أول حوار بالصحافة المصرية لـ أسير أوكراني.. رحلة "نيكاتا من مركز اعتقال "كورسك الروسي" لمستشفى داخل قريته

.

روسيا واوكرانيا
روسيا واوكرانيا
كتب : سها صلاح

خرج كعادته ليوصل أطفاله إلى المدرسة، لكن هذا اليوم لم يكن يومًا عاديًا، إذ شن الجيش الروسي أول هجوم له على مدينة 'زاباروجيا' الأوكرانية.

بدأت قصة نيكتا أورال، الأب الثلاثيني في أوائل مارس عندما اقتحم الجيش الروسي قريته الصغيرة، وكان يعمل حينها مساعد معمل في مستشفى كييف، وعند الهجوم ذهب ليقل ابنه من المدرسة، وأثناء الهجوم اختبئ مع طفله الذي يبلغ 5 سنوات في قبو بارد تحت حديقة إحدى المنازل التي كانت بطريقهم.

قال 'نيكتا'، المتواجد في إحدى مستشفيات مدينة أوكرانيا، في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر' بعد مراسلته، إن الجيش الروسي لم يكتف بقصف القرية والمدن بل كان يبحث عن أي شخص ليتخذه أسيرًا، أي شخص خرج من منزله في ساعات الاقتحام تم أسره، فكانوا يبحثون في كل مكان ويلهثون وراءنا من مخبأ إلى مخبأ، المشهد كان مرعبًا.

وتابع: 'خلال بحثهم وجدوني أنا وطفلي ورجلًا آخر في المخبأ، ثم عصبوا أعيننا وتركوا طفلي لم يأخذوه معنا، ومن ثم أخذونا إلى مكان يشبه الأسطبل مكثنا فيه لمدة شهر كاملًا كنت اتعرض يوميًا للتعذيب أنا وآخرون، تم خلع مفاصل أصابع قدمي من خلال شد مفتاح ربط حول المفصل وتحويله حتى ينفتح الجلد.

واستكمل: في أيام أخرى كنا ننام في البرد والمطر مرتدين أحذيتنا المليئة بالماء، ثم تم نقلنا في شاحنات ووضعنا مع سجناء آخرين داخل مروحيات، كنا 10 أو 12 أسيرًا تقريبًا عبروا المجال الجوي الروسي، وبدأت طائرة الشحن في الهبوط، تم اقتيادنا إلى معسكر اعتقال حيث أزيلت العصابات عن أعينهم في النهاية ورأوا بعضهم البعض، كان يقدم لنا 'طبق واحد من البسكويت باللبن ومعه قطعة خبز' مرة واحدة في اليوم.

وأضاف: في هذه الليالي أدركت أنني لا أستطيع الشعور أو السيطرة على قدمي على الإطلاق'، وبدأت تفوح منها رائحة كريهة، وكان الآخرون يواجهون نفس الوضع الكئيب، حيث فقد البعض لاحقًا أطرافًا كاملة، كانت الرعاية في السجن قليلة، يتم تغيير جرعة المضاد الحيوي والضمادة مرة كل ثلاثة أيام.

وقال 'نيكتا'، إنهم أُجبروا السجناء على تعلم الأغاني الروسية الوطنية عن ظهر قلب وأداؤها للحراس، ومن تلك الأغاني 'كان النشيد الروسي وأغنية أخرى مثيرة للاشمئزاز لبوتين، لقد أعطوها لنا في الصباح وقالوا لنا يجب أن نتعلمها بحلول وقت الغداء'، كما كانوا يستجوبونا مرتين أو ثلاث مرات في اليوم ويعتدون علينا، وبعد ذلك أُجبروني أن ومن معي على توقيع وثائق تفيد أنهم عوملوا وتغذوا بشكل جيد ولم يصابوا بأذى، وهذا ما عرفوه بمكان وجودهم، لأن الوثائق كانت مختومة بـ'مركز الاعتقال التمهيدي 1 في كورسك'.

وأشار إلى أنه بعد أسابيع من مكوثه بالسجن، ساءت حالة قدمه بشكل كبير، وتم نقله أخيرًا إلى المستشفى مع اثنين آخرين، أخبرني أحد الجراحين أنه سيجري بتر كل أصابع قدمي، وبالفعل تم البتر ومضيت أسبوعًا في المستشفى بعد الجراحة، قبل أن يخبرني أحد المسؤولين هناك بأنه سيتم إرسالي مع مصابين آخرين إلى منازلنا في أوكرانيا في صفقة تبادل الأسرى التي حدثت مؤخرًا.

وقبل تبادلنا أخبرني 'فيريشوك'، نائب رئيس الوزراء الأوكراني الذي كان معتقلاً معنا، أن الروس يحاولون تبادل الرهائن المدنيين بالسجناء العسكريين الروس في أوكرانيا وهي خطوة تحظرها اتفاقية جنيف، لذا أسروا أكبر عدد من المدنيين الأوكران نساء وموظفين في المجالس المحلية لمحاولة استخدامهم في ذلك الهدف.

وعند نقطه الالتقاء للتبادل، وضع الروس الرجال الجرحى على الطريق السريع على نقالاتهم وابتعدوا، وجاء الجنود الأوكرانيون وأخذونا، وقال نيكتا لم أصدق أني في أوكرانيا حتى اللحظة التي نظر فيها أحد الجنود في عيني وقال باللغة الأوكرانية 'مرحبًا بك يا صديقي'، حينها علمت أنني عدت للوطن، حينها تم نقلي إلى مستشفي في مدينتي وطلبت من أحد الجنود الاتصال بزوجتى لاطمئن أنها وابني على قيد الحياة وعندما ردت على الهاتف عادت الحياة إلى قلبي.

واختتم: لقد دمرنا الروس دمروا حياتنا ومستقبلنا من أجل ماذا؟، ماذا سنفعل في الغد لا نعلم ولكني الآن رغم فقداني لقدمي وعملي ومستقبلي وسط عائلتي لكن هناك المئات غيري مازالوا في سجون روسيا.

نقلاً عن العدد الورقي

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً