في تطور ميداني مفاجئ يعيد خريطة المواجهات إلى نقطة الاشتعال، أعلنت فصائل من المعارضة السورية المسلحة أنها باتت "على أبواب مدينة حمص"، بعد سيطرتها على عدة قرى وبلدات متاخمة للمدينة الواقعة وسط سوريا، والتي تعد من أبرز معاقل النظام خلال السنوات الماضية.
وقالت مصادر تابعة للمعارضة إن مقاتليها تمكنوا خلال الـ48 ساعة الأخيرة من التقدم في ريف حمص الشمالي، والسيطرة على قرى استراتيجية أبرزها تلبيسة، الغنطو، والدار الكبيرة، ما يضعهم على مشارف المدينة التي طالما شكلت شريانًا حيويًا لخطوط الإمداد العسكرية باتجاه الساحل السوري والعاصمة دمشق.
تقدم مفاجئ وسط صمت رسمي
ورغم الأنباء المتواترة عن انهيارات في الخطوط الدفاعية التابعة للنظام السوري في محيط حمص، لم يصدر أي تعليق رسمي من وزارة الدفاع السورية حتى اللحظة، بينما تحدثت مصادر ميدانية عن انسحابات تكتيكية من بعض المواقع بعد تعرضها لقصف مكثف وهجمات منسقة من قبل فصائل المعارضة.
وأظهرت صور متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عناصر من المعارضة وهم يرفعون راياتهم على مقار عسكرية ومستودعات للذخيرة، قالوا إنها تابعة للجيش السوري، وسط حديث عن اغتنام آليات ثقيلة وكمية كبيرة من الأسلحة والذخائر.
معركة "بوابة حمص".. هل تتكرر سيناريوهات 2012؟
محللون عسكريون حذروا من أن التقدم الأخير يفتح الباب أمام تكرار سيناريوهات دامية شهدتها حمص في العام 2012، حين اندلعت مواجهات عنيفة بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة انتهت بتدمير أجزاء كبيرة من المدينة وخروج عشرات الآلاف من السكان.
وقال الخبير العسكري العميد المنشق "فايز الأسمر" في تصريحات صحفية إن "التقدم الأخير يعني كسر الطوق الأمني الذي فرضه النظام حول المدينة لسنوات، وإذا لم يتحرك سريعًا، فإن قوات المعارضة ستكون قادرة على التوغل أكثر وربما تنفيذ عمليات داخل المدينة نفسها".
استعدادات لمرحلة جديدة
من جانبها، أعلنت فصائل المعارضة أنها بصدد تنفيذ "المرحلة الثانية" من عملياتها العسكرية في المنطقة، مشيرة إلى أن الهدف النهائي هو استعادة السيطرة على مدينة حمص بالكامل، التي كانت تُعد يوما ما "عاصمة الثورة السورية"، قبل أن تستعيدها قوات النظام بموجب اتفاقات تهجير قسري.
في المقابل، تحدثت مصادر مطلعة عن استنفار كامل لقوات النظام داخل حمص، وتحرك تعزيزات عسكرية قادمة من مطار الشعيرات وقاعدة فرق الدفاع الوطني باتجاه الجبهات المشتعلة في الريف الشمالي للمدينة.
تساؤلات حول موقف روسيا
في ظل هذا التصعيد، تبرز تساؤلات حول موقف القوات الروسية الموجودة في قواعد قريبة من حمص، مثل قاعدة "تيفور" الجوية، خاصة أن التدخل الروسي لطالما كان عاملًا حاسمًا في قلب ميزان القوى لصالح النظام. إلا أن غياب أي مؤشرات على تدخل جوي روسي حتى الآن قد يعكس إما مفاجأة روسية بالتطورات أو إعادة تموضع استراتيجي في ضوء انشغال موسكو بملفات أخرى.