قد يعتبر البعض ان فيلم الممثل المصري محمد سعد تتح هو مجرد تنويعة من منتج على نفس نسيج أفلام سابقة له تستهدف طبقة شعبية باسم شعبي قد يكون محبب لهم، ولكن في حقيقة الأمر فإن فيلم تتح هو النسخة المصرية من فيلم المخرج الأمريكي جريج باك مستر جرين، فتتح على الرغم من أنه شخص عادي محدود الثقافة إلا كان قادرا في كل المواقف على أن ينطق بالحقيقة وبالحكمة التي لا يجرؤ من يعتبرون أنفسهم حكماء قادرين على النطق بها. لقد شاهدت هذا الفيلم أكثر من 400 مرة حتي الان، ولا أزال اشاهده .. وكنت في كل مرة أتوقف عن مشهد تتح بائع الصحف وهو يناقش استاذ الجامعة في المدرج ويجيب على السؤال حول المواطنة بأن المواطنة تعني له ضمن ما تعنى ( عيش الانبوبة والدائري بالليل) ، وعندما يسخر منه استاذ الجامعة يشرح له تتح كيف أن الناس تتعرض للسرقة على الدائري ولم يشرح أهمية الانبوبة على اعتبار أنها تشير لحق المواطن في الحصول على الطعام والطاقة بثمن في متناول يده بخلاف لقمة العيش. فليس صحيحا أن الفيلم لإضحاك الناس فقط بل قام فيه محمد سعد بما قام به مستر جرين، وهو الرجل البسيط الذي وجه مواعظ للمجتمع وللسياسيين وحتى للدولة.
إن محمد سعد هو الامتداد الطبيعي للفنان الكبير الراحل محمود شكوكو الذي أبدع لنا فيلم عنتر وبلبل، وكان من كلاسيكيات السينما المصرية التي عززت فكرة مقاومة الاحتلال الانجليزي . ولكن مع ذلك فإن محمد سعد في فيلم تتح يتجاوز مستر جرين فقد كان عند تتح الشجاعة ليلقي على الجمهور ما تشبه العظة خاصة في المشهد الذي يتصدى فيه لظاهرة زواج القاصرات من اثرياء عرب، وفي نفس الوقت يعيد محمد سعد إلقاء العظة عندما خاطب لواء الشرطة في مشهد اقتحام البنك وقال له " والله البلدي دي ماشية بالبركة " وذلك ردا على جملة اللواء له بأنه لا يملك خطة لتحرير الرهائن داخل البنك، ثم يعيد العظة للواء مجددا عندما يقول " أنا مش عايز حاجة من مصر بس مصر عايزة مني إيه" . لا يجب أن نخطأ محمد سعد كما يحلو لبعض النقاد وصف أفلامه بالسطحية والتفاهة بداية من سلسلة أفلام اللمبي وحتي فيلم حياتي مبهدلة، في كل فيلم من أفلامه يلجأ محمد سعد للتقرب من الطبقات الشعبية وينقل لهم العظة والدرس، ولكن بطريقة تبدو أسهل في الفهم والمنطق، نذكر له عظة يلقيها أمام القاضي في فيلم بوحة عندما يطالب القاضي بأن يبحث عن حل لأزمة المواطن الذي لا يجد لقمة العيش، وكأن بوحة الصباحي كان في ذلك الوقت يحذر من ثورة في طريق، وهى الثورة التي حدثت بالفعل بعد ذلك .. لقد كنت افكر على الدوام في أن اكتب عن تتح وعن محمد سعد ، وكنت اتوقع سخرية المثقفين أو أدعياء الثقافة وأدعياء النقد، فقررت أن اكتب في عنوان مقالي عن تتح وعن محمد سعد ومستر جرين مفردة أو أكثر مما يستخدمها المثقفون المزعومين للدلالة على ثقافتهم الرفيعة، وهى مفردات لا يفهمها أحد ولا يفهمها حتى من يكتبها، ولكن حتى يبدو الناقد مثقفا وواعيا فيجب أن يكتب ما لا يفهمه الناس، فقررت أن احشر كلمة (فيمولوجيا) في العنوان حتي يبدو مقالي مثل مقال كبار المثقفين المزعومين وكبار النقاد، وهى في حقيقة الأمر كلمة ليس لها أى معنى على الإطلاق ولكني وجدت أن شكلها لطيف فقررت أن اخدع به كل من يقرأ هذا المقال لأثبت له في نهاية المطاف أن لغة تتح ولغة بوحة وحتى لغة اللمبي هى التي سوف يفهمها الناس