اعلان

سوريا.. إلى أين المصير؟!

داليا عماد.. المشرف العام على التحرير في «أهل مصر»
داليا عماد.. المشرف العام على التحرير في «أهل مصر»

نالت زيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى دمشق مساء الجمعة زخماً إعلامياً كبيراً بعد لقائها مع رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، بعدما رفض مصافحتها باليد. وفيما علق سياسيون على الموقف بأنه منافٍ للبروتوكول الدبلوماسي المعتمد، دافع عنه البعض باعتباره متفقًا مع الرؤى الفكرية والمعتقدات الدينية للنظام الحاكم والمسيطر الآن على مقاليد الحكم في سوريا.

وفي الوقت الذي انشغل فيه الجميع بهذا الأمر، وبرغم توضيح «بيربوك» أن الأمر كان معدًا له مسبقًا قبل الزيارة، إلا أنني لا أراه عبثيًا أو أنه لن يكون مؤشراً لما سيحدث في تلك البلد التي ارتبطت معها مصر بوحدة مصير، ووحدة سياسية، إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

أرى أن هناك تصريحًا وتحذيرًا في غاية الأهمية من وزيرة الخارجية لم تحلله وسائل الإعلام، واكتفت بتحليل واقعة المصافحة فقط. فقد حذرت أنالينا بيربوك من أن أوروبا لن تمول إنشاء «هياكل إسلامية جديدة» في سوريا، في إشارة منها إلى استيعاب أوروبا خطورة سيطرة الإسلاميين على سوريا وعلى الشرق الأوسط.

وأضافت بيربوك أن رفع العقوبات عن دمشق سيعتمد بشكل كامل على ما أسمته «تقدم العملية السياسية»، وأن الأمر ما يزال مبكرًا للحكم على الأوضاع في سوريا، خاصة وأنه حتى الآن لم يحدث انتقال سياسي للسلطة.

كما دعا نظيرها الفرنسي جان نويل بارو النظام السوري الحالي إلى إتلاف الأسلحة الكيميائية السورية، وفتح المشاركة لجميع الأطياف السياسية في البلاد، وأن يسرعوا في وضع دستور يوافق ويحتوي الجميع.

وتمر سوريا اليوم بتحديات كبيرة، فالعقوبات الدولية المفروضة عليها قد تعرقل إعادة بناء الاقتصاد المدمر جرّاء الحرب، فيما يفرض الوضع الاقتصادي التحدي الأعظم أمام الإدارة الجديدة التي بدأت عهدها بطمأنة الجانب الإسرائيلي بأنها لا قوة لها في حرب الآن وأنها تتطلع لسلام مع العدو الإسرائيلي.

فالواقع اليوم يفرض على سوريا سياسة أكثر حرصًا على إنهاء أي نزاع تاريخي في سبيل إعادة إعمار بلد قضى أكثر من عقد من تاريخه ما بين الحروب والفوضى. واقتضت الضرورة فيه إلى التخلي عن شعارات رنانة حول تطبيق الشريعة وحرب تحرير فلسطين، ودغدغة عواطف الملايين المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، لتجد نفسها أمام واقع يفرض عليها البحث عن مصلحتها وبقاء حكمها في ظل ظروف اقتصادية أشد تعقيدًا قد تفرض عليها واقعًا جديدًا بفكر مغاير.

ويرى محللون أنه رغم رغبة بعض الدول في الانفتاح على سوريا، إلا أنها «تبقى محكومة بشكل كبير بهذه العقوبات إذ تخشى من تعرضها لعقوبات أمريكية إذا تجاوزت هذه القيود».

ولا يخفى على أحد أنه رغم الدعم الأمريكي لوصول أحمد الشرع إلى رأس السلطة الحاكمة في دمشق، إلا أن تركيا سيكون لها الدور الأعظم في توجيه دفة العقوبات الأمريكية على سوريا نحو التخفيف المؤقت، تمهيدًا ربما لرفعها بالكامل.

وكما يعول نظام الشرع على تركيا لرفع العقوبات الاقتصادية، يرى أن الدعم السعودي القطري في الوقت الراهن لا غنى عنه. فقد أوفد «الشرع» في أول زيارة رسمية لنظامه خارج البلاد بعد الإطاحة بنظام الأسد، وفدًا سوريًا يبحث في الرياض سبل دعم العملية السياسية الانتقالية.

وكان في مقابلة له مع إحدى القنوات العربية المحسوبة على الإعلام السعودي قد سبق وتوقع أن تكون أول زيارات حكومته للرياض، في إشارة منه أنه يعتقد أن يكون للسعودية «دورًا كبيرًا جدًا» في سوريا، حيث يمكن أن تدعمه من خلال «فرص استثمارية كبرى» بعد سقوط نظام الأسد.

لتتحول السعودية إلى لاعب أساسي في ترتيب أوراق دمشق.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً