هل غير المسلمين مصيرهم النار في كل الأحوال مهما فعلوا من أعمال صالحة للآخرين ؟

تكبيرات صلاة عيد الأضحى
تكبيرات صلاة عيد الأضحى

تظل قضية الجنة والنار من القضايا الشائكة التي تؤرق كثير من المسلمين، وعلى الرغم من أن قضية الجنة والنار تبدو قضية بسيطة وتختصر في كلمتين أو خيارين، إلا أن هذه القضية هى أساس كثير من الأفكار التي بنت عليها الجماعات المتطرفة فكرها المتطرف الذي يدعو لتكفير الآخر والحكم عليه بأن مصيره للنار. فهل كل من يدين بغير الإسلام هو في النار ؟ وهل غير المسلم مهما قدم للمجتمع الذي يعيش فيه من أعمال طيبة سوف يكون مصيره النار لا محالة ؟ وهل مجرد أن يعيش غير مسلم في مجتمع مسلم برهان عليه يجعل مصير غير المسلمين النار ولا محالة ؟ يقول الإمام أبو حامد الغزالي حول هذه القضية الشائكة :(إن أكثر نصارى الروم والترك في هذا الزمان تشملهم الرحمة إن شاء الله تعالى، أعني الذين هم في أقاصي الروم والترك، ولم تبلغهم الدعوة، فإنهم ثلاثة أصناف: صنف لم يبلغهم اسم محمد صلى الله عليه وسلم أصلا، فهم معذورون، وصنف بلغهم اسمه ونعته، وما ظهر عليه من المعجزات وهم المجاورون لبلاد الإسلام والمخالطون لهم، وهم الكفار الملحدون، وصنف ثالث بين الدرجتين بلغهم اسم محمد صلى الله عليه وسلم ولم يبلغهم نعته وصفته، بل سمعوا أيضا منذ الصبا أن كاذبا ملبسا اسمه محمد ادعى النبوة، كما سمع صبياننا أن كذابا يقال له: المقفع، تحدى بالنبوة كاذبا، فهؤلاء عندي في معنى الصنف الأول، فإنهم مع أنهم لم يسمعوا اسمه سمعوا ضد أوصافه، وهذا لا يحرك داعية النظر في الطلب).

وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ

ويقول الطبري في تفسير الآية الكريمة : ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )، أن المقصود من بعد ما تبين له أنه رسول الله، وأن ما جاء به من عند الله يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، فالشرط هنا لدخول غير المؤمنين لجنهم هو أن ( يتنين لهم أن دين الإسلام هو دين الهدى ). وهؤلاء هم الذين عاشوا وكانت رسالة الإسلام موجودة ولكن لم تصل لهم رسالة الإسلام بشكل صحيح أو وصلتهم رسالة الإسلام بشكل محرف، أو بحث بنفسه عن الإسلام فوصل لإسلام متطرف مثل إسلام داعش أو الخوارج أو إسلام منحرف مثل المذهب القادياني أو غيرها من المذاهب التي زعم أصحابها أنها تمثل الإسلام الحديث، وهو مختلفون عن أهل الفترة الذين ولدوا وماتوا في الفترة ما بين إرسال الرسل والرسلات ولم يعرف الأديان.

لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ

أما الحديث النبوي الشريف المروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ"، فيقول الإمام الألباني حول هذا الحديث في صفحة 251 من المجلد السابق من كتاب سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت رقم (3093) : ما من رجل من هذه الأمة من يهودي أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار"، فيقول الألباني رحمه الله: "ثم إن حديث الترجمة يمكن عده مبينا ومفسرا لقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) مع ملاحظة قوله - صلى الله عليه وسلم - فيه: "يسمع بي"؛ أي: على حقيقته -صلى الله عليه وسلم- بشرا رسولا نبيا فمن سمع به على غير ما كان عليه -صلى الله عليه وسلم- من الهدى والنور ومحاسن الأخلاق؛ بسبب بعض جهلة المسلمين؛ أو دعاة الضلالة من المنصرين والملحدين؛ الذين يصورونه لشعوبهم على غير حقيقته -صلى الله عليه وسلم- المعروفة عنه؛ فأمثال هؤلاء الشعوب لم يسمعوا به، ولم تبلغهم الدعوة، فلا يشملهم الوعيد المذكور في الحديث"

WhatsApp
Telegram
عاجل
عاجل
أسعار الدولار اليوم الإثنين 25 نوفمبر 2024.. اعرف بكام؟