يقول المولى في كتابه العزيز : ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ( سورة البقر -2) فلماذا استخدم الله سبحانه وتعالى ذلك الكتاب ولم يقل هذا الكتاب ؟ وكيف يجوزُ أن يكون ' ذلك ' بمعنى ' هذا '؟ و ' هذا ' لا شكّ إشارة إلى حاضر و ' ذلك ' إشارة إلى غائب غير حاضر وهل المقصود بالكتاب في الآية القرآن الكريم وكان لم يكتمل نزوله بعد أم المقصود به كتب مقدسة مثل التوراة والإنجيل ؟ جاء في تفسير الطبري ذلك الكتاب)، يعني به التوراة والإنجيل, وأن تأويل ' ذلك ' إلى هذا الوجه، لأن ' ذلك ' يكون حينئذ إخبارًا عن غائب. وقد رفض ابن كثير هذا التفسير وقال ابن كثير إن ( الكتاب ) هو القرآن . ومن قال : إن المراد بذلك الكتاب الإشارة إلى التوراة والإنجيل ،فقد تكلف ما لا علم له به . وجاء في تفسير البغوي قوله تعالى: {ذلك الكتاب}: أي هذا الكتاب وهو القرآن، وقيل: هذا فيه مضمر أي هذا ذلك الكتاب.
أما ابن كثير فقد نقل ابن جريج ، عن ابن عباس : ذلك الكتاب : هذا الكتاب . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والسدي ومقاتل بن حيان ، وزيد بن أسلم ، وابن جريج : أن ذلك بمعنى هذا ، والعرب تقارض بين هذين الاسمين من أسماء الإشارة فيستعملون كلا منهما مكان الآخر ، وهذا معروف في كلامهم . أما القرطبي فقد فسر الآية : ذلك الكتاب قيل : المعنى هذا الكتاب . و ذلك قد تستعمل في الإشارة إلى حاضر ، وإن كان موضوعا للإشارة إلى غائب ; كما قال تعالى في الإخبار عن نفسه جل وعز : ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم ; ومنه قول خفاف بن ندبة : أقول له والرمح يأطر متنه تأمل خفافا إنني أنا ذلكا
أي أنا هذا . ف ( ذلك ) إشارة إلى القرآن الكريم .