أحمد عنتر يكتب: ماذا فعلت مصر بنفسها في 30 يونيو!

احمد عنتر
احمد عنتر

آثرت ألا أكتب يوم 30 يونيو الماضي، أو بالأمس / 3 يوليو، الموافق للبيان التاريخي، الذي صنع جمهورية جديدة نفاخر بها، واخترت أن أكتب بعدما أفاض الجميع، فأنا أؤمن تمام الإيمان، أن الكلمات تموت حين تقال، فحاولت الاحتفاظ بها، قدر ما أستطيع، وحجم ما اتسع صبري وتعاظمت رغبتي في الكتابة، واخترت وضوحا في وطنيتي – خلال كتابتي تلك - لا لبس فيه، ولا مواءمة ولا اتزان، وانحزت لنظام ارتضيته انحيازا لا تملق فيه إلا للوطن ومحبيه.

قبل 10 سنوات، تلقت الهوية المصرية ضربات قاصمة، بل استقبلت قلوب المصريين وحيواتهم، خلال عام واحد، عطاءات الإرهاب والظلام، وتصريحات التخبط والفوضى، ودعاوى الجهل والضلال والتضليل، لكن الضربات التي لا تقتلك تقويك، وهو المثال الذي حققه المصريون، بوضع أول لبنة في بناء الجمهورية الجديدة عبر خروج مشرف باهر وتفويض قادر واثق، حتى أثابهم القدر بـ 10 سنوات أفاضت فيها البلاد بطفرة تنموية ونهضة فارقة في القطاعات كافة.

«إن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب، ولقد استشعرت القوات المسلحة- انطلاقًا من رؤيتها الثاقبة- أن الشعب الذي يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم، وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته».. كانت تلك الكلمات الجادة القويمة المتجردة من الفريق أول عبدالفتاح السيسي، نقطة إطلاق رحلة الخروج من الشرنقة: رحلة شاقة لا هوادة فيها، مرت فيها البلاد وقياداتها بمراحل وتحديات كبيرة على المستويين المحلي والعالمي، وصولًا إلى تحقيق الاستقرار، ليبدأ قطار الإنجازات محطة تلو أخرى.

وأنا إذ أكتب اليوم فقط، في الرابع من يوليو، فأنا أحاكي الاستقرار، استقرار الاحتفال وانتهائه، وجنوح الملايين للعمل بعد الثورة، وللهدوء بعد الفوران، وللإثمار بعد الزرع، فأكتب مستفيضا عن مكسب كبير جاء بتولي الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم البلاد بإرادة شعبية توازي إرادة الخروج على الظلم والظلام، إرادة استهدفت الأمل، وتطلعت إلى المستقبل، ووضعت كلمتها لتنطلق منها البلاد نحو مشروعات تنموية لا تتوقف مدفوعة بفلسفة جديدة للحماية الاجتماعية، واهتمام غير مسبوق بحقوق الإنسان بكل أبعادها وإشكالياتها ومفاهيمها الشاملة، وصولا لعدالة عميقة اجتماعيا وإنسانيا.

«حياة كريمة» كانت هدف الرئيس السيسي، عندما استجاب لإرادة الملايين مرتين، مرة عندما حمل روحه على كفه، بمؤازرة الشعب، ضد عنف وإرهاب الجماعة الإرهابية، واصطف مع الجنود بصدر سامق باسل، ليفتدي جموع المصريين في 30 يونيو حتى 3 يوليو 2013، أو عندما حمل ذات الروح، ومعها هموم الوطن، ليتولى رئاسة البلاد في فترة حساسة مليئة بالتحديات والانكسارات.. ذلك الهدف في حياة معززة مكرمة تجلى في إخراج النموذج الأبرز لبرامج الحماية/ حياة كريمة، والذي يمنح العدالة الاجتماعية، جسدا عظيم الوضوح فارق البيان.

وقبل أن نحتفي بقرب اكتمال لبنات الحياة الكريمة التي بدأنا نجني ثمارها، لا بد أن نستعرض العثرات الثلاث، التي بزغت ما بعد يونيو 2013، فشكلت تفاعلا غير هين، واتصالا غير محمود، أولها تهديد وخطر الإرهاب، والمساعي الحثيثة من الجيش والشرطة لتجفيف وتطهير منابعه الفكرية والمالية، بينما كانت العقبة الثانية في إقرار برنامج وطني للإصلاح الاقتصادي وإعادة بناء الدولة ورفع كفاءة البنية التحتية للدولة المصرية، وهي المحاور التي اضطرت فيها الدولة لاعتماد الدواء المر، الذي تجرعه الشعب راضيا، زاهدا في حياة التقهقر، متطلعا لرغد المستقبل، وثالث تلك العثرات ملف الحماية الاجتماعية، الذي رغبت القيادة السياسية منذ البداية في الاضطلاع به، حمايةً للشعب الذي أحب فأوفى، فكان له ما سعى.

وفي هذا العرض، أنا ممتن للسنوات العشرة، والعام الذي سبقها، فالتضاد دوما يولد الفكرة والطموح.. واختلاف المصائر، الذي تخلقه إرادة الشعوب المحفوفة بمشيئة الله وتوفيقه، لهو الإلهام في حد ذاته، فمن مصير قاتم، لا مستقبل له في عام حكم الجماعة الإرهابية، إلى إنقاذ تاريخي، لا شتات فيه، في 30 يونيو 2013.. ومن هذا التحول العجيب، الذي لا يمكن التعالي عليه، أو التشكيك في وقوعه، أو المزايدة عليه، آمنت بأني – مع المصريين – محاط بفضل الله وحفظه، مشمول بأعينه - جل وعلا -.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً