تعلمنا في القانون أن كل مشكلة يمكن أن يكون لها حل منصف وعادل وناجح، وذلك لأن القانون هو في حقيقته قاعدة تحكم سلوك الأفراد في مجتمع معين، ومن ثم يجب ألا تنفصل عن مشكلات حياتهم.
فعندما اندفعت الحكومة في زمن رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور عاطف عبيد - ومن تلاه - في حُمى بيع القطاع العام وخصخصته؛ بدعوى اختلال هياكله المالية، وتحقيقه خسارات فادحة، وللأسف كانت ولا تزال حجة مدحوضة؛ لأنه كان يكفي إن صح هذا التعلل، إصلاح الإدارة الحكومية لهذه الشركات، إلا أن ما حدث أنه لن يتحدث أحد عن أسباب هذه الخسارة وكيفية علاجها !!
ويجب الأخذ في الاعتبار، أن ديون هذه الشركات قد تراكمت نتيجة إلزامها ببيع منتجها بسعر اقتصادي لمستهلكين معينين، كما في بيع الأسمدة للجمعيات التعاونية، ومثله كثير، وهو سبب صنعته الحكومة نفسها، ولكنها الآن تتجاهله للأسف.
بل إمعانا من الحكومة، في هذا الوقت، بالتسرع في البيع، ناقضت نفسها وباعت بأبخس الأثمان شركات ناجحة ومربحة، واشتراها أغنياء هذا الزمان، والذين لم يعهدهم المجتمع رجال مال وأعمال بحق، وإنما تجار أزمات تاجروا في قوته، ودوائه، ونهبوا أمواله، إذ اشتروها في الأغلب الأعم بأموال صغار المدخرين في البنوك الوطنية بثمن بخس، ومن ثم لم يضيفوا إلى اقتصاد الشعب شيئا، ثم فككوا المصانع والشركات، وتاجروا في دم الشعب وقوته ومستقبل أبنائه، وأضافوا الآلاف من أبنائه إلي طوابير العاطلين.
تتكرر فصول المأساة مرة بعد مرة للأسف على الرغم من أن القانون الإداري يطرح حلا سحريا لهذه المشكلة، يتمثل في عقد الالتزام، والذي يعني أن تتعهد الحكومة لشخص طبيعي أو معنوي بإدارة مرفق عام (شركة اقتصادية - أو هيئة خدمية - أو فندق)، مقابل رسم يحصله من تأديته الخدمة للجمهور، أو جُزء من الإنتاج يتم الاتفاق عليه.
وهنا تظل الشركة أو الهيئة أو الفندق ملكا للدولة، وتحصل الدولة على نسبة من العائد تتراوح بين 60% و 70%، تزيد أو تنقص وفق ظروف المرفق وطبيعة نشاطه.
وفي ظل هذا العقد، تحفظ الدولة ملكية الشعب، وتدير مرافقها بكفاءة كما يفعل القطاع الخاص، وتضمن وجود تدفقات مالية لا تنقطع عن خزانتها فضلاً عن ضمان الملتزم بتطوير المرفق وتحديثه.