تظهر بعض الحالات الاجتماعية التي يعجز فيها الأب عن الإنفاق على علاجه أو معيشته بعد أن يتقدم به العمر ويصبح غير قادر على الكسب . فهل في هذه الحالة تجب نفقته على ابنائه ؟ وهل يلزم الشرع الأبناء بالإنفاق على الأب؟ وما هو رأى الشرع في ذلك في ذلك ؟ حول هذه الأسئلة يقول فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر، أن نفقه الأب إذا عجز عن الإنفاق على نفسه واجبة على أبنائه، وذلك مصداقا لقول الله تعالى : : ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ ، ومصداقا لقول الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «..أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» وهو الحديث الذي رواه ابن ماجه في "سننه" وأحمد في "مسنده"؛ وأشار فضيلته إلى أن الولد كسب أبيه، فكسبُ الولد كسبٌ له، وعن طارق المحاربي رضي الله عنه قال: قدمنا المدينة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائمٌ على المنبر يخطب الناس ويقول: «يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ فأَدْنَاكَ» وهو الحديث الذي رواه النسائي وصححه ابن حبان والدارقطني.
كما استشهد فضيلته بما جاء في كتب الأصول من أن أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لو أصاب الناسَ السَّنَةُ -أي الشدة أو المجاعة أو الأزمة- لأدخلت على أهلِ كلِّ بيتٍ مثلهم؛ فإن الناس لم يهلكوا على أنصاف بطونهم". وأشار فضيلته إلى أنه يعلم من هذه النصوص يتضح أن نفقة الأب واجبةٌ على الأبناء ما دام الأب فقيرًا وعاجزًا عن الكسب أو له دخل من معاشٍ أو راتبٍ ولا يكفيه، ففي هذه الحالة من حقه أن يطالب أبناءه الكبار باستكمال نفقته بالطرق الودية، فإن امتنع الأولاد عن الإنفاق على أبيهم كان من حقه اللجوء للقضاء لمطالبتهم بالنفقة.