د. خالد غانم يكتب: المرأة ريحانة

خالد غانم
خالد غانم

الحياة الزوجية قائمة على المودة والرحمة، وليست على العنف والقسوة، بيد أنه تطالعنا في هذه الأيام حالة من توتر العلاقات بين بعض الأزاوج، أسفرت في بعض الأحداث بكبيرة كبيرة وهي القتل!!

إن أي توتر تقع مسئوليته على الزوجين، الذين تغافلا عن مهمتهما الإنسانية والزوجية، فالزوجة ينبغي أن تكون ريحانة وليست بكهرمانة ـ كما ورد في الآثار عن بعض السلف.

حينما نغوص في دنيا المجتمع لاستجلاء هذه الأجواء المتوترة، نجد أنها قد يكون لها بواعث عديدة نذكر منها خمسة:

1- حالة من الضجر وضيق العيش عند البعض وعدم الصبر والتصبر من قبل الزوجين، فالحياة حينما توصف بالراضية المرضية، تغمرها السعادة، وحينما يعتريها السخط والضجر والقنوط يخالطها النكد وينتابها الملل، وفي هذه الحالة لا بد أن يرض الإنسان بما قسمه الله من رزق مادي ومن رزق معنوي ساقه الله للزوج والزوجة، حتى تصفو الحياة وتهدأ.

2- وجود أشخاص في حياة الزوج أو الزوجة ـ من الأهل أو الأصدقاء ـ هم بمثابة الناصح المخادع، والمتسلط بالرأي البائس، يظل يمخر هؤلاء في أدمغة الأزواج كيما ينصاع إلى الرأي المذاع، فيستقبل الزوجان هاك الكلام بآذان صاغية، وقلوب خاوية، وعقول كالة، فيروح كل واحد منهما إلى عراك وشجار، وأقوال يفوح منها ريح بالشر عاتية، وهنا ينبغي أن يحذر الزوجان من مقالة السوء، ومن مقارنات ليس لها مجال ولا مأرب إلا اهتزاز العرش، وزعزعة الفرش.

3- اختلاف الطبائع، نتيجة البيئة التي نشأ فيها الزوجان، أو الفوارق العلمية والتعليمة، أو الإطارات المادية والمكانية، والتي توضح حالة عدم الكفاءة، فلا هو كفء لها ولا هي كفء له، مما يسوء خلق أحدهما مع الآخر، ويعتدي أحدهما على الآخر، مع أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال: لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ( أبو هريرة ـ صحيح مسلم).

4- المقاطع المرئية غير الهادفة والتي تسهم في إخراج الحياة الزوجية من لباس التقوى والمودة والرحمة، إلى لبوس العداء والكيد والتسلط والتربص، وبدلا من أن يأخذ المجتمع الجانب الحسن، أصبح البعص يقتبس الجانب السيء مما يشاهده ويتأثر به، مع أن الإنسان ميزان نفسه.

5- سيل الفتاوى التي نشاهدها في بعض البرامج والقنوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والتي يميل فيها المسئول ـ في إجابته ـ إلى جانب دون آخر، ولم يوجه رسالة لكلا الطرفين، مما تكون الفتوى سبيلا لاستعلاء أحدهما على الآخر، والمرجو أن يعالج المسئول أي سؤال من كل جوانبه وزواياه ويعجبني في هذا الأستاذ الدكتور مبروك عطية في معالجته لكثير من القضايا الاجتماعية.

ما هكذا تكون الحياة الزوجية رحمة الله الأعرابية حينما وزانت بين حق الزوج والزوجة، ووجهت رسالة لابنتها مما يضمن حياة زوجية رائعة، وقالت تُوصيها:

أي بُنية! إن الوصية لو تُركت لفضل أدب تُركت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل، ومعونةٌ للعاقل. ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها، وشدة حاجتهما إليها، كنتِ أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خُلقن، ولهن خُلِق الرجال.

أي بنية! إنك فارقت الجوَّ الذي منه خرجت، وخلَّفت العش الذي فيه درجت، إلى وكرٍ لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه؛ فأصبح بملكه عليك رقيبًا ومليكًا، فكوني له أمةً، يكن لك عبدًا وشيكًا.

أي بنية! احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرًا وذكرًا:

* الصحبة بالقناعة.

* والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.

* والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقَعْ عيناه منك على قبيح، ولا يشمَّ منك إلا أطيب ريح.

* والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود.

* والتعهُّد لوقت طعامه، والهدوء عنه عند منامه؛ فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.

* والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله؛ فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم حسن التدبير.

*ولا تفشي له سرًّا، ولا تعصي له أمرًا؛ فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره.

* ثم اتقي مع ذلك الفرح إن كان ترحًا، والاكتئاب عنده إن كان فرحًا؛ فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير.

* وكوني أشد ما تكونين له إعظامًا، يكن أشد ما يكون لك إكرامًا.

* وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما تكونين له مرافقة.

فباب الحياة الزوجية مفتاحه مع الزوج ـ حينما يكون قوَّامًا عائلا ـ وأسنان المفتاح مع الزوجة، وذلك حينما تكون الزوجة ريحانة ومطواعة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً