تخوض الدولة المصرية حربًا ضروسًا ضد الشائعات التي تتخذ من الأزمات والتحديات بيئة خصبة للانتشار، فضلًا عن المحاولات التي لا تتوقف منذ سنوات لتزييف الحقائق وخلق حالة من عدم الاستقرار وزعزعة الثقة في جهود الدولة وخططها للإصلاح والتنمية، حيث تتحول الأقاويل إلى حقائق في غمضة عين وتنتشر الشائعات كالنار في الهشيم، وتزرع الفتنة والشكوك في نفوس الناس.
وتحولت الشائعات إلى سلاح ذو حدين، يستخدمه البعض لتحقيق مكاسب شخصية أو لزعزعة الاستقرار، بينما يدفع به الآخرون إلى الهاوية، ويتحولون إلى ضحايا لأخبار كاذبة لا أساس لها من الصحة.
الشائعة ظاهرة اجتماعية
في هذا الصدد، قالت الدكتورة نسرين البغدادي، المدير السابق للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن الشائعة ظاهرة اجتماعية تنتشر في جميع المجتمعات، لكنها تأخذ منحنى أعلى في المجتمعات التي لا تتوافر فيها المعلومات ومن ثم تكون التكهنات، كما أن الشائعات، أحد الأسلحة المستخدمة في الحروب المعنوية التي تحاول التأثير على الروح المعنوية للطرف المستهدف منها، ودائما يكون للشائعة جانب من المعلومة الثابتة، كأن يستخدم مكان، أو اسم شخص، أو واقعة لها وجود، ثم تغلف بشق أخر.
وأضافت 'البغدادي'، في تصريحات خاصة لـ 'أهل مصر'، أنه يمكن أن تُستخدم الشائعة كبالون اختبار للتعرف على توجهات الرأي العام، حيث لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا واسعًا في انتشار الشائعات، نظرا للاستخدامات الواسعة التي تتمثل في وجود صورة تجمع بين الأطراف المعنية بالشائعة، واستخدام مقتطفات من تسجيلات حية يتم اجتزئها وتوظيفها في إطار موضع الشائعة.
الحالة التعليمية لمتلقي الشائعة
وأكدت المدير السابق للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الحالة التعليمية لمتلقي الشائعة، تلعب دورًا كبيرًا في انتشار الشائعة، حيث يتلقاها أصحاب المستوى التعليمي المنخفض بمصداقية دون تفحص او مناقشة، كما أن فقدان الثقة في أي من الأطراف يجعل التصديق سهلًا ويسيرًا، أما في حالة ارتفاع المستوى التعليمي الذي يصاحبه حالة ارتفاع الوعي الذي يتطلب تفنيط الشائعة، وإعمال العقل النقدي بالإضافة إلى توافر المعلومات الصحيحة، يجعل من الصعوبة انتشار الشائعة وتتمثل وأِارت إلى الآثار السلبية لانتشار الشائعات في زعزعة السلام الاجتماعي، وانتشار الضغينة بين أفراده، كما أنها تعمل على تثبيط الهمم، وتعطيل العمل والإنتاجية، ومن ثم تراجع معدلات الإنتاج، وتكون مجالًا خصبًا للاستقطاب، وتقسيم أفراد المجتمع، وتجعله دائما نهبا للأكاذيب، وعلى كل مسؤول في مجال عمله التصدي للشائعات من خلال إتاحة المعلومة الصحيحة والتواصل المباشر مع مجتمع عمله، وإقامة جسور الثقة المتبادلة من خلال الأعمال الصادقة والتي لها مردودها المباشر.
وعلى صعيد متصل، أكدت الدكتورة هبة شاهين، أستاذ الإعلام في جامعة عين شمس، على ضرورة تكاتف المؤسسات المصرية لبناء وعي وطني سليم قائم على الحقائق، مُشيرة إلى أن صناعة الوعي هي الحل الأمثل لمواجهة مثل هذه الشائعات، والتزييف الإعلامي الذي يستهدف مصر، بالإضافة إلى دور الإعلام والتعليم في هذا الشأن.
وأشارت 'شاهين'، في تصريحات خاصة لـ 'أهل مصر'، إلى أهمية التحقق من مصادر المعلومات وتوعية المواطنين، خاصة الشباب، للتمييز بين الحقيقة والشائعة، مشيدة بدور الثقافة والإعلام في بناء الوعي الوطني.
وليد عبد المقصود: يجب أخذ الحذر الشديد من تزييف الأخبار
وفي نفس السياق، قال وليد عبد المقصود، خبير أمن المعلومات، إنه يجب أخذ الحذر الشديد من تزييف الأخبار عبر مواقع الإنترنت باستخدام تقنيات احترافية، مؤكدًا أن هذه التقنيات تستهدف إقناع المستخدمين بمشاركة الأخبار الكاذبة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى انتشارها بشكل واسع.
وأضاف خبير أمن المعلومات، في تصريحات خاصة لـ 'أهل مصر'، أن هناك أساليب جديدة يستخدمها ناشرو الشائعات عبر الإنترنت لجذب الانتباه والتلاعب بمشاعر المستخدمين، مُشيرًا إلى أهمية التحقق من صحة المعلومات قبل مشاركتها، لافتًا إلى أن هذه الشائعات غالبًا ما تقلد مظهر وسائل الإعلام الموثوقة، وتستخدم أساليب احترافية لإقناع الناس بمشاركتها.
وحذر 'عبد المقصود'، من خطر اختراق الحسابات الشخصية عبر روابط خادعة، مما يسمح للمهاجمين بنشر المزيد من الشائعات.
ونوه إلى أن المادة 102 مكرر، من قانون العقوبات، نصت على المعاقبة بالحبس أو بغرامة بين 50 و200 جنيه كل من أذاع عمدًا إشاعات كاذبة تضر بالأمن العام أو تثير الرعب، وتُشدد العقوبة إلى السجن وغرامة أكبر إذا حدثت الجريمة في زمن الحرب.