اعلان

"المستريح.. النصب دليفري".. لماذا يبحث البعض عن المكسب السريع دون عمل أو استثمار؟

أموال المستريح
أموال المستريح

الظاهرة بدأت بشركات.. وتيار الإسلام السياسي دعمها

الضحايا منهم من يحرم فوائد البنوك ويبحث عن الثراء السريع

خبير أمني: قلة الوعي والطمع سبب الظاهرة

عادت ظاهرة المستريح للانتشار مرة أخرى، ويبحث المستريح دائمًا عن طماع يريد مكاسب كبيرة وسريعة، وهذه أمنية أي نصاب.

عودة الظاهرة ربما تأخذنا إلى الشخص الذي اشترى الترام، وضحايا الريان وشركات توظيف الأموال التي أعطاها الإسلام السياسي شرعية أخذ أموال الناس بالباطل.

السؤال لماذا في 2022 يوجد مستريح؟

الأزمة أن من يأخذون مكاسب وفوائد على أموالهم من المستريح يحرمون فوائد البنوك، وبعضهم لم يخف سر أنه كان يظن في النصاب أنه يتاجر في المخدرات والآثار -حسبما صرح أحد ضحايا مستريح أسوان- وليس نصابًا.

لماذا يُعطي الناس أموالهم لنصاب دون أي ضمان لحقوقهم؟ ولماذا لا يثقون في القنوات الاستثمارية السليمة والمضمونة؟ لماذا يريدون مكاسب سريعة وبلا عمل، مجرد فلوس تلد فلوس، دون عمل، لماذا لا يكون الإنتاج والعمل هما السبيل لتحقيق الأموال؟

الغريب وغير المفهوم حتى الآن أن الضحايا وثقوا في شخص نصاب، وليس له حيثية، وابتعدوا عن البنوك الحكومية التي قدمت شهادات بفائدة 18%.. لذلك الظاهرة تحتاج إلى دراسة وفحص وتمحيص.

قلة الوعي والطمع

قال اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية السابق، إن قلة الوعي مع الطمع تسببت في ظهور ظاهرة المستريح في المجتمع المصري، ملقيا باللوم على السياسات النقدية التي هبطت بسعر الفائدة من 20% إلى 11% بزعم انخفاض التضخم، موضحا أن التضخم يزداد.

وأضاف نور الدين في تصريح خاص لـ'أهل مصر'، أن السياسات النقدية مسئولة عن هروب أموال المستثمرين من مصارف الدولة والبنوك والأسهم والشهادات الادخارية إلى 'الطماعين والمستريحين'.

وتابع أن دور الدولة في هذه المسألة تستطيع التعامل معها من خلال بلاغات المواطنين الضحايا، مضيفا أن ظاهرة المستريح ليست بجديدة على المجتمع المصري، لكن كانت موجودة من قبل والتي كانت تتمثل في أحمد الريان والسعد، والهدى.

ولفت الخبير الأمني، إلى أن المستريح يقدم عروضًا مغرية للضحية عن طريق إغراءه بنسبة ربح عالية تصل إلى مبالغ باهظة.

وعن العقوبة التي ينالها 'المستريح' من خلال ممارسته لهذا العمل، هي عقوبة جنحة، حيث أكد أنه يقع تحت طائلة القانون تحت مسمى جرائم النصب، والتي تصل فيها العقوبة بالسجن 3 سنوات، ومع كثرة القضايا والبلاغات المقدمة ضده تتضاعف العقوبة، موضحا أن 'المستريح'، يخدع ضحاياه باستثمار موالهم، من دون علمها عن طبيعة هذه الاستثمارات، والتي هي من الوارد أن تكون في تجارة المواد المخدرة أو الآثار - وفقا لما صرح به بعض الضحايا.

وأكد مساعد وزير الداخلية السابق، أن الدولة بعد إجراء التحقيقات مع 'المستريح'، تحصر الأموال التي تم الاستيلاء عليها، ومن خلال البلاغات المقدمة إليها وتقديم الضحايا ما يثبت أن لهم حقوق في هذه الأموال تقوم بردها إليهم.

الضحايا بٌسطاء

قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن ظاهرة المستريح انتشرت بصورة كبيرة خلال الخمس سنوات الماضية، لافتًا إلى أن ضحايا المستريحين إما ناس من البسطاء أو الأطباء، مرجحا أن السبب في هذه الظاهرة هو التأثير النفسي من قبل بعض المتآمرين على الدولة من ذوي الفكر الإخواني، بالتأثير على أهالي الضحايا لبسطاء العاملين في دول الخليج بمنعهم من إرسال أموالهم عن طريق القنوات الشرعية للدولة بالعملة الصعبة، بحجة إضعاف الدولة، ويقنعونهم باستثمارها لهم بعوائد أعلى من الموجودة في البنوك والمصارف التابعة للدولة، مطالبا أجهزة الدولة بالبحث وراء هذه الظاهرة.

وأضاف فرويز، في تصريح خاص لـ'أهل مصر' أن المستريحين يدخلون على ضحاياهم من باب الدين، وإقناعهم بأن إيداع الأموال في البنوك حرام، رغم أن هناك فتاوى بعدم تحرير التعامل مع البنوك وإيداع الأموال بها.

وتابع:' دائما الطماع يبحث عن النصاب، والنصاب يبحث عن الطماع، والطماع والنصاب وجهان لعملة واحدة، والنصاب بيرمي الشبكة يزغلل بها عين الطماع'.

وأكمل: 'يعتمد المستريحون أيضا على غطاء ديني، يقدمه عدد من المشايخ تابعين له، من الذين قدموا خدماتها كوسيلة للربح الحلال مقابل 'البنوك الربوية'.

 وأكد استشاري الطب النفسي أن الضحية والنصاب شخصيتان مضطربتان نفسيا، ونموذج سيء في المجتمع، مضيفا:' من تبرير ضحايا المستريح أنهم كانوا يقولون أنهم يعتقدون أن المستريح كان يعمل في المخدرات أو تجارة الآثار'، ولذلك وصفهم بأنهم شخصيا 'سيكوباتية' كل منهم يبحث عن المادة مغلفة بطابع ديني.

وأشار إلى أنه أسهل طريقة للنصب على الضحايا هي الدخول من باب الدين، وهي الطريقة المتبعة من بعض 'المستريحين' للسيطرة على عقول ضحاياهم.

ظاهرة قديمة

قال الدكتور حسام الغايش، الخبير الاقتصادي، إن ظاهرة المستريح ممتدة منذ أواخر السبعينيات تحديدا مع قضايا توظيف الموال بعد الإصلاح الاقتصادي الذي تم الإعلان عنه في نهاية السبعينيات، ومن هنا بدأت الظاهرة تتفاقم مع عدم وجود بدائل استثمارية قوية، والمتمثلة في الاستثمار المباشر والاستثمار غير المباشر.

بالعودة إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، يمكن تتبع أصول ظاهرة 'المستريح' في مصر، والتي شهدت بروز ما كان يعرف بـ'شركات توظيف الأموال'، وأشهرها 'الريان'، 'السعد' و'الهدى'.

كانت الفكرة القائمة عليها هذه الشركات أخذ الأموال من 'المودعين' بغرض 'استثمارها' مقابل عائد مادي عال، خاصة بالمقارنة بأسعار الفائدة في البنوك المصرية التي كانت منخفضة حينها، وبعد أن عجز أصحاب هذه الشركات عن الوفاء بوعودهم بدفع الفوائد أو رد أموال المودعين، انتهى بهم الحال بالهروب أو السجن، وتسببت قضاياهم وقتها في هزة اقتصادية واجتماعية كبيرة للمجتمع المصري، بعد أن تبخرت أموالُ الناس في مُضاربات وهمية وتجارة في أسواق الذهب والبورصات العالمية بطريقة عشوائية غير مدروسة.

وأوضح أن الاستثمار المباشر يكون من خلال المشروعات سواء كان في قطاع زراعي أو صناعي أو خدمي بشكل واضح وصريح، لافتا إلى أن هذا النوع من الاستثمار هناك أموال موجودة خارج الجهاز المصرفي من المؤكد أن هذه الموال هي ناتجة عن مشروعات الاقتصاد غير الرسمي وبالتالي لديهم تخوف من وضع هذه الأموال في الجهاز المصرفي لعدم تعرضهم للمسائلة من أين لك هذا، مطالبا بضرورة تقنين وضع الاقتصاد غير الرسمي لما يسهم بشكل كبير في زيادة الناتج المحلي للدولة، وذلك من خلال خطة يتم الإعلان عنها، ولمدة زمنية محددة بحيث إمهال هذه المشروعات بتقنين وضعها وفي حال التخلف عن المدة يكون هناك عقوبة ضد هذه المشروعات غير المقننة.

وفيما يخص الاستثمار غير المباشر المتعلق بالأسهم والسندات، قال إن هذا الجزء ينقصه عملية وعي، حيث أن أغلب ضحايا المستريحين بسطاء أو متعلمين بقدر قليل من الوعي أيضا، وليس لديهم معلومة بأنهم يستطيعون أن يستثمروا أموالهم من خلال المشاريع المباشرة أو التوجه لصناديق الاستثمار ووضع أموالهم بها.

ونصح من يرغب في استثمار أموالهم بالتوجه إلى جهاز المشروعات الصغير والمتناهية الصغر، حيث يوجهه الجهاز لاستثمار أمواله بمشاريع لها خطط جدوى ودراسة علمية مضمونة.

وقال إن مناخ الاستثمار في السنوات الأخيرة كان به عدة عوائق، لذلك اقترح وضع قانون خاص بالضرائب، بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي يصل رأس مالها حتى 10 ملايين جنيه، بحيث يكون لها إعفاءات ضريبية كبيرة لتحفيز المستثمرين على ضخ أموالهم في الاقتصاد الرسمي للدولة.

وناشد وسائل الإعلام المختلفة بضرورة توعية المواطنين من ظاهرة انتشار 'المستريح'، وعدم الثقة في أي شخص مهما كانت صلة قرابته، حتى لا يقع ضحية له، متسائل عن 'مستريح أسوان' الذي كان يعمل في تجارة الماشية، لماذا لم يؤسس شركة لتجارة الماشية بشكل قانون ويمارس عمله مع عملائه بطريقة شرعية ومن خلال تعاقدات؟، مضيفا:' مفيش حاجة في البيزنس بالبوق'.

واقترح تقييد التعامل بنظام 'الكاش' ويكون في أضيق الحدود، ويكون التعامل من خلال الجهاز المصرفي.

دور وسائل الإعلام

أكدت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، أن السبب في ظهور ظاهرة 'المستريح' تراجع دور وسائل الإعلام المرئية، من حيث تقديم محتوى يحث المجتمع على القيم والأخلاق، واعتماد النشأ على أنفسهم من دون الاعتماد على الآخرين.

وقالت إن الإعلام المرئي مؤخرا اهتم بالربح على حساب الرسالة الإعلامية، مما أدى إلى غياب الوعي لدى شريحة كبيرة داخل المجتمع المصري، وكانت النتيجة ظهور 'نصابين' أطلقوا على أنفسهم وصف 'المستريح'، موضحة أن لفظ 'مستريح'، مدلوله الحصول على الأموال ومنح الضحايا عوائد ربحية من دون تعب وبسهولة، وهو ما يعتمد عليه 'النصاب' في إقناع فريسته'.

وأضافت أن هناك دور كبير على هذه الوسائل في غرس روح العمل، وعمل نوع من دق جرس الخطر تجاه مثل هذه الظاهرة من خلال البرامج التوعوية، مضيفة أن الدراما أيضا لها دور كبير في التوعية ضاربة مثال على ذلك مسلسل 'الريان' بطولة النجم الراحل خالد صالح، وفيلم الفنان الكوميدي الراحل إسماعيل ياسين في فيلم 'العتبة الخضراء'.

ولفت أن هناك دور كبير أيضا على مؤسسات المجتمع المدني والمتمثلة في الجامعات والمدارس والمؤسسات الدينية، والتي بدورها تنمي فكرة القدوة، حيث أكدت ان غياب روح القدوة في المجتمع جعل من السهل التأثير على العقول أمر هين.

العقوبة

يقع 'المستريح' تحت طائلة القانون، تحت جريمة 'النصب' والاستيلاء على الأموال، وإيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي.

وفقا للمادة 336 من قانون العقوبات، فإنه 'يُعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أي متاع منقول، وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو تسديد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً