اعلان

ثروت الخرباوي لـ«أهل مصر»: الإخوان خططوا لاغتيال «عدلي منصور».. والدولة مسئولة عن انتشار التكفير في السجون.. والمصالحة «وهم سياسي».. وتركيا منحت قيادات الجماعة الصفة الدبلوماسية

في حواره مع «أهل مصر» حول دعوات المصالحة مع جماعة الإخوان، كشف المفكر الإسلامي الدكتور ثروت الخرباوي العديد من المفاجآت فيما يدور داخل كواليس الأيام الأخيرة بين الدولة والجماعة.

* هل بالفعل هناك خطوات حقيقية من قبل النظام لإتمام التصالح مع قيادات الإخوان؟ 

◄ باب الصلح مع الإخوان مغلق منذ البداية، ولم يطرح هذا الملف سوى قبل فض اعتصام "رابعة"، وكانت المفاوضات بين أطراف من القوات المسلحة وقيادات من الإخوان.

لكن كان الغرور سيد الموقف من قبل طرف الإخوان، اعتقادا منهم أن الدعم الأمريكي سيمثل لهم حماية، وأن 30 يونيو سيتم سحلها تماما، وكان مخططا أن يتم إعلان حكومة موازية تعود بهم للمشهد مرة أخرى.

والآن نجد أن الإخوان تراجعوا ألف خطوة للوراء ويبحثون عن المصالحة التي توفر لهم العوة للمشهد، فخرج عصام تليمة ليلقي بالاتهامات على محمود عزت.

* لكن هناك مشاريع ومبادرات قدمت من قبل سياسيين وشخصيات عامة لاحتواء الأزمة الراهنة؟

◄ في الحقيقة لا يوجد أي مشروع صلح من قبل الدولة تجاه الإخوان، وجميع المشاريع التي قدمت من بداية محمد سليم العوا، وحسن نافعة، وسعد الدين إبراهيم، هي مشاريع وبلونات اختبار أطلقت من أجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية، لقياس رد فعل الشارع المصري.

وأصحاب هذه المشاريع عملاء لهذه الأجهزة الاستخباراتية، ورسولا لها داخل المنطقة، وهذا اتهام صريح مني لهم بذلك.

* هل هذه المشاريع مجرد بلونة اختبار لقياس رد فعل الشارع؟

◄ هذه المشاريع تمنح الإخوان نوعا من الروح المعنوية وتشعرهم أن هناك من يدافع عنهم.

فالإخوان يعتبرون مشاريع المصالحة بمثابة «شعرة معاوية» التي يحاولون أن يصنعوا بها جسر التواصل مرة أخرى مع المجتمع وبالتبعية مع النظام الحاكم، لكن في الحقيقة هم لم يجيدوا قراءة الواقع تماما.

والحديث عن المصالحة يتطلب أطرافا لهذه المشارع في ظل انهيار كامل للتنظيم، وانقسام الجماعة على نفسها إلى عدة كيانات متناحرة، ومتصارعة على سلطة التنظيم، وغير متفقة على رأي، أو وجهة نظر، فالإخوان أنفسهم مختلفون في قضية المصالحة مع النظام.

* معنى ذلك أن الجماعة منقسمة على نفسها ومنهارة من الداخل تماما؟

◄ الصراع بين جبهة محمود عزت وجبهة محمد كمال هو الأخطر في تاريخ الجماعة، والبداية كانت عقب ثورة يناير عندما تم تصعيد محمد عبد الرحمن المرسي، المسؤول الإداري للإخوان بالمنصورة إلى مكتب الإرشاد، ويقترب المرسي بعلاقة مصاهرة مع خيرت الشاطر، وفي نفس الوقت مع تصعيد محمد كمال مسئول إداري أسيوط إلى مكتب الإرشاد.

وعقب فض رابعة والقبض على قيادات التنظيم، أصبح عزت قائم بأعمال المرشد، والحقيقة أن عزت لم يترك مصر نهائيا، لأنه متمسك بالسلطة إلى أبعد حد، ويعلم أن مصر هي أرض المعركة، وإذا تركها وسافر سيديرها من هو قائما عليها.

* لكن هل من مصلحة عزت البقاء داخل مصر في ظل الملاحقات الأمنية؟

◄ «عزت» استخدم رجاله في إطلاق الشائعات التي تشير إلى هروبه من قبيل تضليل الرأي العام والأجهزة الأمنية، وقام بإصدار قرار بتشكيل لجنة تدير مكاتب الإخوان في الداخل والخارج لمتابعة أنشطة الجماعة وتقليل حجم الضغوط الأمنية عليه.

وكانت هذه النقطة تحديدا بداية إشعال الأزمة نتيجة انفراد «محمد كمال» بالقرارات، في ظل اختفاء عزت عن المشهد، وترتب على ذلك تكوين جبهتين أحدها تميل للنهج الثوري المناهضة للدولة والنظام، وتتهم القيادة التاريخية بالفشل في إدارة التنظيم خلال المراحل السابقة.

وجبهة أخرى أيدت فريق «عزت» في كل قراراته وتحركاتها على المشهد، وهي الأزمة التي تدخلت فيها قيادات دولية مثل القرضاوي ومحمد أحمد الراشد، والغنوشي وغيرهم، لكن «عزت» لم يستجيب لمثل هذه المبادرات باعتباره السلطة الأعلى في التنظيم.

ما دفع «محمد كمال» إلى محاولة إحراج «عزت» وجبهته على مستوى التنظيم، فأعلن في بيان صوتي أنه قرار التخلي عن منصبه ليمنح فرصة للأجيال الجديدة لإدارة شئون الجماعة، ودعا مختلف قيادات التنظيم إلى التأسي بقراره.

لكن «عزت» رد بقوة على هذا الأمر، واتخذ قرارا بتجميد عضوية كل المختلفين معه في إدارة الجماعة، على مستوى الإخوان الهاربين في تركيا وقطر، أو الإخوان المقيمين في الدول الأوروبية.

* حالة الانقسام الواضحة بين الجبهتين هل بفعل الأجهزة الاستخباراتية التي تستخدم التنظيم في تحقيق مصالحها؟

◄ أحد قيادات الإخوان، أبلغني صراحة أن المخابرات التركية طلبت من قيادات الجماعة قائمة بالشخصيات الإخوانية المحكومة عليها بالمؤبد والإعدام، سعيا لاستخراج جوازات سفر دبلوماسية لتفادي الضغوط التي يمارسها النظام المصري على الإنتربول الدولي للقبض علي هذه العناصر، هذه هي الحالة الوحيدة التي لا يمكن تسليم فيها هذه العناصر للأجهزة الأمنية.

وقدمت الجماعة بالفعل قائمة بـ100 من عناصرها، إلا أن المخابرات التركية خفضت العدد لـ50 فقط.

وفي النهاية منحت المخابرات التركية الصفة «الدبلوماسية» لـ22 قيادة إخوانية فقط من الـ50، بينما تم رفض 28.

وأشارت في تقريرها الذي قدمته لقيادات الجماعة أن الـ22 متعاونين فعليا مع المخابرات التركية لذلك تم قبول منحهم الصفة الدبلوماسية، بينما تم رفض باقي المجموعة، لكتشاف المخابرات التركية تعاونهم مع أحد الأجهزة السيادية المصرية.

* هناك قيادات داخل الإخوان طرحوا فكرة الفصل بين الجانب الدعوي والجانب السياسي؟

 ◄ دعوات بعض قيادات الإخوان وطرح فصل العمل الدعوي عن العمل السياسي، مثلما فعل إخوان تونس مجرد تحايل على الواقع لخداع الرأي العام مرة أخرى، وتصدر المشهد السياسي بشتي الطرق، فالأمر لا يخرج عن كونه تقية سياسية.

* الحديث عن مراجعات فكرية لقيادات الإخوان داخل السجون متصدر المشهد حاليا بقوة؟

◄ المراجعات الفكرية، والمحاضرات الشرعية التي تنظمها الأجهزة الأمنية للحد من خطورة تنظيم الإخوان في المقام الأول تخص دوائر الربط العام، والمتعاطفين مع الجماعة وليس التنظيمين باعتبارهم أكثر تشددا وولاء للجماعة على المستوى الفكري والثقافي.

والدولة تنبهت إلى أن السجون تمثل بوتقة لصهر العناصر وتحويلهم بسهولة إلى قوالب إخوانية صرف، وانتقالهم من نطاق التعاطف إلى مستوى الانتماء التنظيمي، إذ يمثل السجن بيئة خصبة لتشكيل عقول هؤلاء المتعاطفين لاسيما أن غالبيتهم في مراحل الشباب، ويمكن التأثير عليهم.

ومن ثم كان على الدولة أن تتحرك لمواجهة هذه الأزمة بالمعالجة الفكرية، وهي متيقنة تمام أن قيادات الإخوان لن تجدي معهم المراجعات الفكرية.

ورغم علم الدولة وتحركها تجاه هذا الأمر فإنها لم تقدم مشروعا حقيقيا لمواجهة الفكر التكفيري داخل السجون، وهو ما حدث إبان فترة عبد الناصر حيث خرج منها جماعة شكري مصطفي، وقيادات التيار القطبي، وأيضا في الثمانينات خرج عاصم عبد الماجد وعبود الزمر، الذين مثلوا رموز الإرهاب والتطرف حتى اللحظة الراهنة، فالشاهد من ذلك أن الدولة وفرت المنطلقات الفكرية للإرهاب والتطرف ولم تقدم بشكل حقيقي وفاعل أي مبادرة للقضاء على الانحراف الفكري.

* معنى ذلك أنه لا سبيل من المراجعات الفكرية لقيادات الإخوان؟

◄ المراجعات الفكرية ليست مؤثرة على قيادات الإخوان، لكن عملية تدمير التنظيم وبنايته هي الأداة الأكثر تأثيرا في ظل الأزمة الراهنة، وحالة التشتت التي يعشها من تبقى من الإخوان داخل الصف الإخواني.

فقيادات الجماعة تحاول حاليا أن تصدر لشبابها عملية سقوط حكم الإخوان على أنها حربا ضد الإسلام، فتراهم يلتفون حول مصطلحات «يوتوبيا الإسلام»، وأن حربهم ليست مع النظم الحاكمة، بقدر حربهم مع الكيان الصهيوني الذي خطط لإسقاط الإسلام وإسقاطهم باعتبارهم الممثل الحقيقي عن الدولة الإسلامية.

* لكن هناك كلام عن انشقاقات بين عناصر الجماعة داخل السجون؟

◄ داخل السجون هناك قسمان أحدهما يحاكم الإخوان باعتبارهم ارتكبوا أخطاء أدت إلى سقوطهم، وسقوط الحركة الإسلامية ككل، حيث أنهم لجأوا إلى التدرج في تطبيق الإسلام وأحكامه، وهذا القسم يتزعمه حازم أبو إسماعيل، وترى هذه المجموعة أنه يجب معاقبة الإخوان شرعيا بتهمة التباطؤ في تطبيق الشريعة وأحكامها.

بينما القسم الثاني يرى أن جماعة الإخوان لم تخطئ وأن ما تمر به مجرد محنة ربانية، ولا مانع من مراجعة تحركات الجماعة وأهدافها في ضوء ما وضعته رموز الإخوان على مدار تاريخهم، ويتزعم هذه المجموعة خيرت الشاطر ومحمد بديع.

وهناك محاضرات للقسمين وجلسات لتدارس آرائهم الفكرية مع إتباعهم داخل السجون، في ظل تخاذل واضح من إدارة السجون والأجهزة الأمنية التي لم تحرك ساكنا.

* لكن من المعلوم أن أنصار أبو إسماعيل غالبيتهم يميل إلى التكفير والجهاد المسلح؟

◄ تيار أبو إسماعيل به كيانات متداخلة فكريا تعتمد التكفير أصلا في حكمها على المجتمع، مثل التوقف والتبين، والتكفير والهجرة، وهذه جماعات تكفر مباشرة، اعتقادا منها أن المجتمع لم يطبق شرع الله وحكمه.

وبعضهم يؤمن بالكفر العمد، وهو كفر لا يحتاج إلى مراجعة صاحبه بل قتله مباشرة، وهؤلاء مثل رجال الشرطة والجيش والقضاء.

بينما يرى البعض بكفر الغفلة، وهو كفر يستتاب ويراجع فيه صاحبه، فإن لم يتراجع عما يفعل يقتل فورا.

* في الفترة الأخيرة اتجه الإخوان لعملية التأصيل الشرعي لصراعهم مع الدولة المصرية؟

◄ الإخوان أعدوا دراسات عديدة مؤخرا عن الموقف الراهن الذي تعيشه الجماعة، لاسيما ما يتعلق بمواجهتهم للنظام الحاكم، وهناك دراسات تم تسريبها داخل السجون لعناصر التنظيم، تأصل للجانب الشرعي في مواجهة رجال الشرطة والقضاء والجيش عسكريا، والمجتمع أيضا باعتباره الداعم الأساسي للنظام الحاكم.

الدكتور عبد الرحمن البر قدم دراسات للتأصيل الشرعي لما يسمى «فقه الاختبار والمحنة» وهو الطرح الذي يتجه إليه إخوان السجون حاليا، تفاديا لتحميل الجماعة أخطائها في الحكم.

وعبد الرحمن البر قدم في دراسته الحكم الشرعي لكل من وقف ضد الجماعة، خلال مرحلة سقوط حكمها، فوصف ضباط الشرطة والجيش، ورجال القضاء، ورجال الدولة، بجنود فرعون، ويجب محكامتهم، وإقامة الحد عليهم.

وأن باقي الشعب يجب أن تنشر بين أفراده دعاة من الإخوان لتوضيح جريمة الوقوف ضد الجماعة ومشروعها الدعوي والسياسي.

وقد ركزت دراسة البر على نقطة هامة وهي من يجب أن يقيم حد القتل على معارضي الجماعة ومسقطوها، وهنا استندت الدراسة إلى شهادة الشيخ الغزالي في المحكمة في قضية حكم قتل الكاتب فرج فودة، وهي أن الحكومة وولي الأمر هو من بيده تنفيذ الحكم وليس الأفراد والجماعات.

وبما أن الحكومة من رجال الشرطة والقضاء والجيش، التي حاربت وأسقطت حكم الإخوان ودولتهم، فكيف لها أن تطبق الحكم على نفسها، لأنها متهمة.

ومن ثم لابد من اللجوؤ لأهل الحل والعقد، وهم من وجهة نظر الدراسة قيادات مكتب الإرشاد، وبناء عليه وفق ما أكد الخرباوي أن قيادات الإخوان في السجون أعطوا الأوامر لعناصر التنظيم لتنفيذ عدة عمليات مسلحة، كان منها اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، وأيضا هناك خطة لتصفية كل القائمين على فض اعتصام رابعة.

وأكد الخرباوي أن محمد عبد الرحمن المرسي، ومحمد جمال حشمت هما من أشرف على تنفيذ العمليات التي قام بها عناصر الإخوان داخل مصر.

وكشف الخرباوي أن قيادات الإخوان نفذت خطة لاغتيال المستشار عدلي منصور منذ شهور قليلة لكنها بأت بالفشل، ولم تكشف الأجهزة الأمنية عن تفاصيل العملية، حيث وضعوا سيارة مفخخة في طريقه، إلا أن الأجهزة الأمنية تمكنت من كشف المؤامرة والسيارة التي حملت أطنان من المتفجرات، كما أنها قبضت على منفذيها خلال ساعات من الواقعة تقريبا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً