هل الحرام حرام لذاته أم لمصلحة بشرية؟ وهل نفعل المكروه ولا نأثم من الوقوع في الذنوب ؟

دار الافتاء
دار الافتاء

لا تزال مسألة الحرام والحلال من المسائل الشائكة في الفقه الإسلامي، وعلى الرغم من أن المحرمات في القرآن الكريم تحريما صريحا تعد على أصابع اليد ، لكن مع ذلك فقد توسع الفقه في قائمة المحرمات حتى كادت هذا القائمة أن تصبح لا نهائية ويضاف لها كل يوم الجديد ؟ فهل تحديد الحلال والحرام متروكا للفقه والاجتهاد أم أن الحلال والحرام يحددهما القرآن والسنة النبوية المطهرة؟ وهل الحرام حرام لذاته أم لمصلحة بشرية ؟ أما الحرام فهو هوما طلب الشارع تركه على وجه الحتم والإلزام ، وتعريفه بالخواص أو بالحكم : هو ما يذم شرعا فاعله . ويعرف طلب الترك على سبيل الحتم إما بمادة الفعل التي تدل على التحريم كلفظ الحرمة أو نفي الحل ، ويسمى الحرام أيضا معصية وذنبا وقبيحا ومزجورة. كما ينقسم ينقسم الحرام إلى قسمين : حرام لذاته ، وحرام لغيره، فالحرام لذاته : هو ما حكم الشارع بتحريمه ابتداء من أول الأمر ، وذلك لما اشتمل عليه من مفسدة راجعة إلى ذاته كالزنى والسرقة والصلاة بغير . فالتحريم وارد هنا ابتداء على الفعل نفسه لا لشيء آخر .

أما الحرام لغيره : وهو ما يكون مشروعة في الأصل واقترن به عارض اقتضى تحريمه ، كالصلاة في ثوب مغصوب ، والبيع الذي فيه غش ، أو البيع وقت النداء الصلاة الجمعة ، وصوم يوم العيد ، وصوم الوصال ، وزواج المحلل ، ونحو ذلك مما طرأ عليه التحريم لعارض ، أما أصل الفعل فقد يكون واجبا أو مندوبة أو صباحا ، إلا أنه لاقترانه بأمر خارجي جعل حراما ، فالفعل ذاته لا مفسدة فيه لكن اعترضه ما جعله حراما ومقيدا. لكن مع ذلك فقد يكون الحرام حراما لمصلحة بشرية كأن يحرم الزنا لحماية الأنساب والأعراض والسرقة حرام لحماية المال والقتل والسحر حرام لحماية النفس.

ويخرج عن الحرام ما وصفه الأصوليون بالمكروه، والمكروه هو ما طلب الشارع ترکه لا على وجه الحتم والإلزام . ومن أمثلة المكروه كثرة السؤال ، وإضاعة المال فلا يوصف بالحل والحرمة ، وإلا كان واحدا منها . وحكم المكروه أن فاعله لا يستحق العقاب وقد يستحق اللوم والعتاب .كما ينقسم المكروه إلى المكروه تحريما : وهو ما طلب الشارع تركه على وجه الحتم والإلزام بدليل ظني بأخبار الآحاد ، مثل البيع على بيع الغير ، والخطبة على خطبة الغير ، فكلاهما مكروه تحريما لقول الرسول له : « ولا يبيع الرجل على بيع أخيه، و ويتميز المكروه التحريمي عن الحرام : في أن الحرام هو ما طلب الشارع ترکه على وجه الحتم والإلزام بدليل قطعي كالآيات القرآنية والسنن المتواترة أو المشهورة ، كالسرقة والربا والزنى وشرب الخمر ولبس الحرير والذهب للرجال . ويشترك الاثنان في استحقاق العقاب والذم بالترك . والمكروه التحريمي في الحقيقة إلى الحرام أقرب ، أما المكروه تنزيها : وهو ما طلب الشارع تركه لا على وجه الحتم والإلزام ، أكل لحوم الخيل للحاجة إليها في الحروب ، الوضوء من سؤر الهرة وسباع الطير ، وترك السنن المؤكدة وغيرها . ويعارضه في ذلك المباح، والمباح هو ما خير الشارع المكلف بين فعله وتركه، وهو ما لا يتعلق بفعله مدح ولا ذم.

WhatsApp
Telegram