بعد أن تراجع الفرس بسبب مقاومة الجيوش المصرية وبسبب الفيضان الذي أغرق كثير من عدتهم وعتادهم واعمل فيهم الفشل والهزيمة تولى ملك مصر جدحر أو اوتيوس كما دعاه مؤرخي الإغريق حكم البلاد وعمل على استمالة إسبرطة وأثينا معا فى صفه وتأهب للخروج بهم عبر الحدود لضرب جيوش الفرس خارج بلاده وليحرمهم من خيرات الشام المسيطرين عليها ولتموين هذا الجيش الضخم وإرضاء المرتزقة من الإغريق والإسبارطيين فرض تضحيات اقتصادية ضخمة على الشعب؛ فأمر بمصادرة كثير من مدخرات المعادن الثمينة' وحض الكهنة على التنازل عن جانب من أملاكهم وفرض نسبة ضريبية معينة على عمليات البيع والشراء إلى جانب تعميم ضريبة العشر على الأرباح ومصادر الدخل.
وعندما خرج الجيش الكبير إلى الشام أعاد إلى الأذهان امجاد الدولة المصرية الحديثة لولا أن أتى الملك چدحر الطعنة من مأمنه فى مصر والشام ففى مصر انقلب على چدحر اخوه ونائبه على العرش مستغلا غضب البعض بسبب فرض الضرائب وكان هذا الأخ طاعنا فى السن فاستدعى ابنه الذى فارق صفوف جيش عمه وعاد ليقود الإنقلاب بدلا من أبيه وفى الشام لما سمع الاثينيين الإسبارطيين بالخبر انحازوا لمصالحهم كالعادة وتركوا الملك وحده الذى لجأ إلى صيدا ويروى أنه طلب حق اللجوء السياسي بعد ذلك من الفرس.
وظهر إنشقاق فى جانب الإغريق من حيث الوقوف مع مصر ضد الفرس فمقدونيا الناهضة بزعامة فيليب الثانى رأت مساعدة مصر ضد الفرس وعبر أرسطو عن هذا الرأى' بينما أثينا العجوز رأت عدم مساعدتها من خلال خطيب اثينا الأشهر حينذاك ديموستينيس.
تولى ابن الأخ عرش مصر الذى لقب بنخت حرحب فأعاد الاستقرار للبلاد ورد هجوم اخر للفرس على مصر ' وحظيت مصر بفترة قصيرة من الاستقرار لكنها لم تدوم للأسف.
نهاية المطاف أعاد الفرس ترتيب صفوفهم وقاموا بالهجوم على مصر فى خريف ٣٤٣ق.م بقيادة ارتا كسركسيس الثالث( اوخوس )
ونجحوا فى احتلال مصر للمرة الثانية وقاموا بالإنتقام من شعبها ونهب ثرواته حتى أجلاهم الأسكندر المقدونى ودخل مصر عام ٣٢٣ق.م بصفته منقذ مصر من الفرس وانتهى عصر الأسرات الفرعونية عند هذه الحقبة إلى الأبد بالاحتلال الرومانى لمصر.
فى حلقات أخرى قادمة سوف نتحدث عن مظاهر الحياة والدين والفن والأدب فى العصور الفرعونية وحكايات طريفة ومشوقة لم تروى من قبل.