«الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية»... عقيدة بناء لا هدم، تستهدف اختلافا فكريا يدعم فلا يخل، ويجمع فلا يفرق، يروي مصر بفكر جديد واعد لا تظمأ بعده أبدا: تلك الاستراتيجية السياسية الأكثر عقلانية في الجمهورية الجديدة والتي تبناها في كلمات فارقة وتاريخية الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال دعوته كافة الأطراف الوطنية إلى حوار وطني في حفل إفطار الأسرة المصرية العام الماضي.
تدشين الجمهورية الجديدة بكل خطواتها التي مضت، والتي تسير بتسارع، يشبه تسارع الأزمات المجتمعية المحيطة بالعالم، يؤكد أن عقد وانطلاق الجلسات الفعلية للحوار الوطني، يعبر عن حقائق سياسية ورغبات حقيقية في إرساء حياة ديمقراطية بنبضات فعلية على أرض الواقع المصري؛ وهو ما يظهر جليا في مكونات الحوار الوطني الذي تلتحفه التيارات السياسية كافة باختلاف أيديولوجياتها وتوجهاتها السياسية، بل جميع مكونات المجتمع المصري من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني.
ويبدو أن دعوة الرئيس للألفة وجهت بشكل عفوي إلى التوازن والتنوع، لتصيغ - بتلقائية مدروسة- الاختلاف من أجل الوطن وليس الاختلاف عليه عبر إثارة وتناول قضايا تمس جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في فرصة غير مسبوقة للأحزاب والقوى السياسية والأفراد والمؤسسات لتقديم رؤيتها الوطنية لبناء الجمهورية الجديدة.
وقد تتشدق الأبواق المبغضة بمدى تماس «الحوار الوطني» مع حاجات الناس، زاعمة بعد التنظيم المرتقب عن عوز المواطن في ظل أزمة عالمية عاصفة، لكن – وبوضوح- فإن الدولة عندما تدعو على لسان قائدها إلى الحوار الوطني، فهي تسير بخطى واسعة إلى حمل لبنات بناء الدولة الحديثة، بالتعاطي مع جميع الملفات سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية التي تضمن بمعونة إلهية حياة كريمة للمواطن في بلد كريم، بعيدا عن إعانة فئة بعينها أو حزب أوحد أو جماعة محددة.
نجاح الحوار الوطني يبدو أنه يبدأ حتى قبل انطلاق جلساته فعليا، إذ استقبلت اللجنة القائمة عليه العديد من المقترحات من مختلف القوى والأحزاب السياسية، دون خضوع لرغبة أغلبية أو اعتبارات سياسية قاصرة، تتطلع للنظام وحده، ولا تتطلع للشعب، بل غايتها أن تضع للمواطن الميزان القسط في قضاياه كافة، فتمنحه عدلا وأمانا وكرامة، وقبل كل ذلك تمنحه «خبزا سائغا» لا منغصات عليه.