محمد سويد يكتب.. جماعة ولاد حرام!

محمد سويد
محمد سويد
كتب : أهل مصر

تضج منابرنا بالتحريم، بينما يتعامل المنتمون لجماعة الإخوان والمحبون، في الداخل والخارج، على طريقة عرّاب الخمريّات في الشعر العربي، أبو نواس حين اتّخذ الخمر عقيدةً يُجاهر باعتناقها ويدعو إليها رغم تحريمها بقوله:

'وإنْ قالوا: حرامٌ، قلْ: حرام ولكِنّ اللّذاذَة َ في الْحَرامِ !'.

أُزيحت جماعة الإخوان عن حكم مصر في 30 يونيو 2013، على خلفية إفساد الحياة السياسية والاستبداد بالحكم والتمكين لأهل الثقة، في مفاصل الدولة على حساب الكفاءة -رغم ما أبدوه من مرونة مصطنعة-، كان القول الفصل لمكتب الإرشاد، فخرجت جموع الشعب معلنة نفاد صبرها ورفضها لاستمرار ما أسموه بحكم المرشد، فواجهوا غضبة الناس باستدعاء نزعة العنف التي ورثوها عن مؤسسهم حسن البنا، وعززتها أدبيات سيد قطب، تبنوا منهجه وتشبثوا به، فلم تسعفهم عدتهم، في حسم المعركة، إلى هنا ظل الصراع سياسي دنيوي لا علاقة له بالآخرة، وإن ألبسوه ثوب الدين.

في غضون ذلك، أذكر أنني قد رافقت السفير نبيل فهمي وزير خارجية مصر الأسبق، إبان تلك الفترة -رئيسا للقسم الدبلوماسي بروزاليوسف-، وقد بذل ومعه سفراء مصر في العالم جهوداً مضنية، لتغيير وجهة نظر ومواقف كثير من الدول، التي ارتأت ما يحدث في مصر آنذك انقلاباً على السلطة، وإطاحة برئيس مدني منتخب، لم يحمل فهمي وفريقه فتوى من الأزهر أو رأياً من الكنسيه ليغير قناعة العالم، ولكن عكف فريق عمله مع الجهات السيادية، على توثيق وترجمة أعمال العنف، التي تورط فيها تنظيم الإخوان، وبالفعل بدأت قناعات العالم تتبدل أمام وقائع لا علاقة لها بما كانوا يروجون لكونه صراع ديني ! وتعاقبت الاعترافات الدولية بثورة 30 يونيو.

مؤخراً تابعنا بيان هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، التي اعتبرت فيه الإخوان المسلمين 'جماعة إرهابية لا تمثل نهج الإسلام'، مضيفة أن 'الجماعة تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لتعاليم الدين'. وبقدر ما لاقاه هذا البيان من استحسان عربي رسمي، أعاد شراذمهم إلي الصورة ولم يأت بيان مرصد دار الإفتاء المصرية وتصريح الدكتور شوقي علام مفتي الديار بجديد، كون الانتماء لتنظيم الإخوان 'حرام شرعاً'، فقد سبق ووصفهم ب'خوارج العصر' في أكثر من مناسبة.

وعلى ذكر التحريم، أحسن شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب صنعاً، بفطنته في تفويت الفرصة على إعادة أبواق الجماعة وتنظيمها السري إلى مربع الجهاد باسم الدين الذي يجيدون التعامل معه، ويستطيعون أن يسوقوا في ذلك عشرات الأسانيد، بينما هم فاشلون سياسياً، وطامعون في الحكم لا طامحون إلي الآخرة، لم يتناول الإمام هذا الموضوع برمته رغم دعاوِ إعلاميين -بيتوتهم من زجاج- ، حاولوا جره لمعركة شكلية، كانوا بالأمس يصفقون لحكم الإخوان، واليوم ينصبون أنفسهم أوصياء على دولة 30 يونيو.

لست عالماً ببواطن الأمور، ولكن في تقديرى أن تحريم الانضمام للجماعة المصنفة عربياً بالإرهابية، لن يضيف ، إذا كنا نخاطب الرأي العام العالمي، أو نستبق مجئ بايدن الراعي الرسمي لمنهج الديمقراطية والحريات، حقاً لقد وقعنا في الفخ، وأخذتنا ممارساتهم ومناوشاتهم الإعلامية من المنصات التركية، واتخاذهم من البيت الأبيض قبلة بعد قرب رحيل ترامب، وإعادة تقديم أنفسهم لساكن البيت الأبيض الجديد جو بايدن، بادعاء المظلومية، مستغلين خلط الدين بالسياسة الذي عانينا ويلاته، منذ أن استظلوا بشعار 'الإسلام هو الحل' وحصدوا مكاسب جمة في الفترة من عام 1982 وحتى عام 2010، إبان عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.

وعلى صعيد مصر والسعودية والكويت في ليبيا وتونس، وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكة، ترى جماعة الإخوان نفسها أمام واقع جديد يستوجب انتهازية لحصد مكاسب غابت عنها لسنوات، لن يفلح التصدي لها بالتحريم، فها نحن نخاطب أنفسنا ونتكلم في المرآة، بينما ينتظر الآخر -بثوابته العلمانية-، تحركاً مدنيا وحقائق ووقائع، ترقى إلى مستوى الجرائم، فحسب لإجهاض مخططات العودة تحت ستار الدين، وإلا سنسلم بالمثل الشعبي القائل بأن ' أولاد الحرام مخلوش لأولاد الحلال حاجة'! ، و سيصبح أبو نواس سابقاً لعصره في إقرار جماعة الإخوان ومريديها بأن اللذاذة في الحرام!

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً