في ظل جولة خامسة من المفاوضات النووية الحسّاسة بين إيران والولايات المتحدة، والتي عُقدت خلال الأسبوع الجاري في العاصمة الإيطالية روما، تمسكت طهران بموقفها الرافض لأي مساومة على برنامجها النووي، معتبرةً أن حق تخصيب اليورانيوم "غير قابل للنقاش"، في وقت تزداد فيه نُذر التصعيد العسكري من جانب إسرائيل إذا ما انهارت المحادثات.
عراقجي: لا تفاوض تحت التهديد
وخلال مؤتمر صحفي عقده على هامش جلسات التفاوض، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده لن تقبل بـ"أي مفاوضات تُجرى تحت الضغط أو التهديد"، معتبرًا أن تخصيب اليورانيوم هو "حق سيادي لا يمكن المساس به"، ويمثّل أحد أعمدة الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وجاء هذا التصريح ردًا على الموقف الأمريكي المتشدد، الذي يشترط تعليقًا كاملاً لأنشطة التخصيب كشرط أساسي لإحياء الاتفاق النووي أو توقيع اتفاق جديد، في ظل مخاوف واشنطن من قدرة البرنامج الإيراني على الوصول إلى مستويات تمكنه من إنتاج سلاح نووي.
خامنئي: لا ننتظر إذنًا من أحد
وفي موقف داعم للتصريحات الرسمية، شدد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي على أن "إيران لا تنتظر إذنًا من أحد لممارسة حقوقها المشروعة"، معتبرًا المطالب الأمريكية "خطأً استراتيجيًا فادحًا" لا يليق بدولة تسعى لتسوية سلمية.
خامنئي اتهم واشنطن بـ"الكيل بمكيالين"، مشيرًا إلى ما وصفه بـ"الصمت الغربي تجاه الترسانة النووية الإسرائيلية"، مقابل الضغط المتواصل على طهران التي وقّعت على معاهدة عدم الانتشار النووي وتسمح برقابة وكالة الطاقة الذرية.
وساطة عمانية.. وتقدّم محدود
وعلى الرغم من الأجواء المتوترة، أشارت مصادر دبلوماسية إلى تقدّم طفيف أحرزته الوساطة العمانية خلال جلسات التفاوض المغلقة، إذ طُرحت مقترحات تقنية حول آلية المراقبة الدولية ومدى التخصيب المقبول، إلا أن غياب التوافق حول الضمانات الأمريكية ورفع العقوبات ظلّ العقبة الرئيسية.
وأكد الوسيط العماني أن "هناك نوايا للحلحلة، لكن الفجوة لا تزال واسعة، وتحتاج إلى مزيد من الجهد السياسي من الجانبين"، مشيرًا إلى أن اللقاءات ستُستأنف في وقت لاحق، دون تحديد موعد نهائي.
تل أبيب تلوّح بالخيار العسكري
في المقابل، صعّدت إسرائيل من لهجتها تجاه المفاوضات، حيث ألمح مسؤولون أمنيون رفيعو المستوى إلى أن "فشل المحادثات سيقود إلى خيار الرد العسكري الوقائي"، وهددت تل أبيب مرارًا بأنها "لن تسمح لإيران بالاقتراب من العتبة النووية".
وأشارت مصادر غربية إلى أن إسرائيل قامت في الأيام الأخيرة برفع مستوى الجاهزية الجوية وبدأت تدريبات تحاكي هجمات على منشآت نووية بعيدة المدى.
مستقبل الاتفاق في مهب الريح
في ظل هذا المشهد المعقد، يواجه الاتفاق النووي الإيراني—الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب عام 2018—مستقبلًا غامضًا. فمع تمسك طهران بمطالبها السيادية، وتشدد واشنطن في شروطها الأمنية، يبدو أن نافذة الدبلوماسية باتت أضيق من أي وقت مضى، ما يجعل خطر الانفجار الإقليمي قائمًا في حال فشل المسار التفاوضي.