يقول المولى عز وجل في سورة آل عمران الأية 30: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ، فكيف يحذر الله عباده منه ويكون رؤوفا بهم في نفس الوقت ؟ وما هو تفسير هذه الأية، يقول ابن كثير في تفسير هذه الأية ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾؛ أي: يُخوفكم عقابه، ثم قال مرجيا لعباده؛ لئلا ييئَسوا من رحمته ويقنطوا من لطفه: ﴿ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾. ويورد ابن كثير في تفسير هذه الآية عن الحسن البصري قوله : قال الحسن البصري : من رأفته بهم حذرهم نفسه . أي رحيم بخلقه ، يحب لهم أن يستقيموا على صراطه المستقيم ودينه القويم ، وأن يتبعوا رسوله الكريم . وينقل الطبري في تفسير عن إسحاق قال، أخبرنا عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن عمرو، عن الحسن في قوله: " ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد "، قال: من رأفته بهم أن حذَّرهم نفسه، وفمعنى قول الله عز وجل: "ويحذركم الله نفسه" أي يحذركم ويخوفكم من نفسه إذا ارتكبتم معاصيه، فإنه سينزل بكم عقابه. قال ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية: يعني تعالى ذكره بذلك ويخوفكم الله من نفسه أن تركبوا معاصيه أو توالوا أعداءه. وقال البغوي: أي يخوفكم الله عقوبته على موالاة الكفار وارتكاب المنهي ومخالفة المأموربه المسلم
وفي تفسير المراغي (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) أي عقاب نفسه، وفائدة ذكر (نفسه) الإيماء إلى أن الوعيد صادر منه تعالى وهو القادر على إنفاذه ولا يعجزه شيء عنه. وفي ذلك تهديد عظيم لمن تعرض لسخطه بموالاة أعدائه، لأن شدة العقاب بحسب قوة المعاقب وقدرته. ويقول الإمام الشعرواي في تفسير هذه الآية : والحق سبحانه يقول: (وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ والله رَؤُوفٌ بالعباد) إن الحق سبحانه يكرر التحذير لنستحضر قوته المطلقة، ولكنه أيضا رءوف بنا رحيم ومن بعد ذلك يقول الحق سبحانه: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ الله...)