أريد أن أغير أشياء كثيرة في حياتي في بيتي في مجتمعي ، أريد هذا حقا، أريد ان يختفي الظلم، السرقة، الزنا، كل الموبقات، أريد أن يختفي الفساد والمفسدين من حياتنا.
لو سألت كثير من الناس عن هذه المعاني المجردة لوافقوا عليها جميعا فمن من الناس يقبل الظلم او الفساد ؟ لكن المشكلة عندما نطبق هذا على أرض الواقع عندها يجد اللص أنه من حقه أن يحصل على المال بأي طريقة ويري الفاسد أنه من حقه ان يعيش ويري الفاسق من حقه ان يستمتع.
تصادم الإرادات
اكتشفت أن إرادتي ليست حرة تماما إذ هي مرتبطة بإرادة الآخرين حتى في البيت عندما أريد أن اشاهد برنامج أو قناة أجد أن أفراد البيت يريدون مشاهدة برنامج آخر أو قناة أخرى.
لابد أن نتفق ، من الممكن بصفتي رب البيت ان افرض ارادتي على أفراد الأسرة واشغل القناة التى أريدها لكن هذا سيؤثر على العلاقة بينتا لو استمر فرض ارادتي عليهم ، ربما يصل الأمر لكراهيتي ، هذا سبب كراهية كثير من الموظفين لرؤساءهم في العمل الذين يفرضون إرادتهم دون مراعاة ظروفهم او إرادتهم ، احيانا تفرض دولة عظمي اراداتها بالقوة على دولة ضعيفة لكن هذه الدولة الدولة الضعيفة تظل تبحث وتحاول لتجد طريقة تتخلص بها من سيطرة هذه الدولة تقاومها وتناوئها وقد يصل الامر الى نزاع مسلح وحروب.
في المجتمع تختلف إرادات الناس واهدافهم بإختلاف طبيعتهم وبإختلاف عوامل كثيرة مثل النشأة والبيئة المحيطة ، مستوى التربية والتعليم ، يريدون اشياء مختلفة وأهداف مختلفة تتعارض أو تتقابل حسب الظروف ، لهذا فإن الإرادة الواحدة لا تنجح إذ أن ما أريده انا لا استطيع أن احققه بمفردي إلا اذا امتلكت القوة الكافية لفرضه على الجميع وحتى في هذه الحالة سيكون نجاح مؤقت حيث أنه ضد ارادة البعض الذي سيعمل على التخلص من فرض إرادتي اذا أمتلك قوة اكبر. نجاح الإدارة في جمع الإرادة ، جمع الإرادة على هدف أسمى.
أن نتناقش ونتحاور حتى نقرب وجهات النظر فيما نريده حتى تجتمع الإرادة ونعمل على تحقيق الهدف فلا تتصادم إراداتنا وتقف كل ارادة عقبة في سبيل الأخرى، لا ينتصر اهل الشر على اهل الخير الا بإتفاق الإرادات والعكس صحيح ، فإذا كان اهل الشر على قلب رجل واحد وأهل الخير متفرقي الإرادة فسينتصر أهل الشر لا محالة.
عندما قال الشاعر أبي القاسم الشابي إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر لم يقل إذا شخص أراد او مجموعة أرادت ولكنها قال إذا أراد عموم الشعب الحياة فلابد أن بتحقق الهدف بمشيئة الله.
إذ أنه كما قلت سابقا إرادة الإنسان ليست حرة بالمطلق فهي مرتبطة بإرادات شركاءنا في الحياة وإرادتنا وإرادة شركاءنا وأرادة البشر كلهم مرتبطة بالإرادة العليا إرادة الله الخالق الذي يفعل مايريد فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن سبحانه وتعالى وهو القاهر فوق عباده وهو اللطيف الخبير.