يتردد خلال هذه الفترة من كل عام، مع اقتراب عيد الأضحى، الكثير من الشائعات، والتي تحاول التشكيك في شرعية الأضحية، وهل هي سنة أم فرض؟ وغيرها من الشائعات كانت أحدثها ما أثاره أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، سعد الدين الهلالي، عن جواز التضحية بالطيور.
وردًا على هذه الشائعات، أكد الدكتور خالد فوزي، أستاذ العقيدة بجامعة أم القرى ـ سابقًا ـ إن التضحية لا بد أن تكون بالنعم، مشيرا إلى قول الله سبحانه وتعالى: 'وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ' [الحج:٢٨].
التضحية بالنعم وليس بالطيور
وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم، ضحى بـ100 من الإبل في حجة الوداع، وضحى عن نسائه بالبقر، كما ضحى في المدينة بكبشين أملحين.
وأضاف الدكتور خالد فوزي، أن الأملح من الكباش، يعني الأغبر الذي فيه بياض وسواد، وبياضه أكثر من سواده، مشددا على أن ما ثبت عن الني صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابه هو التضحية ببهيمة الأنعام، وهذا ما نقله العلماء باتفاق على ذلك.
وشدد أستاذ العقيدة على أن العلماء متفقون أنه لا تجوز الضحية بغير بهيمة الأنعام، إلا ما حُكي عن الحسن بن صالح، من قوله بجواز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة أشخاص، والظبي عن شخص واحد.
العقيقة والأضحية
واستفاض الدكتور خالد فوزي في الحديث عن العقيقة والأضحية، ذاكرا ما قاله إبن عبد البر في العقيقة، حيث أجمع العلماءعلى أنه لا يجوز في العقيقة إلا ما يجوز في الأضحية من الأزواج الثمانية، إلا من شذ ممن لا يعتد بخلافه، مما يشير الي آية سورة الأنعام، وفيها ثمانية أزواج أي الذكر والأنثى من الضأن اثنين ومن المعز اثنين، ومن البقر اثنين ومن الإبل اثنين.
وأضاف أن الدليل عن أن الأضحية من الأنعام فقط أيضا كما قال النووي أنه لا يجزئ في الأضحية إلا الأنعام وهى الإبل والبقر والغنم، وقال أيضا نقل جماعة إجماع العلماء عن التضحية لا تصح إلا بالابل أو البقر أو الغنم، فلا يجزئ شيء من الحيوان غير ذلك، نافيًا بذلك كل ما ورد عن شائعات حول الأضحية بالطيور.
وأكد في تصريحاته أيضا عن ما ذكر عن الحسن بن صالح لا يخرج في الجملة عن ذلك لان الوحشي بقر والظبي من الماعز في الجملة، قائلًا 'لذا افتيت قديما من بالمناطق الباردة ان يضحوا بالرنة وهو مستخدم عندهم كاستخدام البقر عندنا وهو من جنس بهيمة الأنعام في الجملة، إذ الأنواع الأخرى لا تعيش هناك، فهذا كالتضحية بالإبل العربية والبخاتي والبقر والجاموس منها وهكذا'.
التضحية بالطيور
وردًا على ما ورد من شائعات وجدل حول التضحية بالطيور ذكر ما أثر بلال في الأضحية بالديك، قائلًا تصريحاته في النقاط التالية:
- أولا ليس هو من قول بلال جزما بل احتمالًا، فقد رواه عبد الرزاق وفي آخره فلا ادري أسويد قاله من قبل نفسه أو هو من قول بلال.
- ثانيا ليس فيه - على فرض أنه من قول بلال - أن بلالًا ضحى بديك فإن منصوصه (ما أبالي لو ضحيت) وليس أنه ضحى به.
- ثالثا أشار ابن المنذر إلي أن لفظة (أضحي) فيها شيء فإنه قال (ما أبالي ألا أضحي إلا بديك ولأن أضعه في يتيم قد ترب فيه - هكذا قال المحدث - أحب إلي من أن أضحي به. وهذا قول الشعبي إن الصدقة أفضل. وبه قال مالك وأبو ثور).
- رابعا سياق الأثر يمكن فهمه على غير ذلك فيكون معناه (لو كانت الأضحية بالديك جائزة لما ضحيت به ولتصدقت) لأن ابن المنذر أورده في كتابه الإشراف في باب اختلاف أهل العلم في تفضيل الصدقة على الأضحية أي كأنه يقول فلو كان هذا من الأضحية لكانت الصدقة أفضل وتفضيل الصدقة على الأضحية نقله عن مالك وابي ثور أيضا.
وأضاف اورد معهم أثر بلال وأما ما ذكره ابن حزم في جواز الأضحية بطائر بأثر بلال فالظاهر إنه يشير للصدقة، أيضا لأنه ذكر بعده أثر ابن عباس في ابتياعه لحما بدرهمين وقال هذه أضحية ابن عباس، ومعلوم قطعًا أن اللحم ليس أضحية فيكون معناه بدلًا أي صدقة.
وأوضح الدكتور فوزي أنه لو فرضنا على سبيل التنزل أن ابن حزم أراد جواز التضحية بالطائر كما هو ظاهر من كلامه بل ويشير لكونه إجماعا سكوتيا، فيكون قوله من الغلط لما تقدم من توجيه أثر بلال لو ثبت ولما حكي من الإجماع وهو في المحلى اعتمد فقط على أثر بلال وإنه لا مخالف له وقد تبين أن معناه مختلف عما ذهب اليه، فيكون هذا القول مما أنفرد به وأقوال العلماء يستدل لها لا بها.
وأكد الدكتور خالد فوزي في ختام تصريحاته أن التقرب الي الله بالذبح أفضل من الصدقة، وقد حسن جماعة الحديث عن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما عمِلَ ابنُ آدمَ من عملٍ يومَ النَّحرِ أحبَّ إلى اللهِ من هِراقةِ الدَّمِ وإنّهُ لتأتي يومَ القيامةِ بقرونِها وأشعارِها وأظلافِها وإنّ الدَّمَ ليقعُ منَ اللهِ بمَكانٍ قبلَ أن يقعَ بالأرضِ فطِيبوا بِها نفسًا.)، فالاقرب عندي افضلية الأضحية على الصدقة.