على طاولة خشبية داخل محل تجاوز عمره الـ120 عاما ترى رجلا يحمل في يديه مكواة زهر ويتزين وجهه ببسمة تتخللها التجاعيد التي تبرهن مشقة السنين، إذ يقبل على عمله بشغف بالرغم من كونه يعمل به منذ ما يقرب من 60 عامًا، بمهنة أوشكت على الاندثار إلا أنه ابا تركها كونها تذكره بأجداده واجداده.
'شغلي هو سر قوتي'، بدأ الحاج فاروق إدريس ابن مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة حديثه مع عدسة 'أهل مصر' بتلك الكلمات، حيث ذكر أنه يعمل مكوجي منذ صغره مع والده، مشيرا إلى أنه لم يستطع التخلي عنها حيث أصبحت موروثا لديه من عائلته.
وتابع أقدم مكوجي زهر في البحيرة أنه رفض العمل على المكواة الحديثة، حيث أن مكواة عمله ذات قدرة أعلى وتدوم على الثياب حتى بعد غلسها على عكس الأخرى تُفقد بمجرد ارتداء الملابس.
وأضاف ذو الـ70 عامًا، قائلاً: 'أن المحل شهد أمجاد كبار المسؤولين بدمنهور في عهد ابويا علشان كدا مقدرتش أبيعه أو اتخلى عنه'
وأشار عم فاروق إلى أنه عمل بمكواة الرجل في شبابه إلا أنه بعد أن ظهر المشيب عليه لم يقوى على العمل بها، مضيفا أن هناك فرقًا بين مكواة الزهر والرجل بالأخيرة تعمل باستخدام القدم أثناء تمريرها على الثياب.
وواصل فاروق، قائلاً: 'كل الناس بتيجي تكوي عندي ومنهم شباب كتير'، مشيرا أن هناك درجات حرارة مختلفة طبقا لنوع القماش، كما أنه يستخدم أكثر من قالب مكواه يضعها تباعا على موقد النار.
واستطرد المكوجي بالقول: 'محدش يعرف يقيس درجة حرارة المكواة بتاعتي غيري بقربها من وشي'، مؤكدًا أن المكواة لا تحتوي على مؤشر لقياس حرارتها، ومن ثم يخفضها ليغمسها في المياه ليقوم بخفض درحة حرارتها.
ويعمل عم فاروق في نهار رمضان من الساعة 2 ظهرا وحتى الـ6 مساء بالرغم من ارتفاع درجات الحرارة، قائلا: 'مقدرش استغنى عنها حتى في نهار رمضان' مشيرا إلى أن سعر الكوي لقطعة القماش تبلغ 5 جنيهات.