كنت أول من نادى بضرورة النظر للقرى والنجوع بنظرة خاصة فيما يتعلق بقانوني التصالح وتقنين منازل الفقراء المقامة على أملاك الدولة، وكنت أيضا أول من نادى بضرورة تحديد مبلغ 50 جنيها للمتر للتصالح في القرى والنجوع وقد كان وعادت الحكومة أثناء تعديلها لأخطاء قانون التصالح بتحديد 50 جنيها للمتر بالقرى والنجوع وهو ما نزع فتيل الأزمة وأعاد الأمور إلى نصابها وهدأت الأجواء ورحب المواطنون بتلك القرارات وأقبلوا على تقديم طلبات التصالح.
وحتى لا يتكرر ما حدث في ملف التصالح أعيد التذكير بخطورة مايتم في ملف تقنين منازل الفقراء المقامة على أملاك الدولة والتي لا تخضع لقانون التصالح ولكنها تخضع لقانون 144 لسنة 2017 الخاص بتقنين أوضاع أملاك الدولة، والخطر هنا عدم مراعاة الأبعاد الاجتماعية والإنسانية للمواطنين خاصة في القرى والنجوع ممن يسكنون تلك المنازل من عشرات السنين،
وفيما يتعلق بهذا الأمر أعيد نشر نص رسالة للرئيس أحملها له من عشرات بل مئات القرى وملايين المواطنين من فئة محدودي الدخل من كل محافظات مصر المختلفة، والذين لا يروا مخرجا من أزمتهم ولا حلا لمشكلتهم إلا بتدخل رئيس الجمهورية الإنسان والمسئول الأول عنهم، خاصة بعد تجاهل وزراء ومسئولين وإعلاميين كبار لصرخاتهم ورسائلهم التي نقلناها لهم خلال الشهور القليلة الماضية، وأكرر دعوتي بتحديد 50 جنيها لتقنين منازل الفقراء في القرى والنجوع المقامة على أملاك الدولة أسوة بما تم في قانون التصالح.
سيادة الرئيس رسالة الملايين تتضمن رجاء بتدخل رئاسي سريع في ملف تقنين منازل الفقراء في القرى والنجوع المقامة على أملاك الدولة منذ عشرات السنين، هذا التدخل لا يتضمن إعفائها أو استثنائها بالكلية ولكن مراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية عند تسعيرها ووضع حدود سعرية تتناسب مع إمكانيات البسطاء، خاصة أن الكثير منهم لا يملك حتى قوت يومه، وأيضا تتناسب مع حالتهم الثابتة منذ عشرات السنين ومعاناتهم الكبيرة خلال المرحلة الماضية.
سيادة الرئيس تتردد عشرات الأسئلة في ذهني وأتمنى أن تضعها لجنة استرداد أرض الدولة في الحسبان، هل يمكن أن نطلق على أهالي مئات القرى والنجوع لفظ “ناهبي” أراضي الدولة، هل هم مواطنين لهم حق السكن أم لا، هل نعاقبهم بقوانين اليوم على فعل تم في ظل قوانين أخرى وفي ظل ظروف أخرى، هل نغلق أمامهم كل الأبواب ونعيد بيع منازلهم لهم بسعر اليوم وبتقديرات لا يستطيع 10% منهم الوفاء بها، وما العمل في حالة عدم القدرة على السداد خاصة وأن 50% منهم على الأقل تحت خط الفقر هل ستزيل اللجنة منازلهم القديمة هل ستطردهم إلى الشارع للحفاظ على “حق الشعب”, أليسوا من الشعب؟.
سيدي الرئيس لقد خلطت اللجنة بين "ناهبي" أراضي الدولة وحيتان الاستيلاء عليها بغرض الاستثمار أو البيع أو الانتفاع بأي صورة من صور التربح، وبين البسطاء في القرى والنجوع خاصة بالظهير الصحراوي للمدن والمحافظات الذين يتخذون بضع عشرات من الأمتار سكنا لهم منذ عشرات السنين ويدفعون حق انتفاع أو إيجار أو أي مسمى أخر للجهات الرسمية؟.
سيدي الرئيس تحت عنوان "حق الشعب" يجب ألا يضار جزء من "الشعب" بسبب تداعيات عمل اللجنة حتى ولو كانت تداعيات طبيعية ومنطقية تحدث عند تطبيق أي قرار أو أي مشروع قومي يهدف لخدمة الوطن والحفاظ على ممتلكاته، لذلك يجب مناقشة الأمر بدقة وموضوعية وبلا خوف ولا مواربة، فإذا كان الأمر يتعلق بحق الشعب فيجب أن تستمع اللجنة لجزء كبير من هذا الشعب والأخطر أن هذا الجزء لم يكن معني ولا متداخل في قرار رئيس الجمهورية الذي أصدرته سيادتكم في 2016 بتشكيل اللجنة، والتي أكدتم خلاله أن اختصاص الجنة الرئيسي هو استرداد أراضي الدولة المنهوبة والمعتدى عليها وأظن أن ما كان يقصده الرئيس هو كل صور التربح التي تنطوي عليها تلك التعديات وليس مجرد بضعة أمتار المواطنين الفقراء التي تسمى على استحياء منازل أو مساكن والتي أطلق الرئيس مؤخرا مبادرة لتطويرها وتنميتها للوصول لـ"حياة كريمة" للقرى الأكثر فقرا.
الحقيقة الأمر يحتاج لنقاش جاد داخل أروقة اللجنة وتحت قبة البرلمان، وهنا أنقل للسيد الرئيس صرخات الفقراء ومطالبهم بتدخل رئاسي لاستثناء السكن الخاص للمواطن بإجراءات تقنين خاصة وميسرة وبمبالغ رمزية لمحدودي الدخل داخل القرى الفقيرة، وليس المقصود هنا بتمليكهم منازلهم مجانا ولا بعدم تقنينها ولكن تقنينها بأسعار في متناول أيديهم.