حباه الله صوتًا جميلًا في تلاوة القرآن الكريم، لدرجة أن محبيه أطلقوا عليه 'ملك المقامات'، لإتقانه الشديد لجميع المقامات الصوتية والموسيقية، الأصلية منها وحتى الفرعية، ولقب أيضا بـ 'محرك القلوب'، لتأثيره الشديد في مستمعيه وتفاعله الحي مع الآيات.. ظهرت موهبته في سن مبكرة، سافر لأكثر من 43 دولة، قارئا ومحكما لأكبر المسابقات العالمية، وآخرها مسابقة تنزانيا، تم منحه الدكتوراة الفخرية مرتين من دولة الهند.. إنه القارئ الإذاعي الكبير والمحكم الدولي الدكتور عبدالناصر حرك.
وفي حواره مع «أهل مصر»، كشف «ملك المقامات» لأول مرة عن جانب من حياته الشخصية، وكواليس اختياره بلجنة القبول ليكون قارئا معتمدا بالإذاعة، ورأيه في القراء المخالفين، كما وجه العديد من النصائح للقراء الجدد.
وإلى نص الحوار...
- حدثنا عن قصة نبوغك في حفظ وتلاوة القرآن الكريم، والمسابقات التي تم تكريمك بها، وتكريم الرئيس مبارك لك، وشعورك عندما قرأت في عزائه؟
بداية نشأتي مع القرآن كانت في قريتي 'شبرا اليمن' بمركز زفتى محافظة الغربية، وحفظت القرآن على يد جدي السيد حرك، وكان كفيف البصر، بعد ذلك جودته على يد الشيخ أجمد الهلباوي بقرية جوارنا، وبعد وفاة جدي ذهبت إلى كتاب الشيخ عبدالغني سرحان وأتممت عليه حفظ القرآن الكريم، وقدمت بعدها في العديد من المسابقات على مستوى الجمهورية حصدت فيها المراكز الأولى.
وكانت هناك مسابقة تنظمها وزارة الأوقاف لليلة القدر، يحضرها الرئيس مبارك، ورشحني شيخي في الكتاب للالتحاق بها، وكانت هناك عدة بروفات لندرب جيدا على القراءة أمام التلفاز، وقرأت أمام الرئيس مبارك في عام 1991، 1993، 1995، وآخرها عندما كنت في الجامعة عام 1998، وخلال هذه الفترة كان كبار المشايخ مثل القارئ الكبير الراحل أبو العينين شعيشع يساعدوني ويقدموا لي كافة سبل الدعم، وأيضا الرئيس مبارك لا أنسى تكريمه لي ودعمي، وعندما قرأت في عزائه تذكرت هذه الأحداث عندما كنت طفلا.
- قصة دخولك الإذاعة، وكواليس لجنة القبول، والأعضاء الذين قاموا باختبارك، وهل كان للشيخ غلوش فضل في دخولك الإذاعة؟
دخول الإذاعة أمر ليس بالسهل ويحتاج إلى مشقة وصبر، وقلما تجد قارئا يجتاز الاختبارات من أول مرة، وعندما تقدمت لاختبارات الإذاعة فوجئت بوجود الموسيقار حلمي بكر وأشاد بصوتي، ودائما ما يتحدث عني ويمدح صوتي وأدائي، وكان ايضا من ضمن اللجنة الشيخ أبو العينين شعيشع والشيخ خليل حبة والشيخ برانق، ولم أجتاز الاختبار من أول مرة، حيث أنني تقدمت عدة مرات، وكان للشيخ 'شعيشع' فضل كبير عليّ وعلى كثير من شباب القراء في دخولهم الإذاعة، حيث أنه من اقترح عليّ فكرة تقديمي للالتحاق بالإذاعة، وتم قبولي بفضل الله وبدأت في التسجيلات القصيرة، وكان أول لقاء لي عبر الهواء مباشرة 26/11/2012، بعد اعتمادي بثلاث سنوات.
بداية معرفتي بالشيخ راغب مصطفى غلوش، عندما كنت طفلا صغيرا، وكان والدي من عشاق الشيخ وأعطاني شريط بصوته، استمعت إليه عدة مرات وكنت أقلده، ثم بعد ذلك استمعت للعديد من القراء، أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ محمد عبدالعزيز حصّان، وعندما كنت شابا قام أحد 'السمّيعة' يدعى 'الحاج عنتر'، بتشغيل شريط بصوتي أمام الشيخ 'غلوش'، فرد عليه الشيخ: 'أنا مبحبش اسمع نفسي'، ليرد عليه الرجل: 'دا شاب اسمه عبدالناصر حرك'، فتفاجأ الشيخ راغب، وابتدت معرفتنا المباشرة، وكان دائما يشيد بصوتي ويقربني منه، وفي آخر أيام حياته كنت أجالسه لأتعلم منه وأسمتع إلى نوادره مع القراء، وكان رحمه الله شديد التواضع، لا يبخل عليّ بأي شئ.
- حدثنا عن الجانب الشخصي لفضيلتك، والبرنامج اليومي الذي اعتدت عليه، وكيف تحضر لحفلاتك، خاصة تلاواتك خارج مصر؟
أبدأ يومي بصلاة الفجر في مسجد بنيته بفضل الله بجوار منزلي، ثم أطلع مع شقيقي ومدير أعمالي الشيخ وائل حرك على برنامجي اليومي، حيث أنه مسؤول عن تنظيم حفلاتي سواء داخل مصر أو خارجها، وأجلس مع أولادي أتابع أمورهم، وقد أحضرت أحد المشايخ ليحفظهم القرآن.
وقد رزقني الله بثلاث بنات: مريم، ميار، ومودة، أصواتهم جميلة بفضل الله ونجلس جميعا ويكون معنا أولاد أخي، ويتبادلون تلاوة القرآن والابتهالات والأناشيد، لكنني لا أحبذ ظهورهم، لأنني أحب الخصوصية.
أما عن تنظيم الحفلات، فكل مناسبة لها الشعور والقالب الخاص بها، وأقوم بتحضير هذه التلاوات مع شقيقي وائل، وبعدما التحقت بالإذاعة بثلاث سنوات كنت أتناقش مع مدرب الأصوات الدكتور طه عبدالوهاب بخصوص هذا المقام، خاصة أنه كان مهملا منذ عدة سنوات، وبعدما استمعت إليه من القراء: علي محمود، محمود محمد رمضان، ومحمد رمضان، تعلقت به كثيرا وبدأت أقرأ به، وأذنت 'أذان الكرد'، وبدأ زملائي القراء بعد ذلك يقرأون به.
كيف ترى القراء المخالفين، وبم تنصحهم، وكيف تتعامل معهم؟
يجب على القراء المخالفين أن يلتزموا بآداب تلاوة القرآن، بداية من الحفظ وتعلم أحكام التجويد، لأننا نسافر إلى الخارج وهناك يرون أن مصر أصبح بها انحدارا في التلاوة، ويخبروني دائما أن مصر هي قبلة التلاوة في العالم، كيف وصل بها الحال إلى هذا المستوى السيئ لبعض القراء.
وللأسف الشديد 'السوشيال ميديا'، سلطت الضوء على أشخاص دون المستوى، وأهملت مواهب وأصوات جيدة، فهي سلاح ذو حدين، وعندما يتم استدعائي للتلاوة سواء في مصر أو خارجها، أسأل عن القارئ الذي سيقرأ معي، فإن وجدته من قائمة القراء المخالفين أعتذر عن التلاوة، وحدث ذلك قريبا حينما دعيت للتلاوة في إحدى الدول.
ومن أهم أسباب انتشار القراء المخالفين 'سماسرة المآتم'، حيث أنهم يلجأون إلى أساليب غير مشروعة في الانتشار، وكتابة تعليقات غير مناسبة ومبالغ فيها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى انخدع بهم الكثيرون ووصلنا إلى هذه المرحلة.
من أفضل قارئ موجود على الساحة حاليا، وأكثرهم انتشارا خارج مصر؟
الدكتور أحمد نعينع بالتأكيد هو أفضل القراء الموجودين على الساحة حاليا، فهو رجل تاريخ وهو من مدرسة الشيخ مصطفى إسماعيل، وأكثر القراء الموجودين حاليا الذين سافروا لدول خارج مصر، وعندما أسافر لأي دولة يسألوني دائما عن الشيخ نعينع، وأسأل الله دوام الصحة والعافية، وأدعوا القراء الموجودين على الساحة حاليا الاستفادة منه ومن أسلوبه الراقي في التلاوة.
(انتظروا الجزء الثاني من الحوار...)