محمود بسيوني يكتب: غضب الرئيس

الكاتب الصحفي ـ محمود بسيوني
الكاتب الصحفي ـ محمود بسيوني
كتب : أهل مصر

يتصدى الرئيس عبد الفتاح السيسي بشجاعة تاريخية إلى أصعب وأقسى ‏ملفات مصر عبر العصور وهي الإصلاح الاقتصادي وتأسيس دولة ‏القانون، ويقترب دون خوف من خطوط حمراء تحاشى كل من سبقه من ‏رؤساء ومسئولين تنفيذيين الاقتراب منها أو حتى مناقشتها، وكانت النتيجة أن تحولت مصر إلى كلتة من العشوائيات وفوضى البناء التي لا ترضى ‏أحدا حتى ساكنيها.‏

الأخطر هو امتداد يد العبث الإسكاني إلى الأراضي الزراعية التي يأكل ‏منها المصريون أنفسهم، والأرقام المفزعة عن حجم التعدي على ‏الأراضي الزراعية وتعمد تبويرها حتى تدخل ضمن أحزمة المباني، وما ‏ترتب على ذلك من ابتعاد الفلاح المصري صاحب السمعة العالمية عن أرضه التي يزرعها منذ آلاف السنين، حتى إن كتب التاريخ كانت تصف ‏مصر بسلة غذاء العالم.‏

إحصائيات وزارة الزراعة تخبرنا بأرقام مفزعة عن ضياع 400 ألف ‏فدان، خلال الـ20 عامًا الماضية، وأن نسبة التعدي السنوية تبلغ 17 ألف ‏فدان سنويا من الأراضي القديمة جيدة الزراعة ومرتفعة الخصوبة، والتى ‏يوازى الفدان فيها خمسة أفدنة في الأراضي الجديدة، وأننا من الممكن ‏أن نصحو يوما ونجد رقعتنا الزراعية قد اختفت، ونعيش سيناريوهات ‏مرعبة عن نقص السلع الغذائية مع الزيادة السكانية، ونلجأ للاستيراد لتلبية ‏الطلب المحلى، وينهار الجنيه أمام الدولار فتتضاعف الديون حتى ‏الوصول إلى محطة الدولة الفاشلة.‏

الرئيس السيسي قرر استباق سيناريوهات الكارثة القادمة لا محالة إذا ما ‏استمر هذا الهدر في الأراضي الزراعية والتوسع الإسكاني غير المخطط‏، وما يترتب عليه من سرقه للتيار الكهربائي وانهيار لشبكات الصرف ‏غير المستعدة لتلك الأحمال الجديدة.‏

قرر الرئيس الثورة على انتهاك القانون والتخوف من مواجهة الناس، ‏وتطبيق القانون لحماية ما تبقى من ثروة مصر الزراعية، إنقاذ الناس من ‏تصرفاتهم العشوائية والنتائج الكارثية لسيادة منطق الاستفادة الشخصية ‏وليذهب الباقون للجحيم.‏

تحدث الرئيس بغضب يحمل كل الصدق نحو رجل قرر أن يقوم بمهمته ‏ويرهن بها مصيره، كان يمكنه بسهولة إزاحتها عن كاهله وتصديرها لمن ‏يأتي بعده ويبقى على شعبيته كرجل أنقذ الوطن وحقق إنجازات عديدة، ‏لكنه اختار الطريق الصعب وقرر أن يمضى فيه حتى يؤسس لدولة جديدة ‏تحترم القانون ولا تحركها العواطف، دولة عظمى يفخر أبناؤها بالانتماء إليها.‏

وضع الرئيس بشفافية، وعلى الهواء مباشرة، كل المسئولين فى الدولة أمام ‏الرأي العام كشركاء في المسئولية، قال الرئيس إنه لن يقبل باستمرار تلك ‏الاوضاع المقلوبة مهما كانت العواقب، وأعلن قراره السياسي واستكمال ‏حرب التحدى والإصرار على وضع نهاية لكل أشكال التعديات على ‏الأرض الزراعية إنقاذاً لمستقبل مصر ورقعتها الزراعية التى تواجه ‏تحديات جسيمة، لن يقبل أي اعذار، ورهن بقاءه بتنفيذ تلك المهمة.‏

وضع الرئيس، الشعب المصري الذي ثار من قبل من أجل القضاء على ‏الفساد وإنفاذ القانون وإنقاذ مصر أمام ضميره، وسأل: هل يقبل استمرار ‏تلك المظاهر العشوائية فى مجتمعنا، أن يستمر من يسيئون لنا بمعايرتنا ‏بمشاهد المباني القبيحة والقمامة المنتشرة وطفح الصرف الصحي، أن ‏يستمر سكان تلك المناطق في الشكوى والضجر من ضعف وقلة الخدمات ‏المقدمة لهم وتنقلها القنوات المعادية لتسيء وتشكك في صورة مصر ‏الجديدة.‏

لن تأتي الدولة على حق أحد، بل هى تريد وقف التعدي وتنظيم عملية البناء ‏ليليق بمصر والمصريين، ووقف إهدار ثروتنا الزراعية وأن تتولى هى ‏مسئولية البناء ومد شبكات الخدمات المختلفة دون المساس بالرقعة ‏الزراعية وتستبدل البناء العشوائي بإسكان منضبط ذي طابع جمالى. ‏

لم يكن غريبا أن تستغل لجان الجماعة الإرهابية وحلفاؤها ما قاله الرئيس ‏عن رحيله إذا ما تقاعست أجهزة الدولة في المواجهة، لكن المفاجأة ‏جاءتهم بأسرع مما يتوقعون، لقد تسيد هاشتاج "شعب مصر معاك يا ريس" ‏مواقع التواصل الاجتماعى، وفيه الآلاف من رسائل الدعم المتوقعة من ‏الشعب المصري للرئيس السيسي، لاستكمال معركته مع الفساد والإهمال ‏وتنفيذ العهد الذى قطعه على نفسه بإنقاذ مصر. ‏

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
رفع جلسة معارضة إمام عاشور على حكم حبسه 6 شهور للقرار