في خطوة غير مسبوقة، قررت محكمة الجنايات المختصة رفع أسماء 716 شخصًا من قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين دفعة واحدة، وذلك استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بمراجعة المواقف القانونية للمتهمين، سواء كانوا محبوسين أو مدرجين على قوائم الإرهاب، تأتي هذه الخطوة في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وحرصًا على تحقيق العدالة الناجزة وتعزيز سيادة القانون في الدولة.
استبعاد 716 شخصا من قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين
تؤكد هذه القرارات حرص الرئيس السيسي على فتح باب الأمل للمتهمين في العودة إلى المجتمع كمواطنين صالحين، والمساهمة في بناء وطنهم بكل طاقاتهم.
وشدد الرئيس على أهمية دور الأسرة في متابعة أبنائها وحمايتهم من الوقوع في دائرة الجريمة، مؤكداً أن الفرصة قائمة أمام الجميع للابتعاد عن طريق السوء.
وبعد قرار الاستبعاد من قوائم الإرهاب، يستعيد المستبعدين جميع حقوقهم دون أي انتقاص، بما في ذلك حقوقهم المالية، وسفرهم، وانتقالهم، وكذلك حقوقهم السياسية مثل الترشح والتصويت في الانتخابات، ليعودوا مواطنين طبيعيين كما باقي المواطنين.
وفي هذا السياق، أكدت النيابة العامة في بيان لها أن هذا القرار يأتي في إطار مراجعة مواقف الأشخاص المدرجين على قوائم الإرهاب.
مراجعة مواقف الأشخاص المدرجين على قوائم الإرهاب
ووجهت النيابة الجهات الأمنية بإجراء تحريات للوقوف على مدى استمرار النشاط الإرهابي للمدرجين، تمهيدًا لرفع أسماء من يثبت توقف نشاطهم عن تلك القوائم.وأظهرت التحريات أن 716 شخصًا من المدرجين على تلك القوائم قد توقفوا عن أنشطتهم الإرهابية ضد الدولة ومؤسساتها، مما دفع النائب العام إلى عرض الأمر على محكمة الجنايات التي قررت رفع أسمائهم من قوائم الإرهاب.
وأوضحت النيابة العامة أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استبعاد هذا العدد الكبير دفعة واحدة، مؤكدة استمرار عملية المراجعة بشكل دوري لمراجعة موقف باقي المدرجين على قوائم الإرهاب، تمهيدًا لرفع أسماء من يثبت توقف نشاطهم.
وأكدت النيابة العامة أن هذه الإجراءات تندرج ضمن توجه الدولة لضمان سيادة القانون في الجمهورية الجديدة، مع الاستمرار في مراجعة المواقف القانونية للمدرجين على قوائم الإرهاب، وتفعيل إجراءات العدالة والتصدي للأنشطة الإرهابية وفقًا للقانون.
حقوق الأفراد المدرجين في قوائم الإرهاب
وفي مايو الماضي، ألغت محكمة النقض المصرية قرارًا قضائيًا يقضي بإدراج نحو 1500 شخص، من بينهم لاعب كرة القدم المصري السابق محمد أبو تريكة، على قوائم الإرهاب، وأمرت بإعادة النظر في قضيتهم، جاء هذا القرار في إطار استجابة النظام القضائي المصري لضغوطات وطلبات متعلقة بحقوق الأفراد المدرجين في قوائم الإرهاب.
من جهة أخرى، تواصل الحكومة المصرية منذ ديسمبر 2013، فرض حظر على جماعة الإخوان المسلمين، وتعتبرها 'جماعة إرهابية'. ونتيجة لذلك، يخضع العديد من قادتها وأنصارها، بما فيهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات بتهم تتعلق بـ'التحريض على العنف'، حيث صدرت في بعضها أحكام بالإعدام والسجن المشدد والمؤبد.
وفقًا لآخر تحديث لقائمة 'الكيانات الإرهابية' و'الإرهابيين' في مصر، الذي تم في 12 من أغسطس 2024، بلغ عدد الأفراد المدرجين على هذه القوائم 4408 أشخاص، بينهم من يتواجد داخل مصر وآخرون يقيمون في الخارج.
ويُذكر أن مدة إدراج الأفراد على قوائم الإرهاب في مصر تمتد لمدة خمس سنوات، وبعد هذه الفترة، تقوم محكمة الجنايات بمراجعة القوائم لتقرر إما التمديد أو رفع الأسماء بناءً على تحريات النيابة العامة والتحقيقات المتعلقة بنشاطاتهم.
موقف إدراج بعض الأفراد على قوائم الإرهاب من حقوق الإنسان والحريات
وعلى الرغم من أن النيابة العامة لم تكشف عن الأسماء المشمولة في القرار الأخير، فقد أكدت أنه يتم حاليًا مراجعة موقف باقي الأفراد المدرجين على القوائم تمهيدًا لرفع من يثبت توقف نشاطه الإرهابي.
وقد أثار إدراج بعض الأفراد على قوائم الإرهاب في السنوات الماضية انتقادات من منظمات حقوقية، التي اعتبرت ذلك إجراءً تعسفيًا يهدف إلى قمع المعارضة السياسية.
ومن بين الأسماء التي شملها الإدراج في الماضي، الناشط الحقوقي علاء عبد الفتاح، والمحامي محمد الباقر، والبرلماني السابق زياد العليمي، مما أسهم في زيادة النقاش حول مدى توافق هذه الإجراءات مع حقوق الإنسان والحريات.
طبقًا لقانون الكيانات الإرهابية الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2015، فإن أي شخص يتم إدراجه على قوائم الإرهاب يخضع لعدة عقوبات قانونية، منها تجميد الأموال، حظر التصرف في الممتلكات، وحظر السفر مع ترقب الوصول إذا كان في الخارج.
ويتعرض المدرج إلى تجميد الأنشطة المالية، سواء في الداخل أو الخارج، وحظر تمويل الأنشطة الإرهابية، ويشمل هذا الإجراء الأفراد الذين يشاركون في تمويل الأنشطة الإرهابية أو يديرون كيانات إرهابية، وكذلك أولئك الذين يشغلون مناصب قيادية في هذه الكيانات.
وبموجب القانون ذاته، يتم سحب جوازات السفر للأفراد المدرجين في قوائم الإرهاب أو منعهم من تجديدها، سواء كانوا داخل مصر أو خارجها، كما يفقد الشخص المدرج على القوائم 'حسن السيرة والسلوك'، وهو الشرط اللازم لتولي المناصب العامة أو الترشح للانتخابات البرلمانية أو المحلية في مصر.
ووفقًا للمادة 1 من قانون رقم 8 لسنة 2015، يتم إدراج الأفراد على قوائم الإرهاب في حال ارتكابهم أو محاولتهم ارتكاب أو تحريضهم على ارتكاب جريمة إرهابية، سواء بمفردهم أو في إطار جماعي، كما يشمل هذا الإجراء أولئك الذين يساهمون في أنشطة الكيانات الإرهابية، سواء في مجالات الإدارة أو التمويل.
من جانب آخر، يحدد القانون أن محكمة الجنايات هي الجهة المسؤولة عن اتخاذ القرار في طلب إدراج الأشخاص على قوائم الإرهاب، وذلك في مدة لا تتجاوز سبعة أيام عمل.