في قلب وادي السيليكون، وبين أروقة شركة مايكروسوفت العملاقة، جلس مصطفى سليمان، المدير الجديد لقسم الذكاء الاصطناعي، يتأمل في لحظة لم تشهدها الشركة من قبل.
لم تكن لحظة إطلاق منتج جديد أو إنجاز تقني خارق، بل كانت صرخة حقيقية خرجت من قلب مهندسة مغربية شابة تدعى إبتهال أبو السعد، قررت أن تكسر حاجز الصمت وتواجه إدارة شركتها بما يحدث في غزة.
ماذا حدث من المهندسة المغربية في مايكروسوفت؟
ففي أحد الممرات الهادئة داخل مكاتب مايكروسوفت المضيئة والمليئة بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقفت إبتهال أبو السعد، مهندسة مغربية شابة، تواجه الصمت المدوي، كانت الكلمات التي أطلقتها أمام زملائها تحمل أكثر من مجرد رأي تقني أو خلاف إداري؛ كانت صرخة إنسانية.
'أنتم تطورون أدوات تُستخدم اليوم ضد شعبي.. ضد أطفال في غزة لا يجدون مأوى ولا دواء'، هكذا خاطبت إبتهال الإدارة، وعيناها تمتلئان بالدموع، في لحظة امتزج فيها العلم بالضمير، والتكنولوجيا بالدم
من هو مصطفى سليمان التي هاجمته المهندسة المغربية؟
مصطفى سليمان هو رائد في مجال الذكاء الاصطناعي، بريطاني من أصول سورية، وُلد في لندن عام 1984. والده كان سائق تاكسي، وأمه ممرضة بريطانية. ترك دراسته في جامعة أكسفورد مبكرًا ليتفرغ للعمل المجتمعي، حيث أسس منظمة 'Reos Partners' المتخصصة في حل النزاعات الاجتماعية.سليمان، وهو من أب سوري وأم إنجليزية، وواحد من مؤسسي 'ديب مايند'، لم يكن بعيدًا عن السياق العربي أو عن المآسي التي تصيب العالم العربي، لكنه الآن في مفترق طرق: هل سيبقى صامتًا مثل كثيرين قبله؟ أم أنه سيحوّل منصبه إلى منصة لصوت الضمير؟
انضمامه إلى مايكروسوفت
في مارس 2024، أعلنت شركة مايكروسوفت عن تعيين مصطفى سليمان رئيسًا تنفيذيًا لوحدة الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي، وهي وحدة تم إنشاؤها حديثًا داخل الشركة. ومنذ توليه المنصب، قاد سليمان تطوير منتجات تعتمد على الذكاء الاصطناعي مثل 'Copilot' ودمج قدرات GPT في محرك البحث 'Bing' وتطبيقات أوفيس.
المفارقة المؤثرة أن سليمان، الذي طالما حلم بأن يجعل الذكاء الاصطناعي قوة خير للبشرية، وجد نفسه الآن أمام تحدٍ أخلاقي قد يكون الأكبر في مسيرته المهنية: هل يمكنه حماية مبادئه في عالم تسيطر عليه الحسابات السياسية؟
لقد جاء إلى مايكروسوفت ليقود ثورة تقنية، لكنه وجد نفسه في قلب عاصفة سياسية وأخلاقية فجّرها صوت عربي آخر من داخل الشركة.
مصطفى سليمان والشركات التكنولوجية
مصطفى سليمان هو أحد مؤسسي شركة 'DeepMind' التي تم شراؤها من قبل شركة 'جوجل' في عام 2014. 'DeepMind' هي واحدة من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وقد حققت شهرة واسعة بعد تطور تقنياتها في مجالات مثل الألعاب مثل لعب 'جوجل غو' واستخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات.
عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، يتعين ملاحظة أن إسرائيل تعد واحدة من الدول الرائدة في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ولديها شركات ومنظمات تعمل في نفس المجالات التي تنشط فيها 'DeepMind'. من هنا قد يكون هناك تداخل أو تعاون ضمن هذا القطاع بين شركات ومؤسسات تعمل في الذكاء الاصطناعي من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك إسرائيل.
العلاقة مع الشركات الإسرائيلية
في مجال التقنية، قد تكون هناك تعاونات تجارية وتبادلات في الأبحاث بين مختلف الشركات على مستوى عالمي. على سبيل المثال، بعض الشركات الإسرائيلية تعمل في مجالات الذكاء الاصطناعي، وكذلك في تطوير تقنيات تتعلق بالأمن السيبراني والبرمجيات المتقدمة. يمكن أن يكون هذا أحد العوامل التي تثير التساؤلات حول وجود أي نوع من التعاون أو التورط غير المباشر.
الاحتجاج الذي قادته إبتهال لم يكن مجرد موقف فردي، بل تحوّل إلى موجة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأجبر إدارة مايكروسوفت على فتح نقاش داخلي حول استخدام التكنولوجيا في الصراعات العسكرية.
قصة مصطفى سليمان وإبتهال أبو السعد تتجاوز حدود الشركة، إنها قصة إنسانية عن التكنولوجيا، والهوية، والضمير، وعن كيف يمكن لصوت واحد أن يهز أقوى المؤسسات.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
