«اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا».. عليك أن تتعلم قواعد النجاة، لأن نجاحك في ذلك قد ينجي من أحببت، لكن سعيك لذاك النجاح يجب ألا يتضمن سوى عزة ورفعة لا انبطاحا وتعريا، وأنا ممتن في نجاتي لكرامتي، لأنها تحفظ لي شأني، وتمسك عليّ قدري، وتصون نفسي من الزلل والتذلل.
وأنت ماض في كرامتك، حتى تهلك، لأن الهلاك مرحلي، فلعل ما تحسبه نهاية السعي، ما هو إلا بداية الجد، فإذا ما ضيّق عليك الحمقى والمرتزقة، هؤلاء المتسلقون بشهوة، المتربحون بزور، أولئك الذين يسرقون كفاح المجتهدين وينسبونه لأنفسهم بهتانا ودناءة، حتى نزفت روحك، وفاض احتمالك، واندثر حلمك، فما عليك إلا أن تبدأ من جديد رحلة الحلم، الذي ثنيته على نفسك حتى نضج، في بيئة نجاح أخرى.
عزيزي القارئ أنت مطالب بألا تنكسر في كل حقل عمل، وفي الوقت نفسه ألا تندفع في قراراتك، إلا اندفاع الحكيم العارف، حتى لو مسّك العذاب، لأن عبء المسؤولية معلق برقبتك، تعلق الزهر بالجبال، وإن من البشريات أن النجاح يأتيك على قدر تحملك لتلك المسؤولية واحترامك لها، وتقديسك لواجبك فيها، فإن أتممت في نفسك جمال التحمل، وعظيم الصبر، أتم الله لك نور البطولة.
وضمن ما أصيغه لك عزيزي القارئ، ما جاء من سيرة البطل محمد صلاح، ونعتي له بالبطل لأنه ما كان يقوم إلا بواجبه، دون تخاذل أو تراجع أو جبن، وأنا في تحليلي هذا متجرد من الإحساس الشعبوي الجارف ببطولة الفتى، ومتحلل من العبء السياسي الملقى على وطني، جراء ما حدث، فالبطل الراحل طارد مهربي المخدرات كما ينبغي له أن يفعل، فقاتل وقُتل، فأتاه المجد سعيا جزاءً وفاقا لواجبه الذي لم يفارقه، ورسالته التي ما برحها حتى احترق سلاحه ونفدت ذخيرته قبل أن تنفد روحه.
وإن نفاذ شعور البطولة لوجداننا لم يأت غصبا، بل عرفانا بأن الشهيد خرج من ذواتنا، من كرامتنا وتحررنا، وعزتنا، وشموخ تطلعاتنا، الكبيرة السامية، جاء من إيماننا بالله، ووعينا بالحق ونزوعنا إلى الخلاص، وسعينا للمجد، وتقديسنا للواجب واعتزازنا بالشرف ومحبتنا لأوطاننا.. وأحسب أنك عزيزي القارئ فخور - في نظرتك للبطل محمد صلاح - بأن هناك من استوعب فلسفة تطلعك إلى النجاح، فصنعه بيديه في مجال عمله، إذ أدى ما عليه فيه، فنال منه المجد الذي يستحق.