زيارة لها مغزى كبير جدا تلك التي يجريها الرئيس التونسي قيس سعيد إلى بلده الثاني مصر، وسط حفاوة رئاسية وشعبية، وترحاب لا حدود له في بلد الأصالة والكرم.
صدعونا على مدار 10 سنوات عندما كانوا يتحدثون عن ثورات الربيع العربى وما جرى بعدها، وكانوا يضربون بتونس المثل والقدوة في صنع دستور وصنع توافق وطني هناك، كان البعض من المتنطعين يقول دائما أن الإجابة هي تونس، سيروا على نهجها، وتناسى البعض أن مصر دولة كبرى لها ثقل عالمي وعربى، وأنها قادرة على صنع تجربة فريدة، وهذا ما حدث الآن من تطور في البنية التحتية وإنجازات ومشروعات قومية نسمع عنها كل يوم.
قيس سعيد نزل أهلا وحلل سهلا، يسير في حواري القاهرة القديمة، ويتبرك بالإمام الحسين ويزور ضريح عبد الناصر والسادات، ويذهب إلى الأوبرا لمشاهدة أمسية فنية، ويلتقي شيخ الأزهر، مصر بلد الحضارة والفن، بلد العراقة والأصل، عرف قيمتها قيس فأصر أن يزورها ليبرهن للعالم كله أن مصر لها تجربتها التي تستحق الاحترام والتقدير.
رسالة بعلم الوصول من قيس إلى العالم: "أنا الآن في حضرة التاريخ، بل من أتى قبل أن يوجد التاريخ، أنا الآن في حضرة العراقة والأصل، في حضرة مهبط الحضارات أم الدنيا التي كانت وستظل الأم الكبرى لكل الدول العربية، أسير في ضواحيها بأمان تام، وأتمتع بجوها وكرم أهلها".
رسالة قيس من القاهرة، أن النيل حق أصيل للمصريين نتضامن مع هذا الحق ولا يستطيع أحد أن يسلبه، هؤلاء هم العرب وقت الأزمات يدافعون عن مصر، رسالة إلى إثيوبيا "مصر ليست وحدها"، العرب جميعهم في خندق واحد للدفاع عن حق مصر في مياه النيل بالحقوق المشروعة.
التقارب التونسي المصري ليس وليد اللحظة، بل إن حجم التبادل التجارى بين البلدين يتجاوز 572.3 مليون دولار، ناهيك عن الاقتصاد فالروابط التاريخية بين البلدين حاضرة ولا أحد يستطيع إنكارها، إذ دعمت مصر الحركة الوطنية التونسية ضد الاحتلال الفرنسي، ووقفت تونس إلى جانب مصر أثناء العدوان الثلاثى عام 1956.
من منا ينسى استقبال جامعة الأزهر على مدار تاريخها علماء تونسيين بارزين أشهرهم ابن خلدون الذى عمل مدرسًا بالجامع الأزهر، والشيخ محمد الخضر حسين، الشيخ الواحد والأربعون للأزهر الشريف، حيث تولى مشيخة الأزهر فى 1952م.
وعلى المستوى الرياضي تتمتع الأندية المصرية بشعبية كبيرة فى تونس، هم يعشقون الكرة ونحن نعشقها أيضا حتى ولو كان هناك بعض الاختلافات أحيانا، لكن يبقى الود والحب والاحترام.