اسم وادي السيليكون Silicon Valley يرتبط بأسماء شركات لامعة كأبل، وفيسبوك، وأوبر، وأي بي، ولنكدان وغيرها من الشركات الكبرى في عالم تكنولوجيا المعلومات بأمريكا وغيرها من دول العالم، والتي تشاركنا حياتنا اليومية بابتكاراتها التكنولوجية الكبرى، والحقيقة التي قد يجهلها الكثير أن السيليكون فالي لا يقتصر فقط على تلك الشركات بل هناك آلاف من الشركات الأخرى والتي لا تقل نجاحا عنها ولها أسرار وقصص نجاح مذهلة ومثيرة للاهتمام. والحقيقة الأخرى هي أنه بقدر تلك النجاحات، فهناك أيضا إخفاقات وفشل وإفلاس لكثير من الشركات.
وحين تصدر خبر انهيار بنك سيليكون فالي بمدينة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية عقب فشله في جمع 2.25 مليار دولار (1.9 مليار جنيه إسترليني) من أجل سداد خسارة بيع الأصول، خصوصا السندات الحكومية الأمريكية، والتي تأثرت بارتفاع أسعار الفائدة، وقد كان من نتيجة ذلك حدوث بعض الاضطرابات المالية والتي تسببت في رحيل عملاء البنك وأثارت مخاوف المستثمرين حول الحالة العامة للقطاع المصرفي بأمريكا
وفي ذات السياق أعلنت وزيرة الخزانة الأمريكية بأنه لا خطة لإنقاذ "بنك سيليكون فالي" والذي أصابه الانهيار خلال نهاية الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن تقوم إدارة بايدن بالعمل مع المنظمين بهدف مساعدة المودعين المتضررين من جراء الأزمة المصرفية نتيجة انهيار بنك سيليكون فالي بالولايات المتحدة، كما أنه قد تم التأكيد من المسئولين بأن الأزمة المالية الحالية لا تتشابه مع الأزمة المالية لعام 2008، والتي نشأت نتيجة انهيار بعض المؤسسات الكبرى مما هدد بإفشال النظام المالي العالمي».
وقد سعت وزيرة الخزانة الأمريكية لتقديم التهدئة من المخاوف الناتجة من تأثر النظام المصرفي الأمريكي والبالغ قيمته حوالي 23 تريليون دولار وذلك عقب تداول خبر انهيار بنك إقليمي صغير نسبيا، بحسب ما تناولته جريدة "ذي جارديان"، قائلة: "النظام المصرفي الأمريكي آمن ومرن ويتمتع برأس مال جيد، ويمكن للأمريكيين أن يثقوا في سلامة وصحة نظامنا المصرفي".
كما وجهت وزيرة الخزانة الأمريكية رسالتها لبث الطمأنينة والتهدئة بقولها «اسمحوا لي أن أوضح أنه خلال الأزمة المالية، كان هناك مستثمرون وأصحاب بنوك كبيرة نظامية تم إنقاذها. لكننا قلقون بشأن المودعين ونركز على محاولة تلبية احتياجاتهم».
كما تم التنويه عن بحث خطط مقترحة من البنك المركزي الأمريكي والمؤسسات الاتحادية للتأمين على الودائع لإدارة تداعيات إغلاق "بنك سيليكون فالي" في حال لم يتم إيجاد مشتر له، من خلال حماية جميع الودائع غير المؤمنة في (بنك سيليكون فالي)، والسعي لإزالة الذعر من النظام المالي الأمريكي، حيث إنه نتج عن تلك الأخبار أصداء في جميع دول العالم ولهذا فقد سارعت الحكومة البريطانية للحد من أي تداعيات ناجمة عن إغلاق فرع البنك في المملكة المتحدة، وكذا لاحت مخاوف في دول مثل إسرائيل والهند نتيجة اعتماد شركات التكنولوجيا على هذا البنك، وفي ذات السياق قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إنها تعمل مع الجهات التنظيمية للقطاع المصرفي بغية مواجهة انهيار بنك سيليكون فالي، وهو أكبر بنك ينهار بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
والقلق يزداد من أن يكون لانهيار البنك تأثيرا على البنوك الأخرى بالولايات المتحدة، لذا ظهرت بعض المبادرات لحل تداعيات تلك المشكلة حيث أعلنت مجموعة "ليكوديتي جروب" والمتخصصة في إدارة وتقديم القروض لشركات التكنولوجيا بأنها تخطط لتقديم قروض طارئة بقيمة 3 مليارات دولار للعملاء من الشركات الناشئة والمتأثرة بانهيار بنك سيليكون فالي.
هذا وقد أدى انهيار "بنك سيليكون فالي" إلى موجة انخفاضات ضربت أسهم قطاع البنوك في الولايات المتحدة وامتدت إلى أسواق آسيا وأوروبا، ولهذا وقع أكثر من 3500 من الرؤساء التنفيذيين والمؤسسين الذين يمثلون نحو 220 ألف موظف على عريضة مناشدة، دشنتها شركة واي كومبينيتور، بهدف توصيل صوتهم للمسؤولين الأمريكيين حتى يتم دعم المودعين، والتحذير من تعرض أكثر من 100 ألف وظيفة للخطر.
ومن المعلوم أن الاقتصاد الأمريكي هو اقتصاد قائم على فكر استثماري ربحي وربما كان أباطرة عالم البنوك المتحكمون في سوق المال والأعمال هم من عائلة واحدة أو تجمعهم مصلحة واحدة لذا تصاعدت أزمة بنك سليكون فالي الأمريكي والمتخصص في تمويل الشركات التكنولوجية والناشئة، بعد انهياره نتيجة مواجهة سحب غير اعتيادي للودائع وأزمة في رأس المال، وسيطرة المنظمون الفيدراليون عليه.
هذا وقد نتج عن انهيار بنك سيليكون فالى أن عصف بالعملة الإلكترونية "USDC" بعد أن هبطت بنحو 10 % وقد ذكرت شركة العملات المشفرة الأميركية Circle، بأنها لم تتمكن من سحب 3.3 مليار دولار من أصل 40 مليار دولار من احتياطيات العملة المستقرة USDC، من البنك المنهار سليكون فالي، كما وضحت شركة Circle بأنها نقلت نسبة صغيرة من ودائع احتياطي USDC المحتفظ بها في Silver gate إلى شركائها المصرفيين الآخرين.
وأعتقد أن تلك الأزمة لن تؤثر على البنوك المصرية، حيث أن البنك المركزي المصري، قد وضح في بيان صحفي عدم وجود أي تداعيات سلبية على القطاع المصرفي المصري ووضح بان البنوك المصرية لا تملك أية ودائع أو معاملات مالية مع بنك سليكون فالي الأمريكي، ولكن تداعيات تلك الأزمة قد تطال بعض الشركات الكبرى في مجال تكنولوجيا المعلومات، وقد تتسبب في إشعال أسواق تداول العملات الرقمية وربما يكون العكس نتيجة عدم شعور المستثمرين بالأمان ما لم يتم السيطرة على الوضع بشكل سريع من أجل تحقيق الحماية والأمان لتلك العملة الرقمية ذات الأهمية الكبرى في عالم المال والأعمال