبوك'، ونسوق منتجاتنا من خلالها وأخبرنا صاحب المصنع أننا نريد معاينة الأحذية وإن كانت بمواصفات جيدة وأسعار مناسبة سنشتري كمية كبيرة لبيعها 'أون لاين'.
ظللنا لفترة نعاين المنتجات ونتحدث مع صاحب المصنع 'الذي يصنع منتجاته ويبيعها لتجار الجملة والمحال'، محاولين إظهار أنفسنا أننا عملنا لفترة في بيع الأحذية عن طريق الأنترنت ونفهم طبيعة هذا المجال، كما نعرف كل منتج ومواصفاته وسعره حتى يطمئن الرجل ويتحدث أمامنا عن الكثير من التفاصيل التي نحتاجها، بعض فترة من الحديث أبلغناه أننا نريد أخذ صور فوتوغرافية للمنتجات حتى نستطيع عرضها وتسويقها على 'فيسبوك'.
أثناء تواجدنا داخل المصنع لاحظنا بضائع متراصة بجانب بعضها بكميات كبيرة دون وجود احتياطات سلامة مهنية أو تهوية جيدة أو اشتراطات أمن في حالة وقوع حريق، حتى أننا أعتقدنا أنه في حالة وقوع حريق لن يستطيع أحد السيطرة عليه، فالمحتويات الموجودة والأحذيةا المتراصة بكميات كبيرة ستساعد على الاشتعال، والكارثة الكبرى هي الشقق السكنية الكائنة أعلى هذا المصنع.
تركنا المصنع وأكملنا جولتنا، بالمنطقة، فتلاحظ أن مصانع الأحذية بالشوارع أكثر من الرمال في الصحراء، دخلنا إلى أحد المصانع الأخرى، لكن هذه المرة أخبرنا العاملين هناك، أننا ننجز موضوعًا صحافيًا، عن صناعة الأحذية، ونريد معرفة مراحل الصناعة وتاريخ المصانع هنا، والمنتجات، وتفاصيل عن مجال الأحذية بشكل عام، فطالبنا أحد العاملين هناك بالانتظار لحين حضور المسئول عن المصنع، فور وصوله، أخذنا جولة داخل المصنع الذي لا تتعدى مساحته بضع أمتار فشاهدنا الكثير من المكينات المتراصة، والمادة الخام التي يتم تصنيع الأحذية منها بجانب الكثير من البضائع في شكلها النهائي، والعمال الذين يقفون أمام الماكينات لتشغيلها والإشراف عليها، وعمال آخرين يجلسون على الأرض، وبجانبهم الكثير من الأحذية في شكلها النهائي، وألقينا نظرة على مراحل الصناعة، من المادة الخام إلى الحذاء الذي نرتديه.
إحدى مصانع الأحذية بالمنطقة
لاحظنا أيضًا افتقار المصنع لأدنى اشتراطات السلامة والصحة المهنية كغيره من بقية المصانع بالمنطقة، كما أن العمال غير ملتزمين بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيرس كورونا، فالعمل يدار بشكل عشوائي فلا نظام هناك ولا حذر من وقوع مكروه ما، والأمر سكيون أكثر صعوبة بالنسبة للسكان قاطني العقار، الذي يحوي المصنع بالأسفل.
المفارقة أثناء جولتنا أنه حدث حريق بأحد الشقق السكنية الموجودة أعلى محل لبيع الأحذية، وتصاعدت منه ألسنة النيران والأدخنة، وحاول أهالي المنطقة السيطرة على الحريق، وعلمنا من الأهالي هناك أن هذا الأمر متكرر، حيث وقعت عدة حرائق بالمنطقة بسبب مصانع الأحذية، وتمتد هذه الحرائق للشقق السكنية الموجودة أعلى المصانع.
حريق بأحدى الشقق السكنية الموجودة أعلى محل لبيع الأحذية
وأخبرنا الأهالي أنهم تقدموا بعدة شكاوى للمسؤولين من وجود المصانع بالمنطقة وتعرضهم للخطر، ولكن دون جدوى، حيث أن المسؤولين يتلقون الشكاوى وينزلون إلى المنطقة ويتجولون بداخلها دون اتخاذ إجراءات ضد المخالفين.