جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر بأفكار الثورة الفرنسية عن الحرية والمساواة، وعلى الرغم من الإجراءات التي سبق لنابليون اتخاذها فيما يتعلق بمناهضة الرق وتحرير الأرقاء في جزيرة مالطة قبل نزوله إلى شواطئ مصر وإظهار السلطات الفرنسية الجديدة في البلاد المزيد من التسامح تجاه الأرقاء الآبقين من أسيادهم، فأن نابليون قد اضطر لتغيير خططه في هذا الصدد بالكامل تحت ضغط الباب العالي عليه، وإعلانه الجهاد ضد الفرنساوية مما أفقده المبرر الدعائي الذي استخدمه منذ أن وطئت قدماه مصر، من أنه جاء ليؤدي المماليك العصاة الخارجين عن طاعة خليفة المسلمين العثماني، بالإضافة إلى أن وباء الطاعون فتك بأعداد كبيرة من قواته، مما الجأه، بعد أن فشل في تعويض النقص الذي أصاب قواته المحاربة بضم بحاوة أسطوله إلى هذه القوات، إلى أن يقوم هو نفسه بإنتاج علاقات الاسترقاق من جديد داخل مصر وبأن استعار نفس أسلوب أعدائه المماليك الذين أخذوا على أنفسهم حتى بعد هزيمة قواتهم النظامية ضد القوات الفرنسية، أن يلحقوا بالفرنسيين الهزيمة باستخدام حرب العصابات، التي نجحوا في شنها ضد القوات الفرنسية في طول البلاد وعرضها بالتعاون مع الأهالي والعربان.
في الجنوب، أثرت بشكل كبير على موارد أسواق النخاسة في مصر من الرقيق الأسود، حيث عمد الخلفاء المهديون إلى منع وصول هذا الصنف من الرقيق إلى مصر لحرمان محمد على من ضمهم إلى جيشه، أو حتى استخدامه في أعمال المجهود الحربي ضد المهديين، فقد أدرك الخليفة عبد الله المهدي أن الرقيق الأسود والذي يصل إلى مصر عبر السودان، يمثل سلعة استراتيجية بالنسبة للمصريين في الشمال، فيصدر الخليفة عبد الله أمره إلى قائد الميداني ولد النجومي الذي كان يستعد في ذلك الوقت للقيام بحملة عسكرية في اتجاه الحدود المصرية في الشمال بالاستيلاء على كل ما يصادفه من رقيق وإرساله نحو الجنوب كما يرسل الخليفة أمراً مماثلاً إلى عامليه كرقساوي وكرم الله الشيخ محمد بمنع تداول الرقيق الذكور نهائياً، نظراً لما يصفه بــ "امتداد عين الكفرة عليه لاسيما في العبيد الذكور"
وفي نفس هذه الحقبة تقريبا عمد حكام مصر الخديوية إلى الاستفادة من إلحاح الرأي العام في البلدان الأوروبية لإبطال تجارة الرقيق في إرسال حملات عسكرية نحو الجنوب لفرض السلطة المصرية على مناطق السودان وضمها إلى ممتلكات الخديوي في مصر، وحيث استفاد كل من عباس الأول وسعيد والخديوي إسماعيل من قضية مكافحة الرق، في تأمين دعم الدول الأوروبية للحملات العسكرية المصرية التي استهدفت إعادة فتح السودان وحتى بعد وقوع مصر تحت الاحتلال البريطاني في عهد الخديوي توفيق فإن المخابرات العسكرية البريطانية بالقاهرة كانت حريصة على رصد سلوك الخلفاء المهدين فيما يتعلق بتنظيم الاتجار في الرقيق الأسود، وقد ذكرت في تقاريرها أن قرار الخليفة بمنع الاتجار في الرقيق الذكور قد أدى إلى اتساع التجارة في الإناث، وحيث كان يتم عرض ما يقرب من 60 أمة للبيع يوميا في سوق النخاسة الرئيسي بأم درمان.
كما تقرر نفس التقارير أنه بعد استيلاء كرقساوي على إقليم بحر الغزال في سنة 1303ه / 1886م فإن أعداد العبيد والأسرى الآخرين الذين تم سبيهم وبيعهم كرقيق للتجار النخاسين قد أدى إلى هبوط الأسعار بشكل واضح، حيث رست صفقة بيع 200 رأس من العبيد الذكور بالمزاد على تاجر يدعى محمد صالح الجعفري، وكان جملة ما دفعه ثمن نقل هذا العدد من العبيد 25 ريال مجيدي فقط للرأس، والريال المجيدي كان يساوي في ذلك الوقت 20 ًقرشا ًمصريًا! على الرغم من أن سعر رقيق العمل كبير السن الواحد كان يتراوح قبل ذلك بن 50- 80 ريال مجيدي لرأس الرقيق الواحد