محمد فتحي يكتب: انتخابات الشيوخ و "السماسرة"

محمد فتحي
محمد فتحي

لم يتبقى سوى أيام قليلة على انتخابات مجلس الشيوخ، بعد أن ظل مغلقًا لفترات طويلة لاستكماله دستوريًا، إلا أنني شاهدت الدعاية الانتخابية تُظهر وتُبين لنا أن هذه الانتخابات ستكون عن طريق الحشد والاصطفاف، وسط غياب تام للشباب في هذه الانتخابات، نظرا لاستحواذ رؤوس الأموال وعدم وجود وجوه جديدة على الساحة الانتخابية، مما دفع العبض للإعلان عبر منصات التواصل الاجتماعي بعدم المشاركة فيها.

لكل انتخابات تربيطات واتفاقيات معلومة لدى بعض السياسيين، إذ يحرص العديد منهم على تربيطات ما قبل الانتخابات، وهي بمثابة المراجعة النهائية أو الأخيرة قبل ليلة الامتحان بالنسبة لطلاب الثانوية العامة، تسعيرة معينة، اتفاق يُحاسب عليه المرشح لـ«سماسرة الانتخابات»، من أجل حشد الناخبين وتوجيههم انتخابيًا لانتخاب صاحب «السبوبة».

غاب الشباب ولم نرى مرشحًا واحدًا منهما على الساحة، إذ ظهر أعضاء الحزب الوطني ومؤسسية في صورة جديدة لأحزاب أخرى لأن «الطبع غلاب»، مدعين أنهم تواجدوا وقرروا خوض الانتخابات من أجل الوطن والمواطن، لكنهم لن يستطيعوا أن يمحوا ماضيهم العكر مع الحزب الوطني، متسائلا لماذا تم قبول مرشحين كانوا أعضاءً لمجلس الشورى سابقا، عن الحزب الوطني؟، وهل ستكون الانتخابات عن طريق الحشد أم الاصطفاف؟.

من وجهة نظري أن الانتخابات ستكون عن طريق الحشد، وكل حزب سيلعب دوره على أكمل وجه، عن طريق خروج المواطنين إجباريًا للإدلاء بأصواتهم لمرشح ما، أو لحزب ما، ولو لم يلعب «السماسرة» أدوارهم المطلوبة منهم كما خُطط لهم لن تكون نسبة التصويت 30% من قبل المواطنين، خوفًا من «كورونا» وعدم إقتناعهم بالمرشحين المتزاجدين على الساحة الانتخابية.

أتمنى أن أرى مشهدًا انتخابيًا كما نشاهد في الدول الخارجية سواء كانت أوروبية أو عربية، وترك الحرية الكاملة للمواطن، وحق الاختيار وليس إجباره على اختيار مرشحًا ما، كما أتمنى أن يكون هناك تشديدات أمنية مكبرة لمنع الموجهين أو «السماسرة» من أمام لجان الانتخابات ومنعهم من الوقوف أمام اللجان كما نراهم كل انتخابات، سواء مجالس نيابية أو انتخابات رئاسية.

الظروف الراهنة التي يمر بها العالم، والإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس «كورونا»، ساعدت على عدم مشاهدتنا «الجلباب والبوس والأحضان» داخل سرادقات العزاء والأفراح من قبل المرشحين، فلم نجد مرشحًا واحدًا يطوف قرية أو مركزًا من أجل إظهار برنامجه الانتخابي، لأنهم ليس لديهم برامج انتخابية، بل اعتمدوا على «السماسرة» التي تراهم متواجدين أمام اللجان.

اتخذت الدولة إجراءات كثيرة وكبيرة من أجل منع انتشار فيروس «كورونا»، إذ قامت بغلق المساجد لفترات طويلة، منع وسائل النقل الجماعي، تخفيض عدد العاملين في المصالح الحكومية والخاصة، غلق المحال التجارية، أشياءً كثيرة قامت الدولة بإتخاذها، لكن مرشحي الشيوخ غاب عن ذهنهم هذه الإجراءات، فكل يومًا نشاهد مؤتمرًا لمرشح ما يحشد فيه المواطنين، داخل إحدى منازل «السماسرة»، ولم يُفكر في كورونا أو غير كورونا، كل ما يهمه هو إدعائه أنه قام بالترشح من أجل البسطاء والفقراء، فهل سيتم إتخاذ إجراءات لمثل هؤلاء المرشحين أم لا؟.

من لا يعرف أو يعلم دور السماسرة فهو معروف أو مهمته الأساسية هي: «علم على فلان، أو انتخب فلان، أو إعمل صح على رمز الشباك»، أقاويل كثيرة وصغرات أكثر نشاهدها كل انتخابات، فهل «الشيوخ» سيشهد مثل هذه الأقاويل أم لا؟.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً