ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأوروبية، في أخر عدد لها، أن كبار نواب الحزب المحافظ في ألمانيا بقيادة المستشار فريدريش ميرز ألمحوا، في ظل تزايد القلق بشأن قدرة الجيش الألماني "البوندسفير" على الدفاع والردع، إلى إمكانية إعادة العمل بالخدمة العسكرية الإلزامية، التي تم إلغاؤها عام 2011.
وبحسب المجلة، فإن الحكومة الألمانية رغم أنها تعمل حاليًا على إعداد تشريعات لإعادة بناء الجيش الذي يتقلص عدده بشكل متزايد، إلا أن جهود التجنيد حتى الآن تعتمد على التطوع فقط. غير أن نوابًا بارزين من التحالف المسيحي الديمقراطي حذّروا من أن هذا النهج قد لا يكون كافيًا لتلبية المتطلبات الجديدة، خصوصًا في ظل خطط حلف شمال الأطلسي "الناتو" الدفاعية المستحدثة.
من جانبه، قال توماس إيرندل، ممثل التحالف المسيحي في لجنة الدفاع بالبرلمان، في تصريح خاص للمجلة:" إذا تبيّن أن احتياجات البوندسفير الكبيرة من الأفراد، خاصة في ظل خطط الناتو الجديدة، لا يمكن تلبيتها من خلال النموذج التطوعي فقط، فسيكون من الضروري إدخال عناصر إلزامية".
والنموذج الجديد المقترح للخدمة العسكرية سيتضمن عملية تسجيل محدودة تهدف إلى تحديد الشباب الذين يظهرون اهتمامًا أو قدرة على الخدمة. لكن هذا النموذج لا يعتبر تجنيدًا إلزاميًا تقليديًا، بل محاولة لتشجيعهم على توقيع عقود قصيرة الأجل بشكل طوعي.
◄ اقرأ أيضًا | ألمانيا تسارع الزمن لتوسيع شبكة الملاجئ المقاومة للقنابل
وأشار إرندل إلى اتفاق الائتلاف بين الديمقراطيين المسيحيين والحزب الديمقراطي الاجتماعي "SPD"، الذي ينص على أن الخدمة العسكرية المُستأنفة ستكون طوعية بشكل مبدأي - وهي صياغة يرى المحافظون أنها تُفسح المجال أمام إمكانية الخدمة الإلزامية.
بدوره، أكد وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، العضو في الحزب الديمقراطي الاجتماعي، خلال خطابه أمام البرلمان الألماني في مايو الماضي، أن التركيز على التطوع "مبدئي".. وقال: "لا يزال لدينا عدد قليل جدًا من الأفراد لما يجب على قواتنا المسلحة إنجازه".. ومع ذلك، استبعد بيستوريوس أي احتمال للعودة إلى الخدمة الإلزامية في المستقبل القريب.
وقال في اجتماع وزراء دفاع "الناتو" في بروكسل يوم الخميس الماضي:" التجنيد الإجباري لا يفيدنا إطلاقًا في الوقت الحالي، لأننا ببساطة لا نملك القدرة الكافية - لا في الثكنات ولا في التدريب".. مضيفا: "يجب أولاً بناء هذه القدرات. وحتى ذلك الحين، يُطبّق مبدأ التطوع".
وجادل فالكو دروسمان، المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي لشئون السياسة الدفاعية في البرلمان، بأن النقاش الحالي "يغفل تمامًا عن المشاكل الحقيقية التي نواجهها". وبدلاً من العودة إلى التجنيد الإجباري، قال: "أعتقد اعتقادًا راسخًا أن الخدمة العسكرية الجديدة ستُصمّم بطريقة جذابة للغاية بحيث يختار عدد كافٍ من الشباب التطوع".
كما حذّر دروسمان من أن ألمانيا لا تملك الثكنات أو المعدات أو البنية التحتية اللازمة لاستيعاب تدفق هائل من المجندين. وقال: "لتدريب آلاف الشباب، نحتاج أيضًا إلى ما يلزم من أماكن إقامة ومعدات ومدربين. لا يتوفر أي من ذلك حاليًا بكميات كافية".
وقال باتريك سينسبيرج، رئيس جمعية جنود الاحتياط في الجيش الألماني:" لا نعتقد أن الاعتماد على المتطوعين وحده سيكون كافيًا. فبدون التجنيد الإلزامي، لن يتمكن الجيش الألماني من تجنيد عدد كافٍ من الجنود، ولن يكون لدينا أيضًا سكان مدنيون قادرون على الصمود".
جدير بالذكر أن ألمانيا علّقت الخدمة العسكرية الإلزامية عام 2011، منهيةً بذلك نظامًا شكّل القوات المسلحة والمجتمع المدني على حد سواء. ومنذ ذلك الحين، انخفض عدد القوات - الذي يبلغ حاليًا حوالي 181 ألفا و500 جندي - بشكل كبير عن الأهداف المرسومة، فيما يُحذّر قادة النقابات العسكرية الآن من أن ألمانيا قد تحتاج إلى ما يصل إلى 260 ألف جندي للوفاء بالتزاماتها العسكرية.