يتصدى الرئيس عبد الفتاح السيسي بشجاعة تاريخية إلى أصعب وأقسى ملفات مصر عبر العصور وهي الإصلاح الاقتصادي وتأسيس دولة القانون، ويقترب دون خوف من خطوط حمراء تحاشى كل من سبقه من رؤساء ومسئولين تنفيذيين الاقتراب منها أو حتى مناقشتها، وكانت النتيجة أن تحولت مصر إلى كلتة من العشوائيات وفوضى البناء التي لا ترضى أحدا حتى ساكنيها.
الأخطر هو امتداد يد العبث الإسكاني إلى الأراضي الزراعية التي يأكل منها المصريون أنفسهم، والأرقام المفزعة عن حجم التعدي على الأراضي الزراعية وتعمد تبويرها حتى تدخل ضمن أحزمة المباني، وما ترتب على ذلك من ابتعاد الفلاح المصري صاحب السمعة العالمية عن أرضه التي يزرعها منذ آلاف السنين، حتى إن كتب التاريخ كانت تصف مصر بسلة غذاء العالم.
إحصائيات وزارة الزراعة تخبرنا بأرقام مفزعة عن ضياع 400 ألف فدان، خلال الـ20 عامًا الماضية، وأن نسبة التعدي السنوية تبلغ 17 ألف فدان سنويا من الأراضي القديمة جيدة الزراعة ومرتفعة الخصوبة، والتى يوازى الفدان فيها خمسة أفدنة في الأراضي الجديدة، وأننا من الممكن أن نصحو يوما ونجد رقعتنا الزراعية قد اختفت، ونعيش سيناريوهات مرعبة عن نقص السلع الغذائية مع الزيادة السكانية، ونلجأ للاستيراد لتلبية الطلب المحلى، وينهار الجنيه أمام الدولار فتتضاعف الديون حتى الوصول إلى محطة الدولة الفاشلة.
الرئيس السيسي قرر استباق سيناريوهات الكارثة القادمة لا محالة إذا ما استمر هذا الهدر في الأراضي الزراعية والتوسع الإسكاني غير المخطط، وما يترتب عليه من سرقه للتيار الكهربائي وانهيار لشبكات الصرف غير المستعدة لتلك الأحمال الجديدة.
قرر الرئيس الثورة على انتهاك القانون والتخوف من مواجهة الناس، وتطبيق القانون لحماية ما تبقى من ثروة مصر الزراعية، إنقاذ الناس من تصرفاتهم العشوائية والنتائج الكارثية لسيادة منطق الاستفادة الشخصية وليذهب الباقون للجحيم.
تحدث الرئيس بغضب يحمل كل الصدق نحو رجل قرر أن يقوم بمهمته ويرهن بها مصيره، كان يمكنه بسهولة إزاحتها عن كاهله وتصديرها لمن يأتي بعده ويبقى على شعبيته كرجل أنقذ الوطن وحقق إنجازات عديدة، لكنه اختار الطريق الصعب وقرر أن يمضى فيه حتى يؤسس لدولة جديدة تحترم القانون ولا تحركها العواطف، دولة عظمى يفخر أبناؤها بالانتماء إليها.
وضع الرئيس بشفافية، وعلى الهواء مباشرة، كل المسئولين فى الدولة أمام الرأي العام كشركاء في المسئولية، قال الرئيس إنه لن يقبل باستمرار تلك الاوضاع المقلوبة مهما كانت العواقب، وأعلن قراره السياسي واستكمال حرب التحدى والإصرار على وضع نهاية لكل أشكال التعديات على الأرض الزراعية إنقاذاً لمستقبل مصر ورقعتها الزراعية التى تواجه تحديات جسيمة، لن يقبل أي اعذار، ورهن بقاءه بتنفيذ تلك المهمة.
وضع الرئيس، الشعب المصري الذي ثار من قبل من أجل القضاء على الفساد وإنفاذ القانون وإنقاذ مصر أمام ضميره، وسأل: هل يقبل استمرار تلك المظاهر العشوائية فى مجتمعنا، أن يستمر من يسيئون لنا بمعايرتنا بمشاهد المباني القبيحة والقمامة المنتشرة وطفح الصرف الصحي، أن يستمر سكان تلك المناطق في الشكوى والضجر من ضعف وقلة الخدمات المقدمة لهم وتنقلها القنوات المعادية لتسيء وتشكك في صورة مصر الجديدة.
لن تأتي الدولة على حق أحد، بل هى تريد وقف التعدي وتنظيم عملية البناء ليليق بمصر والمصريين، ووقف إهدار ثروتنا الزراعية وأن تتولى هى مسئولية البناء ومد شبكات الخدمات المختلفة دون المساس بالرقعة الزراعية وتستبدل البناء العشوائي بإسكان منضبط ذي طابع جمالى.
لم يكن غريبا أن تستغل لجان الجماعة الإرهابية وحلفاؤها ما قاله الرئيس عن رحيله إذا ما تقاعست أجهزة الدولة في المواجهة، لكن المفاجأة جاءتهم بأسرع مما يتوقعون، لقد تسيد هاشتاج "شعب مصر معاك يا ريس" مواقع التواصل الاجتماعى، وفيه الآلاف من رسائل الدعم المتوقعة من الشعب المصري للرئيس السيسي، لاستكمال معركته مع الفساد والإهمال وتنفيذ العهد الذى قطعه على نفسه بإنقاذ مصر.