في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واتساع رقعة التوتر الإقليمي، حذر خبراء ومراقبون من أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تدفع المنطقة نحو صراع واسع، وتتعمد التصعيد السياسي والعسكري، لتأمين بقائها داخليًا عبر حرب لا يبدو أنها تقترب من نهايتها.
تحذيرات متكررة من اتساع رقعة النار
من جانبه قال الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مصر حذّرت منذ اليوم الأول للحرب على قطاع غزة من مخاطر التصعيد الإقليمي، لافتًا إلى أن استمرار الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين وتجاهل الحلول السياسية يضع المنطقة فوق "صفيح ساخن".
وأشار أحمد إلى أن القاهرة تبذل جهودًا مكثفة بالتنسيق مع شركاء إقليميين ودوليين لنزع فتيل الأزمة، عبر استعادة المسار التفاوضي، والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، محذرًا من أن إسرائيل تمارس سياسة "الحرب الممتدة" التي قد تجر أطرافًا جديدة للصراع.
وأضاف الخبير المصري أن الدعم الأوروبي للبيان الثلاثي المشترك (المصري-القطري-الأميركي) بشأن ضرورة التهدئة في غزة، يعكس وعيًا متزايدًا لدى المجتمع الدولي بخطورة الأوضاع. "هناك إدراك أن إسرائيل لا تتحرك بعشوائية، بل ضمن استراتيجية داخلية تقوم على إدامة الصراع لأغراض سياسية داخلية"، وفق تعبيره.
حكومة نتنياهو تعيش على نار الحرب
التحذيرات لم تكن مصرية فقط. ففي تقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية مؤخرًا، أشارت إلى أن نتنياهو يرفض أي تسوية سياسية حقيقية، ويرى في الحرب المستمرة وسيلة للبقاء في الحكم، في ظل انقسامات داخلية واتهامات قضائية تطارده منذ سنوات.
وقالت الصحيفة إن "التهرب من الانتخابات المبكرة والإفلات من المحاكمة" يدفعان رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى تمديد أمد الحرب، رغم تراجع شعبيته داخل الأوساط الأمنية والعسكرية، التي باتت ترى أن العملية في غزة لم تحقق أهدافها المعلنة.
وفي ذات السياق، كشف المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، أليكس فيشمان، أن الجيش الإسرائيلي نفسه بات يشعر بالإنهاك، بينما "يصرّ المستوى السياسي على مواصلة العمليات في غزة دون رؤية استراتيجية واضحة، فقط لتسجيل نقاط سياسية في الداخل".
انتقادات أمريكية متصاعدة لسلوك نتنياهو
الانتقادات الإسرائيلية لنتنياهو تلاقتها أيضًا أوساط أميركية، حيث نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرًا موسعًا أشارت فيه إلى أن إدارة بايدن تشعر بالإحباط من تعنت نتنياهو، الذي "يفوّت الفرص تلو الأخرى" للتوصل إلى اتفاق للهدنة. وأكد التقرير أن واشنطن بدأت تشكك في نوايا حكومة نتنياهو، التي تتصرف كأنها غير معنية بحل سياسي.
كما كتب توماس فريدمان، المعلق البارز في صحيفة نيويورك تايمز، أن نتنياهو لا يبحث عن الأمن بقدر ما يبحث عن "أزمة دائمة" يختبئ خلفها، واصفًا سلوكه بأنه "قصر نظر استراتيجي يعرّض المنطقة بأكملها للخطر".
قلق متزايد من الانفجار الشامل
وفي الوقت الذي تواصل فيه مصر جهودها الدبلوماسية، محذرة من اتساع نطاق الحرب إلى جبهات إقليمية جديدة، تتزايد المؤشرات على أن نتنياهو لا يتجاوب مع أي من المبادرات الجادة، ما يطرح تساؤلات عن مدى قدرة القوى الدولية على كبح جماح التصعيد قبل فوات الأوان.
واختتم أحمد سيد أحمد تصريحه قائلاً:"الرهان على أن استمرار العدوان سيجلب لإسرائيل الأمن هو رهان خاسر، والحل الوحيد هو وقف الحرب وبدء مسار تفاوضي حقيقي يعالج جذور الصراع، لا أعراضه فقط".