يلجأ بعض الدائنين ومن تلزمهم الديون إلى ما يعرف ماليا باسم عملية المقاصة بين الديون أو تبادل الديون، وهى ممارسة تجارية تقوم بها بعض مؤسسات التمويل مع عدد من الملزمين بالديون لها كأن يلتزم شخص بسداد دين مستحق عليه في وقت لاحق مقابل تأجيل سداد دين مستحق عليه في الحال. وأحيانا قد يتفق أكثر من تاجر على تبادل الديون فيما بينهم أن يقوم تاجر منهم بسداد دين شخص آخر مقابل أن يقوم المطلوب منه الدين بسداد دين آخر، وهو ما يعرف باسم المقاصة في الديون ، فهل يجوز شرعا التبادل بين الديون ؟ وهل المقاصة بين الديون جائزة شرعا ؟ وما هو الرأى الفقهي حول ذلك ؟ حول المقاصة في الديون أو تبادل الديون ذكر الشيخ ابن القيم أن المقاصة تحقق غرضا صحيحا ومنفعة مطلوبة، فإن ذمة الدائنين تبرأ من أسرها، وبراءة الذمة مطلوب لهما وللشارع، واستشهد ابن القيم بالحديث الذي رواه ابن عمر قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت : يا رسول الله ، إني أبيع الإبل ، أبيع بالدنانير واخذ الدراهم ، وأبيع بالدراهم واخذ الدنانير ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا بأس بذلك ما لم تفترقا وبينكما شيء
وهو ما أكد عليه الشيخ ابن القيم في صفحة 294 من الجزء الأول من مصنفه إعلام الموقعين: أن المقاصة تحقق غرضا صحيحا ومنفعة مطلوبة، فإن ذمة الدائنين تبرأ من أسرها، وبراءة الذمة مطلوب لهما وللشارع.
أما شروط المقاصة من الناحية الشرعية فهي أن يكون كل من طرفي المقاصة دائنا للاخر ومدينا له . كما يشترط للمقاصة الشرعية أن تكون من خلال رضا صاحب الحق الأفضل بالتنازل عن حقه في الأفضلية، مثل صفة الدين، كأن يكون دينه موثقا برهن أو كفالة، أو أجل الدين، كأن يكون أجل دينه أقصر، أو حالا والاخر مؤجلا. كما يشترط أيضا في المقاصة الشرعية تماثل الدينين في الجنس والنوع، لا في الصفة والأجل. ولكن إذا تفاوت الدينان في القدر وقعت المقاصة في القدر المشترك وبقي صاحب الدين الأكثر دائنا للاخر بمقدار الزيادة. كما يشترط في المقاصة أيضا ألا يترتب على المقاصة محظور شرعي، كالربا أو شبهة الربا.