اعلان

القبض على مسؤولين في قيادات حساسة.. هل تشهد تركيا انقلابًا جديدًا؟

أردوغان
أردوغان

أبعدت وزارة الداخلية التركية قبل أيام ثلاثة مسؤولين كبار في مديرية الأمن بالعاصمة أنقرة عن وظائفهم، في إطار تحقيق تم فتحه بحقهم على خلفية الاتهامات الموجهة إليهم من قبل زعيم شبكة إجرامية هارب إلى خارج البلاد، وبدأت القضية تكبر مع التوصل إلى معلومات جديدة، لتكشف عن مؤامرة تستهدف حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية المتحالف معه، كمحاولة جديدة في الانقلاب على الرئيس التركي.

كيف تكشفت خطوط مؤامرة الانقلاب الجديد في تركيا؟

القضية تفجرت بعد أن قال المواطن التركي الهارب الذي يحاكم بتهمة الانتماء إلى شبكة إجرامية، إن مدراء أمن أجبروه على أن يكون 'شاهدا يخفي هويته' في التحقيق المتعلق بتلك الشبكة، مضيفا أن هؤلاء المدراء هددوه بأنه سيُتهم بالوقوف وراء كافة جرائم القتل التي ارتكبتها الشبكة، في حال رفض أن يكون شاهدا في التحقيق، كما ذكر أنهم طلبوا منه إدراج أسماء بعض الأشخاص والأحزاب إلى اعترافاته، وإضافة إلى ذلك، نشر الرجل تسجيلات صوتية للمحادثات التي جرت بينه وبين أحد المسؤولين الأمنيين.

زعيم الشبكة الإجرامية الهارب إلى خارج البلاد اتهم مدراء الأمن بأنهم طلبوا منه أن يذكر ضمن اعترافاته أسماء الوزراء السابقين عبد الحميد غول، وبكير بوزداغ، وسليمان صويلو، ووزير الصحة 'فخر الدين كوجا'، والنائب عن حزب العدالة والتنمية مجاهد آرسلان، ومدير مكتب رئيس الجمهورية حسن دوغان، بالإضافة إلى حزب الحركة القومية، من أجل إظهارهم وكأنهم مرتبطون بتلك الشبكة وأعمالها الإجرامية.

الاتهامات الموجهة إلى المسؤولين الأمنيين الذين تم إبعادهم عن مناصبهم من أجل سلامة التحقيق، أعادت إلى الأذهان الأحداث التي جرت في 17 و25 ديسمبر 2013.

وكانت مجموعة من المدعين العامين والمسؤولين الأمنيين المرتبطين بتنظيم فتح الله جولن، قامت حينها باختلاق قضايا فساد وعمليات تنصت غير مشروعة من أجل اعتقال مقربين من رئيس الجمهورية التركي، رجب طيب أردوغان، الذي كان حينها رئيس الوزراء.

وكان على رأس المستهدفين حينها رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، الذي يتولى الآن حقيبة وزارة الخارجية.

تحقيق كشف كواليس الانقلاب في تركيا

الادعاء العام في أنقرة فتح تحقيقا بحق المدراء الثلاثة، كما تم تفتيش بيوتهم، بحثا عن أدلة جديدة قد تؤدي إلى كشف ملابسات القضية.

وصرح رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، في كلمته أمام نواب حزبه، أن هناك مؤامرة تستهدف تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، مضيفا أنهم لن يستسلموا لمحاولة انقلاب عن طريق الأمن والقضاء، على غرار تلك المحاولة التي حدثت في 17 و25 ديسمبر 2013.

الكاتب التركي نديم شنر، ذكر في مقال له بصحيفة حرييت، أن مجموعة في الأمن التركي مرتبطة بجماعة 'أوكويوجولار' النورسية، سعت إلى تحريف تحقيق بحق شبكة إجرامية عن مساره وتحويله إلى مؤامرة ضد حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، ليمهدوا الطريق إلى إطلاق تحقيق قضائي يستهدف السياسيين، على غرار تحقيق 'الأيادي البيضاء' الذي شهدته إيطاليا في تسعينات القرن الماضي.

لا يمكن التنبؤ حاليا بأي نتيجة ستسفر عنها التحقيقات في هذه القضية، إلا أن ما تم الكشف عنه حتى الآن يشير إلى خطورة خلايا الجماعات المسيسة التي تسعى إلى هندسة الساحة السياسية وفرض الوصاية على الإرادة الشعبية من خلال رجالها المتغلغلين في أجهزة الدولة، حين تتضارب تعليمات قادة تلك الجماعات مع قوانين البلاد وأمنها ومصالحها، كما أن بعض هؤلاء قد يكونوا مرتبطين بالخارج، إلا أنه ليس من السهل إيجاد حل لإشكالية تقديم الانتماء إلى الجماعات، سواء كانت دينية أو اجتماعية، على الالتزام بالمسؤولية التي تحملها المناصب والوظائف تجاه الوطن والمواطنين.

أردوغان يتخذ قرارات عاجلة لدحض محاولة الانقلاب

وأفادت وسائل إعلام محلية مقربة من الحكومة، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التقى مع رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم كالن ووزير العدل يلماز تونش، في وقت متأخر من الليلة الماضية في القصر الرئاسي.

وفي الاجتماع تم مناقشة قضية توقيف 3 مسؤولين في الشرطة بالعاصمة أنقرة بعد عزلهم من مناصبهم كان حليف أردوغان، زعيم حزب الحركة القومية دولت بهشلي اتهمهم بالمؤامرة الشبيهة بمحاولة تنظيم غولن الإطاحة بحكومة أردوغان عام 2013.

وقال بهشلي في كلمة له بوقت سابق، إن هذه الحادثة لا يمكن تجاوزها ببساطة بواسطة إعفاء بعض قادة الشرطة، معتبرًا ذلك مؤامرة لا يمكن تجاوزها.

ووفق التقارير، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ناقش الأحداث الجارية في المجالين القضائي والاستخباراتي في الاجتماع الذي عقده بالقصر الرئاسي مع وزير العدل ورئيس الاستخبارات التركية، وفقا لوسائل إعلام محلية.

وذكر صحافيون مقربون من الحكومة أن أردوغان سيدلي بمعلومات تتعلق بهذه القضية في كلمة له أمام الكتلة البرلمانية لحزبه اليوم الأربعاء.

يشار إلى أن السلطات التركية، كانت أعلنت أمس الثلاثاء، توقيف 544 شخصاً يشتبه في صلتهم بالداعية فتح الله غولن، الذي يتهمه الرئيس رجب طيب أردوغان بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في عام 2016.

وقال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا على منصة 'إكس'، إن 544 مشتبهاً أوقفوا في إطار عملية Pince-15.

في حين أن هذه العملية التي نفّذت في 62 من محافظات البلاد الـ81 استهدفت أشخاصاً كانوا يسعون إلى الاندماج في الخدمة العامة على مستويات مختلفة، ولطالما نفى غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة منذ عام 1999، أن تكون حركته وراء محاولة الانقلاب في يوليو 2016.

اردوغان يفضح المؤامرة

واتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة للإطاحة بحكومته على غرار ما عرف من قبل بتحقيقات الفساد والرشوة 13 - 25 ديسمبر 2013 التي طالت وزراء في حكومته عندما كان رئيساً للوزراء وعدّها محاولة للانقلاب عليه.

ووسط جدل واسع حول مؤامرة انقلابية جديدة، قال إردوغان، في كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية: من يريد تقويض روح يني كابي من أجل سداد الديون لتنظيم فتح الله غولن لا يقف مكتوف الأيدي، نحن نعرف جيداً الدمية ومن يحركها ومن كتب المسرحية، ومهما أصبح الأمر قبيحاً فلن نقع في هذا الفخ.

دستور جديد للبلاد

ودعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد، قائلاً: 'وزراؤنا ونوابنا وأعضاء حزبنا سيواصلون عملهم بالروح ذاتها التي بدأنا بها قبل 21 عاماً، وسنعمل على وضع دستور مدني ديمقراطي للبلاد ينهي عصور الوصاية، ونأمل مساعدة رئيس البرلمان في جهوده في هذا الصدد'.

ورأى إردوغان أن نتائج الانتخابات المحلية في 31 مارس الماضي لم تكن بمثابة اقتراع بالثقة على حكم العدالة والتنمية للبلاد بل هي إنذار من الأمة بعد التفويض الذي منحته لمدة 5 سنوات مقبلة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 و28 مايو 2023، وسنعمل بموجب هذا الإنذار على تجديد كوادرنا وسنكون موجودين كما كنا من قبل، وسنكون على قدر ثقة الأمة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً