بعد لجوء مصر والسودان لمجلس الأمن لحل نزاع سد النهضة مع أديس أبابا بعد التعنت الاثيوبي، في الملئ الثاني للسد مما سيضر بمصالح دولتي المصب، والحديث عن إلزامية قرارات مجلس الأمن لإثيوبيا لوقف التعنت في الاستحواذ على الحصة الأكبر من مياه النيل من عدمه، بادر الي الأذهان تساؤل، هل لمجلس الأمن الدولي سابقة في حل نزاعات المياه والأنهار؟
سجل مجلس الأمن في حل نزاعات الانهار
لمجلس الأمن سجل واسع في النظر إلى نزاعات المياه بين دول العالم، تناولتها دراسة أكاديمية نشرها باحثان في جامعة جورج تاون الأميركية عام 2019، حللت الطرق التي اتبعها المجلس لحل هذه النزاعات.
وجاءت الدراسة بعنوان 'قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بشأن نزاعات المياه'، وأعدها جيمس فراي وأغنيش تشونج.
وقالت الدراسة إلى أن بعض الالتزامات التي فرضت على بعض الدول تختلف مع قانون المياه الدولي، وهو ما أدى أحيانا إلى عودة الأمور إلى المربع رقم صفر ونشوب التوتر مجددا بين المتخاصمين.
وعلق مجلس الأمن بعض الالتزامات التعاهدية، وفرض بديلا آخر في 8 حالات
،وذكرت أن العالم شهد 166 حالة نزاع مسلح بسبب المياه، كان آخرها عام 2018 عندما هاجمت تركيا البنية التحتية الخاصة بالمياه في شمالي سوريا.
أزمة المياه بين تركيا وسوريا
على مدى السنوات الماضية شكل منسوب مياه الفرات أحد أبرز القضايا الشائكة المهددة للأمن المائى السورى، حيث تعمد أنقرة إلى استغلاله كسلاح فى حربها مع الأكراد من جهة، وكأداة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من جهة أخرى، الأمر الذى يتجلى بزيادة كميات المياه الواردة فى فصل الشتاء بالتزامن مع امتلاء السدود ما يمثل تهديدا لهذه السدود، وتخفيض كميات المياه فى فصل الصيف ما يؤدى إلى جفاف كبير فى مناطق حوض الفرات، وما يتبعه من خسائر اقتصادية كبيرة فى قطاعى الزراعة والثروة السمكية، إضافة إلى المخاطر التراكمية التى تنذر بكوارث مستقبلية.
تركيا تسيطر على منابع أبرز الموارد المائية التى تغذى سوريا والعراق (الفرات، ودجلة). وتمثل مياه حوضى الفرات ودجلة والخابور نحو 56 % من المياه السورية.
ورفضت تركيا اعتبار الفرات ودجلة نهرين دوليين، اذ أصرت على أنهما نهران عابران للحدود فى مخالفة للقوانين الدولية الناظمة، الأمر الذى يعتبر أحد أبرز الملفات الخلافية بين سوريا وتركيا، قبل أن يوقع البلدان العام 1987 اتفاقا مؤقتا بعد صراع أمنى شكلت قضية الأكراد أحد أبرز محاوره.
ويقضى الاتفاق بأن تسمح تركيا بمرور ما لا يقل عن 500 متر مكعب فى الثانية، على أن تمرر سوريا للعراق ما لا يقل عن 58 % من هذه الكمية إلى العراق بموجب اتفاق لاحق تم توقيعه.
ومنذ توقيع الاتفاقات لم تلتزم تركيا بشكل كامل بها، حيث قامت خلال فترات متلاحقة بقطع المياه تارة، وتقليل كميات المياه الواردة إلى سوريا والعراق تارة أخرى، وقد ارتبط هذا الملف بالتطورات السياسية وطبيعة العلاقات التركية السورية التى تدهورت بشكل كبير إثر اندلاع الحرب العام 2011.
نزاع المياه في الكونغو
وفي حالة نزاع نهر الكونغو أواخر التسعينيات، واندلاع الحرب الأهلية بين القوات الحكومية في جمهورية الكونغو الديمقراطية والمتمردين المدعومين من دول مجاورة، وأدى القتال إلى غلق مجرى النهر، مما أثر على توزيع الدواء والغذاء إلى جانب تعطيل العديد من جوانب الحياة الأخرى.
ولذلك، قرر مجلس الأمن الدولي حينها أن الوضع في الكونغو الديمقراطية يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين، واتخذ القرار 1445 الذي يلزم الأطراف بإعادة حرية الحركة في النهر فورا.
حرب المياه في يوغسلافيا
ولجأ مجلس الأمن الدولي، كما في حالة الحرب الأهلية بجمهورية يوغوسلافيا السابقة مطلع التسعينيات، إلى فرض عقوبات، طالت حركة النقل على نهر الدانوب، الذي اندلعت بجواره أشرس المعارك بسبب أهميته، واستثنى المجلس بعض المشاريع بين يوغوسلافيا ورومانيا المتعلقة بالنهر من العقوبات مثل الكهرباء والنقل.
نزاع نهر الجانج
عام 1976 تم حسم النزاع المائى لنهر الغانج بين بنجلاديش و الهند،إذ يعود أصل النزاع لقيام الهند بتشييد قنطرة ، تعرف باسم قنطرة 'فاركا' بقصد تحويل بعض مياه نهر الغانج 'الغانغر' خلال فصل الجفاف إلى مدينة 'كالكتا' عاصمة ولاية غرب البنغال الهندية، بهدف كسح الطمي المترسب في نهر 'هوغلي' وهو إحدى القنوات التي تجري بها نهر الجانج ليصل إلى خليج البنغال، وذلك لري السهول والحقول الهندية متجاهلة في هذا الإجراء الأحادى حقوق بنجلاديش في مياه الغانج الدولية، وهو ما أضر بحصة بنجلاديش من مياه النهر ضررا بليغا مما اقتضى تدخل الأمم المتحدة لبسط الشرعية النهرية .
ثالثا: لولا تدخل الأمم المتحدة منذ 45 عاما بين بنجلاديش والهند بتوقيع بروتوكول يحفظ حقوقهما لحدث من لا يحمد عقباه تهديدا للأمن والسلم الدوليين
مواد تلزم مجلس الأمن بحل نزاعات المياه
وفقا للمادة الـ٣٣ هناك الزام على عاتق الدول الأعضاء بوجوب العمل على حل المنازعات التي يمكن أن يؤدي استمرارها إلى الإخلال بالسلم والأمن الدوليين، مما أسفر عن اتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية لعام 1997، حيث نظمت استخدامات المياه ، وقد عالجت فى المادة 33 منها بفقراتها العشر لتسوية المنازعات المتعلقة بالمجاري المائية الدولية، وملحق بالاتفاقية خاص بالتحكيم.
كما أن الطريق الوحيد أمام الطرفين إذا فشل كلاهما في تسوية النزاع بالوسائل السلمية وفقا للمادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة هو اللجوء إلى مجلس الأمن طبقا للماة 37 من ذات الميثاق وهو ما اتبعته مصر احتراما لقواعد القانون الدولى، ونذكر القضية الأولى من نوعها التى قام فيها مجلس الأمن بعرض النزاع على محكمة العدل الدولية للبت فيها وفقا لنظامها الأساسى وهى قضية كورفو عام 1947 فى النزاع بين بريطانيا وألبانيا إثر الحادث الذي وقع في مضيق كورفو بتاريخ 22 أكتوبر 1946 .