طارق متولي يكتب: مذهب البهامية

طارق متولي
طارق متولي

العقل هو أكبر نعمة من الله سبحانه وتعالى على الإنسان، فهو الذي يمكنه من إدراك كل مصالحه ومنافعه، والإنسان بدون العقل ليس له أي قيمة ولا يرجى منه أي نفع.

العقل، هذا الجهاز العملاق الجبار يعمل بشئ واحد يمثل الوقود بالنسبة لتشغيله ألا وهو الأفكار، فالأفكار هي التي تشغل العقل وتحركه فيعمل ويكون الشعور والإحساس والدوافع ويرسم الخطط والتصورات، ويعطي الأوامر لجميع أعضاء الجسد للتحرك وفق هذه التصورات، والأفكار تتشكل في العقل عن طريق كل ما يراه ويسمعه ويلمسه ويشعر به ويعايشه منذ ولادته حتى مماته.

نضرب مثالا بسيطا على ذلك، إذا كنت تمشي في طريق ووجدت أمامك رصيف عالي، فبمجرد رؤيتك للرصيف يرسم عقلك صورة الرصيف، ومدى ارتفاعه ويعمل خطة تخطي الرصيف فيعطي الأوامر لأقدامك لترفعها قليلا قبل الرصيف، لتصعد فوقه وإذا لم ترى هذا الرصيف وكنت مشغولا مثلا بالنظر خلفك أو بجوارك وواصلت المشي تجاه الرصيف، فسوف تصطدم بالرصيف ويختل توازنك فتقع.

لذلك فإن الأفكار التي تتلقاها عن طريق البصر والسمع واللمس والمعايشة مهمة جدا لحياتك، فهي التي تشكل خططك وتصوراتك والتي من الممكن أن تقودك إلى النجاح إذا كانت تصورات صحيحة وتقودك إلى الفشل إذا كانت تصورات خاطئة.

كلما زاد إطلاع الإنسان بالقراءة والإستماع والمعايشة والتجربة مد عقله بالأفكار التي تغذيه وتشغله، فيعمل وتكون أمامه الفرصة للوصول إلى التصورات الصحيحة والناجحة، من هنا نجد مصطلح جمود الفكر وهو يحدث عندما يتلقى الإنسان الأفكار من مصدر واحد فقط ويشكل تصور واحد فقط، وهذا التصور للأسف قد يكون خاطئا فيضر صاحبه ويؤدي الى فشله في النهاية، ولهذا يدعونا الله دائما للنظر والتفكر والتدبر والنظر فى خلق السموات والأرض والنظر فى أنفسنا وخلقنا والكون من حولنا، لاحظ تنوع المصادر وزيادة الاطلاع في هذه الدعوة.

والأخطر من جمود الفكر، هو عدم وجود فكر على الإطلاق، تجد بعض الناس يتبعون غرائزهم الحيوانية فقط ويذهبون معها فى كل اتجاه، وهذا هو الإنسان الذي لا يسمع ولا يعقل ولا يقرأ ولا يطلع فقط يأكل ويشرب ليس لديه أي تصورات أو خطط، بل يعتمد على من يقوده ويوجهه مثله مثل الأنعام بل حتى أقل.

هذا الفصيل من الناس، مشكلته أنه يشكل عبئا كبيرا على أي مجتمع فهم يحتاجون لمن يقودهم ويعمل لهم ويوجههم التوجيه الصحيح، ويحافظ عليهم من الشرود الذي قد يجذبهم إليه توجيه آخر شيطاني، هؤلاء وصفهم الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وصفا دقيقا وبيّن لنا مصيرهم فى قوله: ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) ( 179 ) سورة الأعراف فسبحان الله .

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً