وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ ..إذا كانت الشورى غير ملزمة فلما أثنى الله عليها وهل يثني الله على ما يمكن تجاهله ؟

قرآن
قرآن

يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز في سورة الشورى : وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ : يقول ابن كثير في تفسير هذه الأية الكريمة : : لا يبرمون أمرا حتى يتشاوروا فيه ، ليتساعدوا بآرائهم في مثل الحروب وما جرى مجراها ، كما قال تعالى : ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) ولهذا كان عليه [ الصلاة ] والسلام ، يشاورهم في الحروب ونحوها ، ليطيب بذلك قلوبهم . ويقول السعدي في تفسير هذه الآية : شُورَى بَيْنَهُمْ } أي: لا يستبد أحد منهم برأيه في أمر من الأمور المشتركة بينهم، وهذا لا يكون إلا فرعا عن اجتماعهم وتوالفهم وتواددهم وتحاببهم وكمال عقولهم، أنهم إذا أرادوا أمرا من الأمور التي تحتاج إلى إعمال الفكر والرأي فيها، اجتمعوا لها وتشاوروا وبحثوا فيها، حتى إذا تبينت لهم المصلحة، انتهزوها وبادروها، أما القرطبي فقال في تفسير هذه الآية : فكانت الأنصار قبل قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم إذا أرادوا أمرا تشاوروا فيه ثم عملوا عليه ، فمدحهم الله تعالى به ، قاله النقاش . وقال الحسن : أي : إنهم لانقيادهم إلى الرأي في أمورهم متفقون لا يختلفون ، فمدحوا باتفاق كلمتهم . قال الحسن : ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم . وقال الضحاك : هو تشاورهم حين سمعوا بظهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وورد النقباء إليهم حتى اجتمع رأيهم في دار أبي أيوب على الإيمان به والنصرة له . وقيل : تشاورهم فيما يعرض لهم ، فلا يستأثر بعضهم بخبر دون بعض . وقال ابن العربي : الشورى ألفة للجماعة ومسبار للعقول وسبب إلى الصواب ، وما تشاور قوم إلا هدوا . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من النبي صلى الله عليه وسلم) رواه الشافعي والبيهقي.

اقرأ ايضا .. تِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ.. هل عاتب النبى ربّه ؟ وهل يجوز للمسلم أن يعاتب الله ؟

لكن مع ذلك فقد وجدنا جمهور من فقهاء المسلمين قالوا بأن الشورى غير ملزمة للحاكم، ولا نعلم كيف استنتجوا ذلك أو فهموه من الآية الكريم التي تعطف الشورى على الإيمان بالله وإقامة الصلاة، وذلك في شطر الآية : وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ، وفي ذلك يتوهم بعض فقهاء المسلمين أن الشورى هنا قد يكون بها بعض الأمور الشرعية، ولكن من المستحيل أن تكون هناك شورى في أمور الدين وهى بالتأكيد من أمور الدنيا، فلا يعقل أن يثني الله على الشورى ثم تكون غير ملزمة، لأنه من غير المتصور عقلا أن الله سبحانه وتعالى يثني على ما لا يمكن تجاهله، أو أن الله سبحانه وتعالى يقول ما لا يعنيه، وفي ذلك روى ابن بردويه عن على بن أبى طالب: سُئل رسول الله «ص» عن العزم فى قوله تعالى: (فإذا عزمت فتوكل على الله)، فقال: (مشاورة أهل الرأى ثم اتباعهم)».

WhatsApp
Telegram