ads

في ذكرى يوم عاشوراء.. من هو الإمام الحسين وكيف استقر رأسه الشريفة بمصر؟

مسجد الحسين
مسجد الحسين
كتب : أهل مصر

يوافق اليوم السبت عاشوراء 10 محرم، ذكرى استشهاد سيدنا الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) هو سبط رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وثالث أئمة أهل البيت، ورمز خالد للتضحية والفداء في تاريخ الإسلام والبشرية جمعاء.

ففي ذكرى عاشورا نرصد في التقرير التالي من هو سيدنا الحسين سبط رسول الله

وُلد الإمام الحسين في المدينة المنورة في الثالث من شعبان سنة 4 هجرية، ونشأ في كنف جده الرسول الأكرم، وأبيه الإمام علي بن أبي طالب، وأمه سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليهم السلام). وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يُكنّ له حباً عظيماً ويصفه مع أخيه الإمام الحسن (عليهما السلام) بأنهما 'سيدا شباب أهل الجنة'.

نشأته ومكانته

تلقى الإمام الحسين (عليه السلام) علمه وتربيته من منبع النبوة والإمامة، فكان يتمتع بأخلاق رفيعة، وشجاعة نادرة، وورع وتقوى عظيمين. اشتهر الإمام الحسين بسخائه وكرمه، وحرصه على مساعدة الفقراء والمحتاجين، إضافة إلى فصاحته وحكمته. لقد كان له مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، باعتباره حفيد الرسول وابن علي وفاطمة، ووارثاً لخلافة الأنبياء والأوصياء.

ثورته الخالدة

إن أبرز ما يميز سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) هي ثورته العظيمة ضد الظلم والطغيان الذي كان يمثله حكم يزيد بن معاوية. عندما رفض الإمام الحسين مبايعة يزيد، لأنه رأى في بيعته إقراراً بفساد الحكم وانحرافاً عن مبادئ الإسلام، قرر الخروج من المدينة المنورة متجهاً إلى مكة المكرمة، ومن ثم إلى العراق، استجابة لدعوة أهل الكوفة الذين وعدوه بالنصرة.

واقعة كربلاء

في العاشر من محرم سنة 61 هجرية، وصلت قافلة الإمام الحسين (عليه السلام) إلى أرض كربلاء. وهناك حوصر هو وأهل بيته وأصحابه الأوفياء من قبل جيش يزيد. وبعد أيام من منع الماء وحصار قاسٍ، وقعت المعركة الخالدة التي استشهد فيها الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه عطاشى، في مشهد جسّد أسمى معاني البطولة والتضحية في سبيل إعلاء كلمة الحق ورفض الذل والهوان.

لقد كانت واقعة كربلاء نقطة تحول في تاريخ الإسلام، حيث كشفت عن بشاعة الظلم الأموي، وأيقظت الضمائر، وألهمت الثورات على مر العصور. لم تكن ثورة الإمام الحسين مجرد صراع على السلطة، بل كانت ثورة مبدأ ودفاعاً عن قيم العدل والحرية والكرامة الإنسانية التي جاء بها الإسلام.

الرأس في عسقلان

بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء عام 61 هجرية، ونقل رأسه الشريف إلى دمشق، تذكر بعض الروايات أن الرأس ظل في دمشق لبعض الوقت، ثم تم نقله لاحقًا. إحدى هذه الروايات، التي اعتمدها الفاطميون بشكل كبير، تشير إلى أن الرأس نُقل سراً إلى مدينة عسقلان (التي تقع اليوم في فلسطين التاريخية، وكانت آنذاك تحت حكم الفاطميين).

ظل الرأس في عسقلان لعدة قرون، ويُعتقد أنه كان مدفونًا في مشهد خاص هناك.

قرار النقل إلى مصر: حماية من الصليبيين

في منتصف القرن السادس الهجري (القرن الثاني عشر الميلادي)، وفي عهد الدولة الفاطمية، تحديدًا في خلافة الفائز بأمر الله، ووزارة الصالح طلائع بن رُزَيْك، تعرضت بلاد الشام والمناطق الساحلية (بما فيها عسقلان) لخطر كبير من الحملات الصليبية. كانت عسقلان مدينة ساحلية وموضع صراع دائم، وكان هناك تخوف شديد من أن يقوم الصليبيون بالاستيلاء على المدينة وتدنيس أو إهانة رأس الإمام الحسين (عليه السلام) الذي كان مدفونًا فيها.

من هذا المنطلق، اتُخذ القرار بنقل الرأس الشريف من عسقلان إلى مكان أكثر أمانًا واستقرارًا، وهو القاهرة، عاصمة الدولة الفاطمية المزدهرة في ذلك الوقت.

رحلة النقل والاستقبال المهيب في القاهرة

أوكلت مهمة نقل الرأس الشريف إلى الوزير الصالح طلائع بن رُزَيْك، الذي كان رجلاً ورعًا ومحبًا لأهل البيت. يُقال إن الاستعدادات للنقل كانت دقيقة وسرية في البداية لضمان سلامة الرأس.

وصل الرأس الشريف إلى القاهرة في يوم الثلاثاء، 8 جمادى الآخرة من عام 548 هجرية (الموافق 31 أغسطس 1153 ميلادية). كان استقباله في القاهرة حدثًا تاريخيًا غير مسبوق في عظمه وحفاوته. خرج أهل القاهرة، شيبًا وشبابًا، نساءً ورجالاً، في موكب مهيب لاستقبال الرأس، وقد تزيّنت المدينة واصطف الناس على طول الطريق المؤدي إلى المكان المخصص لدفنه. يُروى أن الخليفة الفاطمي نفسه استقبله حافي القدمين، تعظيمًا وتجليلاً.

دفن الرأس في المشهد الحسيني (المسجد الحسيني حاليًا)

تم دفن الرأس الشريف في المكان الذي بُني عليه لاحقًا المسجد الحسيني المعروف حاليًا في منطقة الجمالية بالقاهرة الفاطمية. يُعد هذا المسجد من أقدس الأماكن في مصر، ويُعرف رسميًا بـ 'جامع الإمام الحسين'

الإرث الخالد

ما زالت ذكرى الإمام الحسين (عليه السلام) تُلهم الملايين حول العالم، وتعتبر رمزا للثبات على المبادئ ومواجهة الظلم. يُحيي المسلمون، وخاصة الشيعة، ذكرى عاشوراء سنوياً لاستذكار تضحيته العظيمة، مستلهمين من سيرته العزم على مقارعة الباطل ونصرة الحق، مهما كانت التحديات. إن الإمام الحسين (عليه السلام) ليس مجرد شخصية تاريخية، بل هو مدرسة للإنسانية، ومنارة تضيء دروب الأحرار في كل زمان ومكان.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً