يقع بعض المسلمين في حيرة حين تظهر لهم مسائل فقهية تحتاج إلى إعادة نظر في الحكم الشرعي لها ويكون قد صدر حولها إجماع من قبل، فهل هناك حالات يمكن فيها للمسلمين استنباط أحكام جديدة تخالف الأحكام التي أجمع عليها فقهاء المسلمين ؟ وهل هناك حالات يجوز فيها مخالفة الإجماع ؟ وهل الإجماع قاصر على عصر الصحابة فقط؟ حول هذه الأسئلة ذهبت دار الإفتاء المصرية إلى أن الإجماع هو اتفاق مجتهدي الأمة بعد وفاة نبيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم في عصرٍ على أي أمرٍ كان . واعتبرت دار الإفتاء المصرية أن الإجماع هو الضابط لهوية دين الإسلام، إذ يحافظ على ما اتفق عليه المسلمون من الثوابت التي لا تختلف باختلاف الزمان والمكان، وتنبع الحاجة إليه من الحاجة إلى قطع دابر التحريف في الدين بتحويل الظني إلى قطعي لا يقبل المنازعة فيه. واعتبرت دار الإفتاء المصرية أن معنى حجية الإجماع: أنه يجب على كل مكلف الأخذ به، والعمل بموجبه، واعتقاد أن الحكم المجمع عليه حق لا يجوز مخالفته، ولا إعادة الاجتهاد في مستنده.
وحول مزاعم بعض المذاهب من أن الإجماع مختص بعصر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كما هو مذهب الظاهرية. قالت أمانة الفتوى في دار الإفتاء المصرية إن القول مردود؛ لأن الأدلة التي استند إليها علماء الأصول في إثبات حجية الإجماع متناولة بعمومها لأهل كل عصر؛ عصر الصحابة، وعصر التابعين، وهكذا، فيكون قصر الإجماع على عصر الصحابة فقط تخصيصا بلا مخصص، وهذا لا يصح، فإن أهل الحق في كل عصر، وليس فقط في عصر الصحابة. وذهبت دار الإفتاء المصرية إلى أنه متى ثبت الإجماع فهو حجة شرعية ، ملزمة لجميع المسلمين ، ولا يجوز لأحد الخروج عنه بدعوى الاجتهاد أو بغير ذلك من الدعاوى . واستشهدت دار الإفتاء المصرية في ذلك إلى ما ذهب له الإمام السرخسي من أن :"الإجماع موجب للعلم قطعاً بمنزلة النص ، فكما لا يجوز ترك العمل بالنص باعتبار رأي يعترض له : لا يجوز مخالفة الإجماع برأي يعترض له بعدما انعقد الإجماع بدليله