قامت الدُنيا فى أمريكا ولم تقعد عندما صدَرَ القانون الأخير الذى يمنع أو لَنقُل يُضّيق الخناق على الإجهاض، وهو منع جزئي غير مُكتمل إذ لا يزال الإجهاض مسموحاً فى حالات حددها القانون الجديد مثل الإغتصاب والتشوه الجنينى، ومن بعدها تبارى المؤيدون والمعارضون فى إستعراض حيثيات رأيهم عبر الشاشات ومواقع التواصل، وقد وَقَف الرئيس الأمريكى نفسه فى صفوف المُدافعين عن حرية الإجهاض والمُعارضين للقانون، هذا الرجل المَهيب (الكُبارة) بلغتنا العامية قرَّر أن يُلخص لنا تجربة حياتِه المديدة المليئة بالتجارب والخبرات فى رأي مُناصِر لحُرية المرأة فى قتل رَوح تكونت فى أحشائها بعد علاقة إرتضتها هى مع من أحبت!
ويَضِربُ الخلاف حول حق الإجهاض بجذوره فى المجتمعات الغربية مُنذ أوائل القرن التاسع عشر عندما كان الإجهاض مُحرماً، وقد كان الإجهاض فى ذلك الوقت إعتباراً من الحركة الأولى للجنين فى بطن الأم (الإرتكاض)، وقد لاحَق القانون الصارم وقتها كل المُشاركين فى عملية الإجهاض بدءاً من صاحب الوصفة الطبيعية (العَطَار بلُغتنا) والجَراح والمُمرضة إنتهاءاً بالأم.
وظَل الإجهاض مُحرماً فى أمريكا حتى عام 1973 عندما صدر قانون (رو ضد ويد) الذى أباح الإجهاض أو لنقل أنه لم يُجرّمه! ومن بعدها ظل حق الإجهاض ورقة يتلاعب بها الرؤساء المتعاقبون على الولايات المُتحدة لجذب الناخبين من الناحيتين المؤيدة والمُعارضة فتارة يُخففون القيود وتارة يُشددونها، وقد حدث ذلك كله وسط جدال مُجتمعى وَصَل أحياناً لدرجة العُنف عندما إغتيل أحد جراحين الإجهاض كما تم تفجير عيادة من العيادات المُتخصصة في هذا النوع من العمليات! وأخيراً ومُنذ أيام صدر القانون المُجّرِم للإجهاض والذى يُقلص الحالات المسمح فيها بالإجهاض لتشمل فقط حالات الإغتصاب أو التشوه الجنينى وبشروط.
لكن اللافت للنظر أن النقاش فى هذا الموضوع فى بلاد الغَرب كان دائماً يدور حول حق الحياه للجنين أو حق المرأة فى التحكم فى جسمها أو الإجهاض فى أى مرحلة من مراحل الحمل، ولم تتم مناقشته أبداً من وجهة نظر أخلاقية أو دينية !لم يتكلم أحد عن عاقبة إزهاق الروح وعن قُدسية الحياه فى الدين،ولم يَعُديتكلم أحد عن حُرمة الحمل خارج الزواج مع أن أغلب حوادث الإجهاض تَخُص ذلك النوع من الحمل! للأسف غاب الدين وغابت الأخلاق تماماً عن المُناقشات.
ويجدر بنا أن نقول أن الإسلام أجاز الإجهاض فى أى مرحلة من مراحل الحمل فقط إن كان في إستمراره خطراً على حياه الأم، و يَحرُم الإجهاض على إختلاف فى المذاهب فى جميع الحالات الأخرى مع بعض الإستثناءات إذا كان عمر الجنين أقل من أربعة أشهر ويَحرُم مطلقاً بعد أربعة أشهر وهو ما أفتت به دار الإفتاء المصرية.
والحق أن الخوف من الله قد غاب عن كثير من الأفراد فى المجتمعات الغربية فأباحوا لأنفسِهم العلاقات خارج الزواج ثم أباحوالأنفسِهم قتل النَفس التى حرم الله إلا بالحق لولا القانون ! كما غابت رقابة المُجتمع فلا وجود لكلمة (عَيب) ولا وجود لـ(كبير العائلة) ولم يَعُد التناصح فى الخير والفضيلة موجوداً فعاش كل فردٍ منهم فى صومعته يفعل ما يحلو له إلا إذا استوقفه القانون ! فلله الحمد على الدين وعلى التقاليد الموروثة وعلى كلمة (العيب) فى مجتمعنا.
حفظنا الله وذريتنا ومجتمعنا من كل إنحراف.