عن خطورة الأعمال الدرامية والفنية وأهميتها فى حياتنا فى البداية نريد أن نعرف معنى الدراما والأعمال الدرامية. الدراما تتناول حدث معين فى المجتمع بصورة فنية.
والمقصود هنا بصورة فنية يعنى بصورة متعمقة ومختلفة عن الصورة الواضحة المعروفة العادية التى يراها كل الناس فالفنان سواء كان كاتب أو رسام أو ممثل أو موسيقى يبدع فى صنع صورة جديدة مرتبطة بالواقع ولكنها لا تتشابه معه تماما بل تبلوره فى شكل جديد يؤدى إلى كشف الحدث من الداخل فنرى الأمور واضحة أمامنا نرى اسباب الحدث ومراحل تطوره والعقدة التى أدت إلى تفاقم الحدث.
وكيف يتم التغلب عليها وحلها وذلك عن طريق التطرق إلى المشاعر المصاحبة للحدث والتى يكون لها دور كبير فى تطور الحدث فمشاعر الكراهية مثلا هى التى دفعت شخص ما إلى الإنتقام من شخص آخر وهكذا فى جميع المشاعر والأحاسيس.
العمل الدرامى الصحيح يعمل على تنقية هذه المشاعر وتحليلها وايضاحها للمتلقى فيكون العمل الدرامى مثل نموذج جيد فى الذاكرة يحتذى به فى المواقف المشابهة يتعلم منه فالعمل الدرامى يعتمد فى الأساس على قصة أو رواية والقصة أو الرواية إنما تروى أو تمثل لتكون عبرة وفكرة جديدة عن الواقع يحتفظ بها عقل الإنسان وهذا بالتحديد الذى يحدد قيمة الأعمال الفنية وهو البقاء فى الذاكرة كمخزون للمعرفة والشعور.
هناك مئات الأعمال الدرامية والفنية لم تحقق هذا وبالتالي لا يكاد يذكرها أحد وفى المقابل هناك أعمال وان كانت قليلة إلا أنها خالدة وباقية فى الذاكرة لأنها تمثل قيمة معرفية ووجدانية اثرت فى المشاهد.
خطورة الأعمال الدرامية تكمن فى الرؤية والأفكار التى يتبناها صناع العمل وتحليلهم الخاص للمجتمع ومكوناته من ظروف وأشخاص والتى يكون من بينهم ابطال العمل فإذا تبنى مثلا العمل الدرامى شخصية إجرامية بنوع من التعاطف وألقى باللوم على المجتمع الذى دفعه للجريمة وبرأوه فى نهاية العمل تعاطف الجمهور من البطل فإذا واجه بعض الأشخاص الذين شاهدوا هذا العمل ظروف مشابهة صعبة توجهوا مباشرة للجريمة كما فعل البطل وذلك لأن هذه الصورة انطبعت فى داخلهم بطريقة غير مباشرة وقس على ذلك كل النماذج مثل المرأة التى تخون زوجها لأنه لا يهتم بها أو لأنه مشغول عنها أو الفتاة التى تعرضت لصعوبات معيشية فقررت ترك الفضيلة والإتجاه إلى الإنحراف.
الفن سواء كان عمل درامى أو لوحة فنية أو قصيدة او نص مسرحى أو رواية وقصة هو أداة للتخفيف عن الإنسان ولا اقول للترفيه من معاناته بسبب الأمور الكثيرة التى يواجهها فى حياته وربما لا يجد لها حل فالفن يفتح له باب للتعبير عن همومه وأحزانه والتنفيس عنها ثم الإرتقاء فوقها عندما يجد النور الذى دله عليه هذا العمل أو ذاك ومن هنا يرتقى الفن بالمجمتعات إذ يفسر لأفرادها الواقع ويعلمهم كيف يتخطونه بالمعرفة أما إذا جاء الفن فأقر الواقع بما فيه من مشكلات وظلم وإضطهاد وخيانة فإنه يدفع المتلقى إلى اليأس والإحباط والعزلة او إلى اللجوء للتعامل بنفس الطريقة والإنتقام لنفسه من هذا المجتمع والعمل على تخريبه ومواجهة الشر بالشر مثلما يحدث فى كثير من الأعمال وهذا أمر شديد الخطورة يؤدى إلى تفكك المجمتع وتدميره من الداخل.
إذا لم يكن فى استطاعتنا الآن التحكم فيما يقدم لنا من أعمال سواء محلية أو عالمية قد تؤثر على شخصياتنا ومشاعرنا وسلوكنا فبالتأكيد نحن نستطيع أن نحدد ما نشاهده وما لا نشاهده نستطيع التفكير فيما يريد أن يوصله لنا هذا العمل وهل هو فكر جيد وصالح للحياة أم أنه فكر فاسد وغير صالح للإستخدام الآدمى.