يتعامل بعض التجار في البضائع الدائنة، وقد يكون لبعض التجار ديون لدى بعضهم البعض، كما قد يكون لبعض الأفراد ديون لدى بعضهم البعض، وفي بعض الأحيان يتفق بعض الدائنين والمدينين بالتنازل عن بعض قيمة الدين المتفق عليه إلى أجل مقابل تعجيل سداد الدين| ، فهل يجوز شرعا إسقاط جزء من قيمة المال مقابل التعجيل بسداد الدين حالا بدلا من الموعد المؤجل؟ وهل خصم قيمة نقدية من المال المستحق سداده للمدين في موعد مؤجل سلفا يعتبر صورة من صور الربا المحرم شرعا ؟ وما هو رأى دار الإفتاء في ذلك ؟ حول هذه الأسئلة يقول الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الديار المصرية، إن الفقهاء قد اختلفوا في ذلك: فذهب فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية إلى المنع، وهو المشهور عن الإمام أحمد؛ لأنه يتضمن بيع المؤجل ببعضه حالا، وهو ربا، كما في الدين الحال لو زاده في المال ليؤجله بينما ذهب جماعة إلى جواز الوضع والتعجل؛ وهو رواية عن أحمد، وبه قال ابن تيمية وابن القيم، ونسبه ابن رشد المالكي لابن عباس وزفر من الحنفية؛ وعللوا ذلك بأن فيه مصلحة للطرفين؛ فمصلحة الدائن التعجيل، ومصلحة المدين الإسقاط، والشريعة لا تمنع عقدا فيه مصلحة للطرفين إذا انتفى عنه الغرر والجهالة، كما أن الربا في هذا العقد بعيد جدا؛ لأنه لم يطرأ على بال أحد المتعاقدين حين العقد أن الرد سوف يكون أنقص معجلا.
وأشار فضيلته إلى أن الفقهاء الذين قالوا بجواز إسقاط جزء من قيمة المال مقابل التعجيل بسداد الدين استدلوا على ذلك بما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن كعب بن مالك عن كعب أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: وهو في بيته، فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته فنادى «يا كعب». قال لبيك يا رسول الله. قال: «ضع من دينك هذا». وأومأ إليه أي الشطر. قال: لقد فعلت يا رسول الله. قال: «قم فاقضه». وعلى ذلك فقد ذهب مفتي الديار المصرية إلى أنه لا مانع شرعا من أن يتعجل الدائن دينه ويضع عن المدين بعضه؛ لما في ذلك من الرفق بالمدين والتخفيف عنه، ولا يعد هذا من الربا، بل هو عكس الربا.